“إثراء” يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات محلية وعالمية
الدمام – واس:
اختتمت أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، الذي أقامه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد خلال اليومين الماضيين، تحت شعار “في مديح الفنان الحِرفي”, وذلك في مقر المركز بالظهران.
وأولت الجلسات الحوارية أهمية حول الحفاظ على تراث الفن الإسلامي في كل دولة، وأجمع المشاركون على اعتماد إستراتيجية لقطاع الحرف اليدوية، مع الحرص على ديمومة مهن أوشكت على الاندثار في ظل ما تمر به المنطقة من أزمات، في حين ستستمر العديد من الأنشطة المصاحبة للمؤتمر حتى نهاية نوفمبر الجاري.
وأكد المدير التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر الحربش، أن المؤتمر يُعد حدثًا استثنائيًا لنقل قطاع الحرف من قطاع غير مفعّل إلى قطاع مرئي في الواجهة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن هناك صورة نمطية خاطئة عن قطاع الحرف، حيث يوسم القطاع بالمندثر والمرتبط بمجموعة مخصصة إما كبار السن أو الفئة الأقل دخلًا وهي نظرية خاطئة وغير واقعية، نظرًا لجهود المملكة في قطاع الحرف والتراث الثقافي، مبينًا أن الفنّان الحرفي الذي يعمل إثراء على مديحه؛ هو موجود ومتأصل من آلاف السنوات، وأن الحرفيين في الماضي بالفعل كانوا يحمون مواقعهم ولكن كانوا يملكون الوقت للفن والشعر والمسارات الثقافية الأخرى بحسب تعبيره.
من جانبها، أشارت المديرة التنفيذية لمؤسسة جبل التركواز (المملكة المتحدة) شوشانا ستيوارت، إلى ما تقدمه المؤسسة لمستقبل الحرف اليدوية في العالم، مستهدفةً بذلك دول العالم المتضررة جراء الحروب والأوبئة والأزمات التي تعيشها المنطقة، إلى جانب دورها في توفير مصدر دخل للعائلات النازحة.
بدوره، استعرض مدير عام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية “IRCICA” في تركيا البرفسور محمود أرول قليج، تأملاته حول الفنون الإسلامية، وأهمية الحرف اليدوية في العالم الحديث والرؤية الفنية التي تم اكتشافها في القرن 14 الميلادي. لافتًا النظر إلى المزيج الفني بين المنهج الشرقي والفنون العالمية والإسلامية.
فيما أكدت الرئيس التنفيذي للمعهد الملكي للفنون التقليدية (ورث) الدكتورة سوزان اليحيى، على دور المعهد الذي يصب في الحفاظ على الموروث الوطني، مبيّنة أهمية مفهوم التلمذة في الفنون الإسلامية الذي يأتي ضمن البرامج التعليمية التي تتميز بمزجها بين التراث الحرفي السعودي وروح العصر الحديث، ملتزمةً بحفظ التراث وتطوير مهارات الجيل الجديد لضمان استمرار الحرف الوطنية بمقتنياتها وكفاءاتها.
واستكملت الجلسات سرد أهمية الحرف الإسلامية في العهد النبوي من خلال ذكر رحلة الشتاء والصيف وهي رحلة التجارة، وعدد الأسواق في ذلك الوقت وما يعرض فيها من حرف وسلع، حيث تناول الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة عبدالله القاضي للاستشارات التراثية والتاريخية في المملكة، الدكتور عبدالله القاضي، عددًا من القصص التاريخية عن الأسواق والمهن والمنتجات المصنعة يدويًا كالعقود، والأحذية بالجلود، وبيوت الطين في العصر النبوي التي ذكرت في القرآن الكريم.
في حين أبدت أستاذة الأزياء والمنسوجات التراثية في جامعة الأميرة نورة الدكتورة ليلى البسام، اعتزازها بالرؤى الفنية للحرف اليدوية في المملكة كمصدر لصناعة منتجاتٍ حديثة، حيث أن الدراسات التاريخية للأزياء التقليدية وُجدت لمنفعة الأشخاص المهتمين في مجال الأزياء التقليدية كإنتاج الأفلام أو المسلسلات التاريخية أو المناسبات الوطنية وغيرها، إذ يتم العمل على استقطاب خطوط من الأزياء التقليدية ومزجها بالأزياء العصرية, كما أن إعادة إنتاج هذه الأزياء تجعل لدينا خط أزياء سعودي معاصر ومعرّف عالميًا، ويجب علينا كمؤرخين إيجاد وظائف جديدة للمنتج الحرفي لضمان استمرارية الحرف التقليدية.
وأعربت الشيخة مي آل خليفة المؤسس ورئيسة مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم آل خليفة للثقافة والبحوث بمملكة البحرين، عن سعادتها بجهود إثراء في الحفاظ على التراث والاحتفاء بجهود الفنانين الحرفيين، مشيرة إلى أهمية الاحتفاء بيوم الفن الإسلامي، مشيدة بتعدد أشكاله واختلاف توجهاته وتميز رسالته ومدرسته بين بقية المدارس الفنية الأخرى, وقالت: الفن هو اللغة العالمية التي يجيد الجميع التخاطب بها، والفنون الإسلامية هي طاقة إيجابية وفلسفة قبل أن تكون حرفة لها أبعادها.