اقتصاد

“الجراب القشّاشي”.. حرفة تحكي قصة المكان والإنسان

مكة المكرمة – واس:
تُبرز حِرفة حياكة الجراب القشّاشي المكي ضمن معرض “حِرفة مكة”، الذي يأتي في إطار الفعاليات المصاحبة لمؤتمر الحِرف اليدوية “هوية وإبداع”، بوصفها إحدى الحِرف التراثية العريقة التي شكَّلت جزءًا أصيلًا من نمط المعيشة في مكة المكرمة والمناطق المجاورة لها، ولا تزال حتى اليوم شاهدًا حيًّا على براعة الإنسان في توظيف موارد البيئة لخدمة المجتمع.
ويُعد الجراب القشّاشي منتجًا يدويًا تقليديًا يحاك من سعف النخيل وأليافه الطبيعية، وقد اُستخدم قديمًا في حفظ المؤن ونقل الحبوب والتمور والأدوات المنزلية، كما شمل استخدامه صناعة جراب للسكين من الجلد، يتميز بنقوش ورسمات جمالية تُضفي طابعًا خاصًا على حامله، ويُزين بخرز القشّاشي المصنوع من القصدير والرصاص، ما يُكسبه ثبات اللون وعدم تأثره بالعوامل الخارجية.
وتُنفذ عملية التزيين عبر تقصيب أو لف الأسلاك على مقبض السكين، وتطعيمه بقطع نحاسية ذات طابع زخرفي، مع لف السلك بدرجات مختلفة يُبدع فيها الحرفي في أساليب التزيين والتطعيم بالنحاس أو الفضة، بما يعزز من ثبات اليد أثناء الاستخدام وقوة المقبض.
وحِرفة الجراب القشّاشي من الحِرف المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالبيئة، إذ تعكس علاقة الإنسان بمحيطه الطبيعي، حيث اعتمد الحرفيون على خامات محلية متوفرة، أبرزها سعف النخيل، الذي يُجفف ويُعالج بطرق تقليدية دقيقة قبل الشروع في عملية الحياكة، التي تتطلب مهارة يدوية عالية وصبرًا طويلًا، وتُنفَّذ بأنماط زخرفية بسيطة تحمل هوية المكان وتعكس الذائقة الجمالية للمجتمع المكي.
كما ارتبط الجراب القشّاشي بمناسبات اجتماعية وأدوار معيشية محددة؛ مما منحه قيمة رمزية تتجاوز وظيفته المادية من مجرد أداة للاستخدام اليومي إلى منتج ثقافي يحمل دلالات اجتماعية وتاريخية، ومع تغير أنماط الحياة، تراجع الاستخدام اليومي لهذه الحرفة، إلا أنها لم تختفِ، بل أُعيد تقديمها ضمن مسارات إحياء الحِرف التراثية، حيث باتت تُعرض في المعارض الثقافية والمهرجانات التراثية، وتُوظف في تصميم منتجات حديثة تحافظ على روح الأصالة وتلبي متطلبات العصر.
ويُسهم المعرض في تحويل هذه الحِرف اليدوية إلى منتج ثقافي واقتصادي يدعم الحرفيين، ويُعزز فرص العمل، ويُسهم في تنمية الصناعات اليدوية، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى حماية التراث الوطني وتعزيز الاقتصاد الثقافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى