ثقافة

” منظومة الثقافة السعودية ” تحقق هدف 2030 بإعلان ” الفاو” تراثاً عالمياً

الرياض – واس :


مع إعلان تسجيل المملكة “المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية”، الواقعة جنوب غربي منطقة الرياض في “قائمة التراث العالمي”، حققت منظومة الثقافية الوطنية مستهدف رؤية المملكة 2023 في عدد المواقع السعودية المسجلة على قائمة التراث العالمي، لتستكمل سلسلة الإنجازات ببلوغ المستهدف ثمانية مواقع ذات قيمة عالمية استثنائية.
ويعكس تسجيل المواقع السعودية في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، عُمق المملكة التاريخي، ودورها الريادي في خدمة التراث الإنساني العالمي المشترك، تحت مظلة رؤية المملكة 2030 التي شددت على أهمية الاعتزاز بالهوية الوطنية التي يُعدّ التراث الوطني بجميع قوالبه المادية وغير المادية أحد مكوناتها الرئيسية.
وتؤصل تلك الجهود المتواصلة عناية المملكة واهتمامها بالتراث والحفاظ عليه، وتثقيف العالم به؛ عبر تعزيز جهود هيئة التراث في دعم جهود تطوير الأصول الوطنية التراثية، وتوليها اهتماماً عالياً؛ لزيادة الوعي بها، والحفاظ عليها، لضمان استدامتها وتناقلها للأجيال القادمة”.
ويؤكد نجاح المملكة في تسجيل مواقعها التراثية، التزامها بالحفاظ على تراثها الثقافي الغني، بالتوازي مع أهميته لدى” اليونسكو”، من واقع ما تمثله من قيمة عالمية استثنائية، والتزام الدول الأعضاء بالحفاظ على التراث الحضاري وحماتيه، وثراء التراث الثقافي للدولة، فضلاً لمستقبل المواقع في جذب الأنشطة السياحية والثقافية.
وخلال السنوات الماضية سلطت الدراسات وأعمال التنقيب لموقع ” الفاو” على مختلف الجوانب الأثرية وصدرت جملة من المؤلفات من أبرزها: “قرية الفاو صورة للحضارة العربية قبل الإسلام” للدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري، و “المشهد الطبيعي الأثري في قرية الفاو”، للباحث علي بن سعيد الزهراني، و “نقوش عربية قديمة من شعب الشقب في جبل طويق بقرية “الفاو” بالمملكة العربية السعودية”، للدكتور سالم طيران، و “المقابر الركامية في وادي الفاو – دراسة أثرية ميدانية”، للباحث فالح بن نايف العتيبي، و “العلاقة بين الوظيفة والشكل في الزجاج القديم من قرية الفاو”، للباحثة بدرية بنت محمد العتيبي، و “الرسوم الجدارية في قرية الفاو”، للباحثة فوزية بنت عبدالله الحديثي، و “مجامر قرية الفاو”، للباحثة منيرة بنت حمد التمامي، و “الفنون المعدنية من قرية الفاو – دراسة فنية مقارنة”، للباحثة مها عبدالله السنان وغيرها.
وتعد “قرية الفاو” التاريخية من أهم المواقع الأثرية على مستوى المملكة والجزيرة العربية، وتمتد على مساحة محمية تبلغ 50 كم2، وتحيطها منطقة عازلة بمساحة 275 كم2، عند تقاطع صحراء الربع الخالي مع سلسلة جبال طويق التي تشكل ممراً ضيقاً يسمى “الفاو”.
‏‎وتقع هذه القرية الضارب تاريخها في جذور الزمن في مكان تتقاطع فيه محافظة وادي الدواسر مع سلسلة جبال طويق، على جادة الطريق التجاري القديم المعروف ب (طريق نجران – الجرهاء)، مما أكسبها أهمية بالغة في عصرها، وجعل منها مركزاً تجارياً مهماً للقوافل التجارية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها الشرقي.
‏‎ويعود تاريخ “قرية”، أو “الفاو”، أو “ذات كهل” كما تشير المصادر والكتابات القديمة إلى ما قبل الإسلام بخمسة قرون، وكانت عاصمةً ل “مملكة كندة” من القرن الرابع قبل الميلاد وحتى أوائل القرن الرابع الميلادي.
وتشير الحفريات الأثرية إلى فرضية اشتغال أهلها بالتجارة والزراعة، كما كان لها علاقات وثيقة مع الممالك التي كانت في جنوب الجزيرة العربية مثل: “سبأ”، و “معين”، و “قتبان”، و “حضرموت”، و “حمير”، وكشفت الحفريات الأثرية أن المدينة تطورت من محطة مرور قوافل صغيرة إلى مركز تجاري وديني وحضري مهم في وسط الجزيرة العربية.
‏‎وبدأ اكتشاف ملامح قرية “الفاو” في أربعينيات القرن الماضي، وفي مطلع السبعينيات، قام قسم التاريخ بجامعة الرياض (الملك سعود حالياً)، بعمليات تنقيب متعددة في التل الكبير القائم في هذا الموقع.
‏‎واستمرت هذه الحفريات تحت إشراف الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، وكشفت عن أطلال قصر ومعبد وسوق يضمّ عدداً من الحوانيت المتقابلة من الجنوب والشمال، تفصل بينها ساحة تتوسّطها بئر واسعة، وتبيّن أن هذا القصر كان مزيّناً برسوم جدارية نادرة.
‏‎ وكشف المسح الحديث عن العديد من المكتشفات الأثرية الجديدة ومن أهمها؛ العثور على منطقة لمزاولة شعائر العبادة لسكان “الفاو” في الواجهة الصخرية لأطراف جبال طويق المعروفة باسم “خشم قرية” إلى الشرق من موقع “الفاو الأثري”، ممثلة في معبد مبني من الحجارة، وفيه بقايا مائدة لتقديم القرابين، كما عُثر على العديد من النقوش التعبدية المنتشرة في المكان، ويضيف هذا الاكتشاف المزيد من المعلومات عن التنظيمات الدينية لمدينة “الفاو” الأثرية.
‏‎ واكتشفت بقايا مستوطنات بشرية تمتد إلى 8000 سنة، وتعود إلى العصر الحجري الحديث، و (2807) قبور منتشرة في الموقع، وصنفت إلى ست مجموعات تمثّل فترات زمنية مختلفة، كما عثر على نقش تعبدي مقدم للإله “كهل” في معبد جبل (لحق) من قِبل شخص اسمه: وهـ ب ل ت (وهب اللات) من عائلة م ل ح ت (ملحة) الجرهائيين (أي من مدينة الجرهاء)، وتكمن أهمية النقش في أنه أيضاً ذكر اسم شخص وعائلة من “مدينة الجرهاء”، وأنه مقدم للإله “كهل”، إله مدينة “الفاو” في معبد جبل (لحق) في سلسلة جبال طويق، وفيه دلالة على الاسم القديم للمكان الذي بُني به المعبد.
وعلى مدى ربع قرن كللت الجهود الوطنية بتسجيل ثمانية مواقع هي: موقع الحِجر الأثري (1429هـ/ 2008م)، وحي الطريف بالدرعية التاريخية (1431هـ/ 2010م)، وجدة التاريخية (1435هـ/ 2014م)، وموقع الفنون الصخرية بمنطقة حائل (1436هـ/ 2015م)، وواحة الأحساء (1439 هـ/ 2018م)، ومنطقة حمى الثقافية (1442هـ/ 2021م)، ومحمية عروق بني معارض (1445هـ/ 2023م)، بالإضافة إلى التسجيل الحالي المتمثل في المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية (1446هـ/ 2024م).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى