نعم أريد الترفيه .. ولكن !!
/ أشواق الشميمري *
لكل مجتمع نمطية معيشة خاصة به تتأثر بالثقافة المجتمعية له وتُشكّـل هذه الثقافة عواملَ عدّة أحدها الحضارات السابقة القديمة التي تنامت بشكل تراكمي مؤثر وكذلك التأثر الديني الذي يعتنقه ذلك المجتمع ..
وعوامل أخرى كالميول الفنية والموسيقية التي تُنتج نغم خاص يتميز به مجتمع عن مجتمع ..
ثم ينتج لدى كل مجتمع سلوكيات وأفعال وقناعات تتقولب لتشكل ما يُسمى العادات والتقاليد..
ومن الأهمية بمكان أن يتم دراسة أرضية كل مجتمع قبل عملية نقل الحضارات أو الثقافات بين بعضها البعض ..
فإنّ نقل ثقافة مجتمع إلى مجتمع آخر ينافي ثقافته وينقض عاداته وتقاليده بل ويضادها هو محض تهور وتعدّي على الخصوصيات المجتمعية !!
فتخيلوا لو أنّ مهرجان الجنادرية أقيم في اليابان أو أمريكا لعامة الناس ، قد يصادفُ قبولا وقد يواجه رفضًا أو سخرية (وطقطقة) مع ضرورة التنبّه بأنّ مهرجان الجنادرية بعامته يحترم الأخلاق الإنسانية ولكن مع ذلك يظل ثقافة مجتمع خاصة ..
ولكن ما الذي حدث قبل أيام ؟
لقد توقف الزمن لـ لحظات من الذهول
كان المشهد كالمهل يغلي في الصدور !!
فلا أخال أنّ فعالية كوميك كون في جدة هي ما كان ينتظره الشعب من الترفيه !!
إذْ لا أخال أبدًا بأنّ ذائقة الشعب الترفيهية ساقطة الذوق وتافهة العمق ليكون سقف الطموح الترفيهي أن نكون في وسط ضجيج مخزّي نخشى من خلفه أن تخسف بنا الأرض أو تهوي بنا ريحٌ في مكان سحيق !!
إذْ تم استقاء ثقافات مجتمعية مناهضة ومضادة ، وإقصاء لهويتنا وقيمنا !!
لم يُنتقى الأرقى والأجود بل كان الأوضع والأسوء !!
ولعل المضحك المبكي أن كثيرا من الغربيين لديهم ضوابط أخلاقية وارتقاء فكري ويعصمون ذائقتهم وذائقة صغارهم عن هذا الإسفاف !!
إن كانت وزارة الترفيه لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كانت تدري فالمصيبة أعظم !!
أكانت الوزارة هي المسؤولة أم شركة تايم المنظمة للفعالية
فكلامها مشترك في الخزي !!
فالأولى فتحت الأبواب والأخرى دخلت بشرها !!
كنا قد استبشرنا خيرا مع وزارة الترفيه ..
كنا ننتظر احتياجات تلامس حاجة المجتمع..
كنا ننتظر حدائق من نوع فاخر وبأرقى معايير الجودة
مدن ترفييهة راقية واسعة شاملة تخدم الرجال والنساء
مسابح مائية كأتلانتس في دبي أيام للرجال وأيام للنساء
نوادي رياضية نسائية متكاملة وراقية في معظم الأحياء..
متاحف متعددة ومنتجعات للتدريب على الخيول ..
مراكز لتدريب الرماية معلومة ومعروفة ومتعددة ..
كنا ننتظر أمور هي أجمل بكثير وأهم بكثير
لم نكن ننتظر أن نبدأ بالسقوط بالوحل !!
ثم إنّ الوزارات جميعها إذا لم تتضافر جهودها لترفيه المواطن فالأمر أشبه بالبندول المؤقت..
أنْ أذهب للترفيه وسط ازدحام وتعرجات في الطريق وتحويلات ولا نجد مكان تقف فيه السيارات وأخرج منها لأعاني ذات الأمر لأصل لمنزلي مثقلة بالتعب فأيّ ترفيهٍ هذا !!
عندما تكتمل حاجات المرء الأساسية التي تكفل له الحياة الكريمة من تعليم جيد وراقٍ وصحة لا عناء في الحصول عليها وسكن محترم آمن تحدثوا عن الترفيه ..
أما أن أحيا حلم الترفيه لأصحو على واقعٍ مرهق
فهذا مصلٌ مؤقت ومع الوقت سينعدم مفعوله !!
والجدير بالذكر أنّ هناك فعاليات فاخرة ولكنها كانت برعاية جهات أخرى لم تكن وزارة الترفيه ..
كـ حكايا مسك / منتجون / إثراء المعرفة وغيرها
لم ينالها استهجان العامة كما يجري الآن ..
لأنها هادفة واحترمت الذوق العام والأخلاق ..
وأخيرا ..
قد يقال ما يعجبك قد لا يعجب آخرون
وما يُعجب الآخرون قد لا يُعجبك ..
هذه حقيقة لا اعتراض حولها ولا اختلاف عليها لاختلاف طبائع البشر ، ولكن حينما يكون لما لا يعجبني مرجعية مؤصلة شرعا فحينها الحقُّ أحق أن يُتبع ..
الحريات مكفولة للجميع بلا شك فمن أراد أن يحيا ملحدا فله ذلك ، ومن أراد أن يضاجع الفسق ويثمل من كأس الفجور كل ليلة فله ذلك .. ولكن بينه وبين ذاته ..
أو هناك في بلاد المنشأ لها ..
لكن في بلاد تحتضن أطهر البقاع فهذا انتهاك للغيرة العامة واحتقار لضوابط الأخلاق وتحديّ سافر في وجه الدين ..
واقرؤا بـ وعي وبحسٍ يربط بالواقع قوله تعالى :
“وضرب الله مثلا قرية كانت آمنةً مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان فكفرتْ بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون”
“حتى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ”
فهل ستتفكرون ؟؟!!
* جدة