مقالات

الورش… “الطاسة ضايعة”

بقلم – محمد البكر :

في معظم – إن لم يكن كل مناطق المملكة ، نجد أن المواقع المخصصة لصيانة وإصلاح السيارات ، والتي تُسمّى زورًا وبهتاناً بـ”المناطق الصناعية”، تغرق في الفوضى ، والقذارة ، وانتشار المركبات شبه التالفة أمام كل ورشة . وأن من يدير هذه الورش غالباً هم عمالة غير مهنية ولا مدربة ، تستغل – أو على الأقل بعضها – جهل أصحاب السيارات بالمشاكل الفنية لسياراتهم .

هؤلاء يعملون باجتهادات شخصية ، دون شهادات علمية أو خبرات موثقة من جهات متخصصة ، ويتعلمون على سيارات الناس وكأنها حقول تجارب .
ورغم كل ما شهدته المملكة من تطور هائل في مختلف المجالات والخدمات ، لا تزال هذه الورش على حالها السيئ ، ولا يزال العاملون فيها يسرحون ويمرحون بلا رقابة . أستثني بطبيعة الحال بعض الورش ، وبعض العمالة ، ولكن تبقى الاستثناءات نقاطًا في بحر هائج بالفوضى .

اذهبوا لأي منطقة صناعية في مدينتكم ، وتأملوا …
كم عدد الورش المنتشرة؟
كم عدد العمالة التي تعمل بلا خبرة حقيقية؟
كيف تبدو هياكل تلك الورش من الخارج؟
ما حال الشوارع المحيطة بها؟ وكم الفوضى البصرية والبيئية التي تسود كل شبر في ذلك المكان؟
فهل عجزت البلديات ، وهيئة حماية المستهلك، وكل الجهات ذات العلاقة ، عن تنظيم هذه الورش ، والارتقاء بتلك المواقع، وحماية المستهلك من استغلال تلك العمالة؟

أليس من المهم أن يكون لدى كل ورشة – مهما كانت صغيرة – فاتورة إلكترونية واضحة؟ وهل تقدم الورشة عرضاً مكتوباً يوضح نوع العطل وتكلفة الإصلاح قبل الشروع في العمل ، مع تحديد مدة الضمان؟
هل توفّر الورشة فاتورة شراء موثوقة لقطع الغيار الجديدة التي يتم تركيبها في المركبة؟
أنا على يقين أن كل ذلك غير متوفر في أكثر من 95٪ من الورش.

أنا لا أتحدث هنا عن “دكان صغير في حارة منزوية”، بل عن آلاف الورش المنتشرة في كل مدينة وقرية ، وعن عشرات الآلاف من العمالة غير المدربة ، وعن ملايين الريالات التي تُجنى شهريًا من جيوب الناس ، دون ضمان ، ودون رقابة ، ودون أدنى مستوى من المهنية.

باختصار …..
إن تسليط الضوء على هذه القضية بات ضرورة ، لما لها من أثر كبير لحماية المستهلك من الغش والاستغلال ، ولحماية البيئة من التلوث البصري والمخلفات العشوائية.
ولتطوير هذه المواقع لتواكب ما تشهده المملكة من نقلة نوعية وتطور مذهل في كل المجالات.

فلعل ذلك يُحرّك المياه الراكدة.
ولكم تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى