“تراثيات”..قاضم الباذنجانة.. كوفيء بالزواج والدار والطعام بسبب الأمانة
شعيب عيد الفتاح *
كان هناك طالب علم شديد الفقر ، يسكن غرفة بأحد مساجد دمشق، وقد مرّ عليه ثلاثة أيام دون طعام ، فقرر أن يسرق ما يقيم صلبه ، فصعد إلى سطح المسجد، وانتقل منه إلى دار خالية، وأسرع إلى المطبخ، فرأى به باذنجاناً محشواً، فأخذ واحدة، وقضم منها قضمة، فما كاد يبتلعها حتى ندم واستغفر ورد الباذنجانة، ونزل إلى المسجد، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع أن يفهم ما يسمع..
فلما انقضى الدرس ، جاءت امرأة ، فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه، فتلفت الشيخ حوله فلم ير غير طالب العلم ، فدعاه وقال له: هل أنت متزوج؟
قال: لا، قال: هل تريد الزواج؟ فسكت.. قال له الشيخ: قل هل تريد الزواج؟ قال: يا سيدي ما عندي ثمن رغيف، والله فلماذا أتزوج؟
قال الشيخ: إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها.
وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة- وقد ورثت دار زوجها ومعاشه، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله، لئلا تبقى منفردة، فيطمع فيها الأشرار، فهل تريد أن تتزوجها؟
قال: نعم. وسألها الشيخ: هل تقبلين به زوجاً؟ قالت: نعم..
فدعا بعمها ودعا بشاهدين، وعقد العقد، ودفع المهر عن طالب العلم، وقال لهما: اذهبا الى بيتكما .
فقادته إلى البيت الذي نزله، وسألته: هل تأكل؟
قال: نعم، فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة، فقالت: عجباً من دخل الدار فقضمها؟؟
فبكى الرجل وقص عليها الخبر.
فقالت له: هذه ثمرة الأمانة، عففت عن الباذنجانة الحرام، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال.