المملكة راعية الثقافة
بقلم د.جاسم الياقوت
من أعمق المشكلات التي نواجهها كمجتمع عربي، هي مشكلة الثقافة، ومشكلة الثقافة تؤثر على كافة أشكال حياتنا، والتي تظهر في طريقة تفكير إنسان مجتمعنا، وطبيعة شخصيته، ونوعية طموحاته، وعلاقته بالمحيط الذي يشغله.
ونرى أن الثقافة العربية قد سادت في السابق من خلال غرس روح التحدي والنهضة في كيان المجتمع والأمة العربية. وفي هذا العصر تواصلت الجهود من مختلف أركان الأمة العربية سعياً وراء الإثراء الثقافي المعاصر، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فقد بلغت الثقافة السعودية مرحلة النضج والازدهار والتأثير، وتسلحت بالتعددية وحرية التعبير لتقدم نتاجها الخاص الفاعل، ذلك النتاج الذي امتد شعاعه الإيجابي ليتعدى الحدود المحلية والعربية، ليصل إلى الصعيد العالمي. ومما لا شك فيه أن النهضة الثقافية في المملكة هي ترجمة حقيقية للطفرة الحضارية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، والتقدم الذي تمشي في ركابه على كافة الأصعدة والمستويات. يكفي أن نشير إلى أسماء بعض العمالقة ممن قدموا أعمالاً بالغة العمق والثراء أضيفت إلى رصيد الحركة الثقافية العربية، ومن هؤلاء على سبيل المثال الدكتور القصيبي والدكتور الغذامي وعبدالرحمن منيف والقرشي والمشري، وغيرهم من الكتاب السعوديين الذين جذبوا القراء في كل مكان بأقلامهم المتوهجة.
بدت الثقافة السعودية مثل الشعاع المنير الذي يدعو إلى التفاؤل والأمل وتعزيز أواصر المحبة والإخفاء ومواجهة الأزمات بالحكمة والعقلانية والقدرة على اتخاذ القرار. ونجد أن الثقافة السعودية قد انطلقت للأمام في مسارات كثيرة، وتعددت تجلياتها بين مهرجانات وجوائز دولية ومنتديات ووسائل إعلام متطورة ودور نشر كبرى ومواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت وجامعات على أعلى مستوى.
إن الثقافة السعودية عرفت طريقها إلى الوطن العربي والعالم الخارجي من خلال عبور الحواجز، ولعل شبكة الإنترنت هي الجناح الأكثر تميزاً الذي حلقت به الثقافة السعودية خارج حدودها المحلية، حيث أسهمت الشبكة البينية في مد جسور التواصل بين مبدعي وأدباء المملكة وبين المبدعين والأدباء العرب في كل مكان.
ولقد حققت الثقافة السعودية نتائج مرموقة على كافة الأصعدة فنجد المهرجانات الكبرى والمؤتمرات الدولية التي تعقد في المملكة، وعلى رأسها مهرجان الجنادرية الذي يستضيف كبار المفكرين والمبدعين من داخل الوطن العربي وخارجه، وهذا النبوغ الإبداعي السعودي في الشعر والرواية والقصة وأيضاً في النقد، وهذا التوهج الإعلامي المرئي والمسموع والمطبوع، وحركة النشر التي تجاوزت حدود المملكة بالمطبوعات الثقافية السعودية، والجوائز الثقافية الكبرى التي تحمل أسماء الأعلام السعوديين في كافة المجالات.
وتظهر أيضاً الثقافة السعودية قوية جلية ليس من خلال جيل السابقين فحسب، بل أيضاً بقوة سواعد شباب المملكة ومستقبلها حيث إن الشباب السعوديين قد غزوا مواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب، وباتت أعمالهم تحظى باهتمام من جميع أنحاء الوطن العربي، وكما هو الحال في أي انتشار، فإن انتشار السعوديين من خلال أعمالهم أعطى فكرة عن واقعهم وعن حياتهم اليومية.
والمطلع على كتابات السعوديين يستطيع أن يرى أن الأعمال السعودية المكتوبة أظهرت أن السعوديين على درجة لا يستهان بها من الاطلاع على كل ما يشغل العالم، وباتوا قادرين على خلق أساليب لهم تعتمد على أساليب عالمية، ولكنها بطابع سعودي، مما يجعلها الأنسب للدفاع عن العقلية الثقافية السعودية.
لقد باتت ثقافة المملكة العربية السعودية حاضرة قوية، مؤثرة وفاعلة وحاضرة، تمتزج بكافة الثقافات الأخرى في غير تنافس، ولكن تكامل وتعاضد.
إن الثقافة السعودية يرعاها أبناؤها في كل موقع وفي كل زمان ومكان على مختلف الأصعدة، وترصد لها حكومتنا الرشيدة الدعم الكامل لاستمرار نهضتها القوية.
نقلا عن جريدة اليوم