مقالات

الطلاق ورخصة الزواج

 

بقلم 16144386_10154970632563552_1169364435_nد. مـحـمـد يـونــس

مجتمعنا بحاجة عاجلة إلى سن قانون يفرض على الراغبين في الاقتران من الجنسين ، الحصول على رخصة  زواج تؤهلهم لقيادة الحياة الأسرية، لوقف التدهور الخطير في الأسرة في بعض مجتمعاتنا العربية ، تزايدت نسبة الطلاق من 7% الى %40 خلال 50 عاما  لترتفع إلى 240حالة طلاق  يومياً ، بمعدل حالة كل 6 دقائق وبذلك اصحبت مصر الأولى عالميا  في أبغض الحلال!!

هذه المرتبة وتلك الإحصائيات تضمنها تقرير صادر عن الأمم المتحدة، ومركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء هذا العام ،وعزت الأمم المتحدة ذلك فى تقريرها للظروف الاجتماعية والاقتصادية، والصحية، فضلا عن نقص الوعي أو إدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الانترنت، ما جعل هناك تزايدا فى نسب الطلاق، وبالأخص الناتج عن قانون الخلع.

رخصة الزواج التي  ندعو إليها لا نقصد بها زيادة ترسانة القوانين التي تكبل حياة الناس، وإنما تأهيل الشباب المقبلين على الزواج بالحد الأدنى من المعلومات والمهارات المطلوبة للعيش المشترك، فإذا كانت قيادة ماكينة صماء كالسيارة تحتاج إلى رخصة ، فما بالنا بقيادة اسرة بكل تعقيداتها الاجتماعية والنفسية؟

قد يقول قائل : لماذا الدعوة إلى ذلك  في حين أن آباءنا وأجدادنا على مدى قرون عديدة تزوجوا وعاشوا حياة أسرية ناجحة بدون الحاجة الى  مثل هذه الرخصة؟

ونجيب بأن حياتنا اليوم قد تغيرت وجدت عليها تطورات متلاحقة من أكثر من زاوية :

أولا : أن الانترنت أحدثت خللا هيكليا في بنية الحياة الأسرية تمثل في إيجاد مصادر اخرى للمعرفة خارج سلطة الأبوين، فلم يعد الأبناء اليوم يستقون معارفهم من الوالدين فقط  وانما انفتحوا على آفاق  أخرى في شبكة المعلومات الدولية ادت الى تقلص دور الأسرة في التربية والتوجيه وضياع الكثير من المفاهيم والمبادئ  التي شكلت لقرون سياجا حافظا للأسرة .

ومن ناحية أخرى جعلت وسائل الاتصال والتواصل الجديدة الأبناء منشغلين بها حتى مع وجودهم داخل الأسرة، حيث يكون التواجد جسديا فقط بينما تنشغل عقولهم بالأجهزة الذكية من هواتف وحاسبات وغيرها، ومن ثم قلت مساحات الحوار والتواصل بين الوالدين والأبناء.

ثانيا: انشغال الوالدين بتدبير نفقات الحياة ومطالب الأولاد ، قلل الوقت الذي يمكن تخصصيه للحوار سواء فيما بينهم أو مع الأبناء ، فمع ولجوء الوالد الى اكثر من عمل، تزايدت  درجة التوتر داخل البيت ومن ثم اصبح  الأبناء يعايشون أجواء الخلافات الأسرية.

ثالثا: بخروج المرأة للعمل وتحملها جزءا من نفقات، البيت أصبح في المنزل أكثر من قائد وربما اكثر من وجهة نظر ومن ثم قللت مساحة المعارف والسلوكيات والقيم المتفق عليها داخل الأسرة مما احدث نوعا من التشويش في ذهن الأبناء واختفى اليقين المعرفي بشأن  الكثير من القيم الأسرية وتحول الأمر – في بعض الاحيان – من تشاور بين الزوجين الى صراع لفرض الرأي ، و عندما يصبح للمركب رئيسان فإن احتمال الغرق يزداد .

رابعا: تزايد معدلات الطلاق ،فقد  بلغ إجمالى عدد حالات الطلاق عام 2015، 250 ألف حالة طلاق وخلع بمصر، بزيادة عن عام 2014 بـ89 ألف حالة، وفى المقابل ترددت مليون حالة على محاكم الأسرة خلال 2014.، مما جعل الطلاق حل مقبول وأليف لدى الأبناء .

خامسا : الاستفادة من  تجارب الدول الأخرى لمواجهة هذه المشكلة، حيث لجأت بعض الدول إلى فرض رخصة زواج لمواجهة زيادة حالات  الطلاق، فقد نجحت تجربة ماليزيا في إصدار رخصة القيادة الأسرية، وتمكنت خلال سنوات قليلة من أن تصبح إحدى أقل دول العالم في نسبة الطلاق، إذ وصلت فيها إلى أقل من 8%، خلال السنوات الأخيرة، بعدما تجاوزت خلال فترة التسعينات نسبة الـ32%.، واليوم لا يسمح للشباب في ماليزيا بالزواج دون الخضوع للدورات التدريبية التي تمنح “الرخصة العائلية”.وتتضمن الدورات دروساً حول الحياة الزوجية، فيما تتيح المعاهد التي تقدم البرنامج فترات يلتقي فيها الطرفان من أجل تعارف أكثر.

وفي الإمارات تعكف عدد من الجهات المعنية على وضع خطة لتنفيذ مشروع إصدار رخصة لـ«القيادة الأسرية» تكفل خضوع المقبلين على الزواج لدورات تدريبية تسهم في تأهيلهم لحمل مسؤوليات الحياة العائلية، واكتساب الخبرات المطلوبة لإدارة شؤون الأسرة.

وفي تونس بدأ تنظيم دورات للحصول على رخصة الزواج، وتستهدف الدورات بناء مشروع أسري  ناجح واكتساب المهارات وفن التواصل بين الطرفين. وتعليم كيفية إدارة الخلافات.

بالتأكيد ان رخصة الزواج  في حد ذاتها ليس الحل الوحيد، أخذا في الاعتبار التحديات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تواجهها مجتمعاتنا، ولكنها على الأقل تنحي واحدا من ابرز أسباب الطلاق وهو الجهل بأسس قيادة سفينة  الحياة الأسرية، ومن هنا تتضاعف أهمية تعلم فن هذه القيادة في عصرنا الذي   تتزايد فيه الأمواج العاتية والأعاصير المدمرة، وترتفع  سرعة الرياح التي  تأتي في أوقات كثير على عكس ما تشتهي سفينة الأسرة!

[email protected]

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى