شهرُ رمضان .. موسِمُ خيرٍ وبركةٍ

بِقلم أسرار عبد العزيز السلمي:
كم تغمرنا السعادة دومًا عندما يُطِلُ علينا أجملُ مواسِمِ الخير مواسم الرحمة مواسم المغفرة مواسم العتق من النيران مواسم الليالي المباركة بشكلٍ عام والليلة التي قال عنها الله عز وجل في كتابهِ العزيز أنها خير من ألف شهر وهي ليلة القدر بشكلٍ خاص، موسم الصيام والقيام ونزول القرآن
كما قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) “البقرة 185”. فحريٌ بنا استغلال هذا الشهر بما يرضي الله عنا وذلك بِطاعتهِ فيما أمر واجتناب ما نهى عنهُ وزجر. فمن هذا المنطلق ينبغي علينا معرفة كيفية الاستعداد لشهرِ رمضان وفضائلهُ العظيمة وفوائد الصيام علينا.

كيف يكون الاستعداد لشهر رمضان المبارك؟ يكون بالأمور الآتية: استعد لهُ بالصيام فعن أبي هريرة رضي الله عنهُ عن النبي صلى الله عليهِ وسلم قال: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِّلاَ الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ). بالقيام فعن عبد الله بن أبي قيس قال: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، “فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يَذَرُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قاعدًا”. بالصدقات قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِّلاَ مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا). بالقرآن قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْرَأُوا الْقُرْآنَ فَأِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ).
أما عن فضائل هذا الشهر فهي كما يلي: أن شهر رمضان تُفتح فيهِ أبواب الجنة :عن أنس رضي الله عنهُ أن النبي صلى الله عليهِ وسلم قال: (هذا شهر رمضان جاءكم تفتح فيهِ أبواب الجنة وتغلق فيهِ أبواب النار وتسلسل فيهِ الشياطين). فضل أول ليلة في صيام رمضان: عن أبي هريرة رضي الله عنهُ أن النبي صلى الله عليهِ وسلم قال: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجنّ وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ويُنادي منادي كل ليلة: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة). شهر رمضان وصيامهُ يكفر الذنوب: عن أبي هريرة رضي الله عنهُ أن رسول الله صلى الله عليهِ وسلم كان يقول (الصلواتُ الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكَفِراتُ لما بينهنَّ إذا اجتَنَبَتْ الكبائر). العمرة في رمضان ثوابها مضاعف: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليهِ وسلم (عُمرة في رمضان تعدل حجة). صلاة التراويح: أجمع المسلمون على سنية قيام ليالي رمضان، وقد ذكر النُووي أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يعني أنه يحصل المقصود بصلاة التراويح. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليهِ وسلم قال: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر لهُ ما تقدم من ذنبهِ).
وبالنسبة لفوائدهِ فهي على النحو التالي: تنمية الصبر وضبط النفس، وزيادة التعاطف، وإراحة الجهاز الهضمي، والتحكم في الوزن، وتنظيم عملية الأيض. وفي الوقت نفسهِ، يوفر الصيام وحدة اجتماعية من خلال تعزيز مشاعر التضامن والتكافل الاجتماعي. كما يساهم في إيجاد السلام الداخلي والعمق الروحي، ويوفر فرصة للتركيز على القيم الروحية.
وأخيرًا بقي أن أذكر لكم بعض الخصائص والمزايا التي يتميز بها هذا الشهر الفضيل. أنهُ شهرٌ مبارك والبركة هي كثرة الخير، ولا خير أعظم مما يكون في رمضان. وفي الحديث عنه صلى الله عليهِ وسلم: قَدْ جَاَءكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ. كان النبي صلى الله عليهِ وسلم يُبَشِر أصحابهُ بِرَمَضَان. تُفتح فيهِ أبواب الجنة ؛لِكثرة الخير فيهِ، وكثرة من يُعتق من النار. تُغلق فيهِ أبواب النار رحمةً بالمؤمنين. تُغل وتُصفد وتُحبس فيهِ الشياطين. لِكلِّ صائمٍ دعوة مُستجابة.
وقد كان العلماء يُقبلون على قراءة القرآن في رمضان ويتركون تعليم الناس ؛لأن هذا الشهر هو شهر القرآن. فيهِ نزلت الكتب السابقة، وفي الحديث (أنزلت صحف إبراهيم عليهِ السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لِستٍ مضين من رمضان، والأنجيل لِثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لِأربعٍ وعشرين خلت من رمضان). تعظيم شهر رمضان عند الأمم السابقة، كما في آية الصيام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). في هذا الشهر تتم مراجعة القرآن فقد كان رسول الله صلى الله عليهِ وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يدارسهُ جبريل عليهِ السلام كل ليلة من ليالي رمضان.