مقالات

من يشتري المسروقات؟!

بقلم – محمد البكر :

صحيح أن سرقة الكيابل الكهربائية ، سواء من المباني تحت الإنشاء أو تلك التي تفتقر إلى الحراسات الأمنية – كالمباني غير المشغولة في بعض فترات السنة مثل المدارس في الإجازات الصيفية ، أو المباني الواقعة في أطراف المدن – تُعد جريمة مزعجة تستحق أشد العقوبات . إلا أنها ، ولله الحمد ، لا تمثل ظاهرة مؤثرة على الحالة الاجتماعية ، خاصة مع نجاح الجهات الأمنية المتكرر في القبض على مرتكبيها ، مما يعزز ثقة المواطنين والمقيمين بالأجهزة الأمنية في المملكة . فما إن نسمع عن جريمة – مهما كان نوعها – حتى يتردد على مسامعنا الشعار الشهير الذي أصبح لسان حال الجميع ” تم القبض”.

وفي معظم دول العالم ، توجد أسواق معروفة بأنها ملاذ للمسروقات . حتى إن أحد الأسواق في الهند يُعرف باسم “تشار بازار” أي “بازار اللصوص”. والأمر نفسه في الصين وأمريكا والعديد من الدول الغربية والآسيوية والعربية ، حيث يضطر بعض المواطنين في تلك الدول إلى شراء ما سُرق منهم من هذه الأسواق .

مؤخرًا، نشطت بعض الجاليات الآسيوية في سرقة الكيابل وخردة النحاس ، حتى إن بعضهم يُعرّض نفسه للخطر بمحاولة قطع الأسلاك وهي لا تزال تحت التيار الكهربائي . لكن السؤال الأهم … من يشتري تلك المسروقات؟ وكيف يجد اللصوص طريقاً سهلاً لتصريفها؟
الجواب بسيط … فالسارق ليس سوى جزء من سلسلة مترابطة ، أو ما يشبه العصابة المنظمة . أحدهم يسرق ، وآخر يخبئ ، وثالث ينقل ، وأخيراً تصل المسروقات إلى محلات السكراب ، حيث تُشترى وتُباع بكل سهولة . وباختصار.. حلقة متكاملة من المجرمين .
وأجزم أن لدى الجهات الأمنية إدارات متخصصة بخبرة واسعة في دراسة مثل هذه الجرائم وتحليلها لتحديد الثغرات التي يستغلها المجرمون . ومع ذلك ، يمكن الإشارة إلى بعض الحلول المقترحة ، ومنها:
إنشاء سجل رقمي موحد لكل عمليات بيع وشراء الكيابل والنحاس .
تسجيل بيانات وهوية البائع ووزن البضاعة وتحديد مصدرها .
تصوير البضاعة عند استلامها .
منع شراء الكيابل الخام أو المقطوعة حديثًا إلا من خلال شركات معتمدة عبر موظفيها الرسميين .
إلزام محلات السكراب والخردة بتركيب كاميرات مراقبة مرتبطة مباشرة مع أنظمة وزارة الداخلية والبلديات .
فمن يزور محلات السكراب والتشاليح يدرك أن الخلل الأكبر يكمن في آلية البيع والشراء . ولو لم يجد اللص من يشتري مسروقاته ، لما خاطر بالسرقة أصلاً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى