مقالات

التعاونيات .. الدور المحوري في منظومة الاقتصاد العالمي

بقلم – مهندس عبد الرزاق المدني
تلعب التعاونيات دورًا محوريًا فى منظومة الاقتصاد العالمى ليس فى قطاعها الزراعى فقط بل والاستهلاكى والصناعى والاسكانى وغيرها من القطاعات التى تضم أكثر من 100 مليون تعاونى حول العالم قدموا نماذج ورؤى دفعت الأمم المتحدة لاعتبار عام 2012 “عام التعاونيات العالمي” اعترافا بدورها فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية

13235949_10207529239328150_1829343726_n

ليس فى البلدان النامية فقط بل وفى دول العالم الغربى المتقدم أيضا التى كانت التعاونيات أحد أهم أعمدة بنائه ونهضته. فهناك العديد والعديد من تجارب الدول الناجحة فى الأنظمة التعاونية ففى أوروبا مثلا ظهر الفكر والنظام التعاونى المنظم فى أعقاب الثورة الصناعية منتصف القرن الثامن عشر كرد فعل للمساوئ الناجمة عن فشل الرأسمالية، خاصة بالنسبة للمزارعين والطبقة العاملة، كتشريد العمال، وانتشار البطالة، وتدنى مستوى المعيشة، واستغلال النساء والاطفال فى الإنتاج الرأسمالى لانخفاض أجورهم وظهور كثير من الأمراض والعلل الاجتماعية الخطيرة، فكان أن ظهر الفكر التعاونى المرتكز على امتلاك المجتمع لأدوات الانتاج ونما هذا الفكر وتطور نتيجة ما حققه من مكاسب اقتصادية واجتماعية هامة حتى وصل الأمر أن دول الاتحاد الأوروبى الـ15 المؤسسين كانت بها 3923 بنكا تعاونيا لها 25250 فرعا أعضاؤها 43 مليونا وعدد عملائها فى أوروبا 150 مليون عميل برصيد وقوة مالية بلغت أكثر من 2.531 مليار يورو شكلت 17% من القطاع المصرفى فى أوروبا.

