بضغطةِ زر

بقلم – أ. يوسف البيشي:
سينتهى كلُّ شيء في علاقاتنا نحن البشر … إنه عصر مشوه ولا يمكن بكل الأحوال أن نميل إلى قلب صادق يستمر معنا حتى آخر أنفاسنا…
تلكَ الضحكاتُ التي ملأت القلب، والوعودُ التي نقشت على جدرانِ الروح، والقصصُ التي لم تكتملْ فصولها بعد، كلها تحولت إلى “حَظْر أو إلغاء”.
أصبحنا غرباءَ في قائمةِ أسماء، وأرقامًا صامتةً في سجلاتِ النسيانِ الرقمي.
لم نعُد نحتاجُ لرسائلِ الوداعِ ، ولا لنظراتِ العتابِ الأخيرة.
ضغطةٌ واحدةٌ كانت كفيلةً بأن تمحو تاريخًا بأكمله، وتُطفئ وهجًا كان يومًا يضيءُ عتمةَ أيامِنا.
أصبحَ الفراقُ باردًا كشاشاتِ هواتفِنا، وسريعًا كسرعةِ الضوءِ في أليافِ الاتصالات. فلم يتبقَّ لنا سوى “آخر ظهور” كشاهدٍ بائسٍ على حكايةٍ كانت حيةً يومًا ما.
وبهذه السهولةِ القاتلة، نُنهي أعزَّ قصة قصيرة.
نمضي، وفي القلبِ غصّةُ سؤالٍ أبديّ: هل كانت كل تلكَ المشاعرِ قابلةً للحذفِ فعلًا؟
وهكذا، في عصرِ السرعة، أصبحَ الحزنُ أيضًا فوريًا، وعميقًا، وصامتًا.”