وفى دراسة هامة للدكتور عبدالله بن مبارك آل سيف أحد أهم خبراء الفقه العرب استاذ الشريعة بجامعة الرياض الذين أكدوا وجود أصول تعاونية فى تاريخ المسلمين منذ حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وحتى الآن، قال: إن نماذج التعاونيات الناجحة تنتشر حول العالم ففى المانيا النموذج الأروع لنجاح منظومة التعاونيات فى بناء الأمم، فقد تم تأسيس البنك الزراعى المركزى للإقراض عام 1876م ويعتبر مقدمة التعاونية المركزية والذى تحول الى بنك ادخار العمال الالمانى عام 1907م وعلى غراره انشئ بنك الادخار للموظفين المدنيين عام 1922م وبلغ عددها 77 بنك ائتمان للموظفين عام 1930م، وعليه انتشرت هذه الجمعيات فى كافة أقطار أوروبا ثم إلى كافة أنحاء العالم، وتنوعت بتنوع حاجات المجتمعات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والصحية وصيد الأسماك والنقل والتسويق والأعمال النسائية والمدرسية والعمالية وأعمال أخرى كثيرة تشمل كافة نواحى الحياة، واستطاع التعاون نتيجة النجاحات التى حققها ـ بعد أن أصبح هناك 20 مليون شخص أعضاء فى المنظمات والجمعيات التعاونية فى المانياـ نقل الاهتمام به من الإطار الالمانى إلى الإطار الدولى حيث تم تأسيس الحلف التعاونى الدولى بلندن عام 1895
وقد تم الاحتفال فى السادس من يوليو 2014 بمرور 119 عاما على إنشائه. ويقوم البنك بقبول الودائع ودعم الجمعيات الانتاجية، كما تم تأسيس البنك المركزى للجمعيات الاستهلاكية عام 1917م بغرض فصل الأعمال المالية فى الحركة عن الأعمال التجارية مع توفير الخدمات المصرفية بكفاءة، وتتكون الحركة الاستهلاكية فى فرنسا من اتحاد عام ومن جمعية الاتجار بالجملة والتى تكونت عام 1906م وتضم حاليا 800 جمعية تخدم ثلاثة ملايين مواطن. وقد بلغ عدد أعضاء البنوك التعاونية فى فرنسا نسبة 25% من عدد السكان وتغطى البنوك التعاونية نسبة 70% من الخدمات المصرفية فى الارياف. وفى بريطانيا يعتبر أكبر بنك هناك هو البنك التعاونى والذى سجل رسميا عام 1971م وقد استحوذ هذا البنك على تعاونيات كبيرة بعضها لديها أصول بقيمة 70 مليار جنيه استرلينى وأكثر من 300 فرع، ولدى البنك عشرة ملايين عضو. وقد بلغ عدد الأعضاء للبنوك التعاونية بنسبة 50% فى ايطاليا من السكان وفى السويد استطاعت الجمعيات التعاونية أن تبنى 30% من المساكن، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 40%، وفى النرويج 60%. وفى هولندا وجدت ثلاثة أنواع من البنوك: أقدمها بنك ايندهوفون والذى تأسس عام 1896م واقتصرت العضوية فيه على الجمعيات التعاونية الكاثوليكية، والثانى بنوك أوترخت والذى تأسس بعده بعامين 1898م ويتكون من الجمعيات التعاونية للاقراض ومن الجمعيات التعاونية التى تضم فى عضويتها افرادا من غير الزراع، والبنك الثالث: بنك الكمار والذى تكون عام 1901م. ويعتبر بنك الشعب فى سويسرا من اقدم البنوك التعاونية فقد تكون فى برن عام 1869م ثم تطور ليفتح 63 فرعا فى أنحاء البلاد وبلغ عدد أعضائه 100000 عضو، كما عرف التعاون الزراعى عام 1880م ثم انتشرت الجمعيات عام 1887م 
تكون البنك المركزى للجمعيات عام 1902م، وفى عام 1950 بلغ عدد الجمعيات المنتمية إليه 912 بنكا تعاونيا محليا أى جمعية محلية للتوفير والتسليف، ووجد فى سويسرا بنوك تمويل الاسكان ومحاولات لتكوين بنوك الصادرات. وفى بلجيكا هناك أكثر من 30 ألف منظمة تعاونية، وكذلك فنلندا توجد مجموعة Finlands-Group تضم فى عضويتها 62% من الأسر الفنلندية. وفى اليونان تأسس البنك التعاونى عام 1930م، ووجد فيها أكثر من 965 جمعية تعاونية استهلاكية و2452 جمعية تعاونية زراعية و2700 جمعية تعاونية لصيادى الأسماك و4307 جمعيات تعاونية للتوفير والتسليف تضم 430000 ألف مزارع و33 جمعية تأمين عدا جمعيات المساكن، والاتحادات المتخصصة. وتعتبر الحركة التعاونية فى بلغاريا من أنشط الحركات ففيها يوجد 2000 جمعية تعاونية عمالية، و3056 جمعية زراعية، و2000 جمعية متعددة الاغراض و18 جمعية صحية، وبها أيضا اتحاد تعاونى مركزى واتحاد تعاونى نوعى للجمعيات التعاونية العمالية للانتاج وانشئ اتحاد بنوك الشعب فى بلغاريا عام 1912م وانضم تحت لوائه 956 بنكا من بنوك الشعب وعدد 1100000 عضو، وعرف بتقديم القروض بضمان السندات أو ضمان الاجور. وفى الصين تأسست الجمعيات التعاونية الزراعية للاقراض وتطور عددها منذ عام 1928م لتشمل عددا ملحوظا شمل كل القرى وقد أولت الخطة الخمسية فى الصين هذه الجمعيات عناية خاصة لما لها من دور فى تنمية الزراعة.
وفى اليابان نشأ البنك عام 1923م تحت اشراف وزير المالية ووزير الزراعة والغابات باسم البنك المركزى للجمعيات التعاونية ثم تحول الى اسم البنك التعاوني المركزي للزراعة والغابات حيث بلغ عدد الجمعيات التعاونية للاقراض الصناعي 500 جمعية يشترك فيها 800000 الف عضو
وفي عام 1955 كان عدد الجمعيات التعاونية الزراعية متعددة الاغراض 12958 تضم سبعة ملايين عضو و500 جمعية تعمل في قطاع الزراعة و3115 جمعية لصيادي الاسماك تضم مليونا ونصف من الاعضاء
ونحن في المملكة العربية السعودية لدينا 211جمعية تعاونية رأسمالها 400 مليون ريال وتهدف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للوصول الى 3000 جمعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى