ثقافة

الصقارة.. قِيَم أصيلة تتوارثها الأجيال الشابة في الطائف

 

الطائف – واس :
إعداد: أحمد الوهبي
تصوير: فيصل الشيباني
يتوارث السعوديون جيلاً بعد آخر عن الآباء والأجداد؛ هواية الاهتمام الفريد بتربية الصقور وممارسة الإرث الذي يعبر عن هُويتهم وما تحمله من ثقافة عربية عريقة، وما يرتبط بها من قيم نبيلة وصفات أصيلة، مثل: الشجاعة والفخر والتواضع والعمل بروح الفريق بين الصيادين، ويحرص أبناء الطائف على التمسك بهذه الهُوية، التي أولت لها المملكة اهتماماً بالغاً للصقارة والصقور.
وتحتل الصقور والصقارة مكانة مميزة في التراث العربي، حيث مارسها أهل شبه الجزيرة العربية منذ أمد بعيد، ولاتزال تتمتع بالمكانة نفسها في الوقت الحالي، رغم ما يشهده العالم من تطور وتغييرات في نظام الحياة، ويكمن الشغف لأبناء المملكة بصيدها وطرحها، بل إنهم سمّوا أبناءهم بأسمائها إعجاباً بها وبنظرتها الثاقبة وبقوتها المحّكمة على فرائسها وذكائها.
وتعد الصقور “الطيور الجارحة” رفيقة صيد في تقليد يعرف محلياً باسم “القنص” فتجول مع أصحابها في حلهم وترحالهم، وما يقدمونه لها من اهتمام في تربيتها وتدريبها، وتوفير الرعاية الطبية لها، حيث اعتمد عليها البشر لفترة طويلة في صيد غذائهم، وما لها من مكانة رفيعة ورمزيات للقوة، والمجد، وعُرفت الصقور كأفخم أنواع الهدايا حتى عصرنا الحالي.
وتبرز هذه الهواية من خلال سياحة الصقارة؛ التي تستقطب العديد من السياح عرباً وأجانب وهواة محليين يمكنهم من خلالها التدريب على التعامل مع الصقور بأنواعها إضافة إلى تدريب صقورهم العائدة لملكيتهم في المملكة ولا سيما في محافظة الطائف.
وأكد في حديثه لوكالة الأنباء السعودية “واس” صاحب مربط قرناس الحجاز للصقور؛ الصقار راكان خلف النفيعي أن هواية تربية الصقور نالت اهتماماً كبيراً منذ القدم، وتضاعف عدد محبيها عدة مرات في الأعوام الأخيرة، مما زاد عليها الإقبال الكبير في الاهتمام بتقاليدها وآدابها، موضحاً أن أشهر الصقور، تكمن في عدة أنواع الأصيلة منها دون التهجين وهي (البيور، والحر، والشاهين البحري، والشاهين الجبلي، والوكري).
وأوضح أن الصقور تمر بمراحل طوال فصول السنة وفي أولها الربطة يتم العمل عليها من 8 إلى 9 أشهر، وهي فترة تبديل الريش وتسمى (بالقرنسة) التي تبدأ في الشهر الثاني من التاريخ الميلادي إلى أكتوبر، وكذلك الاهتمام في رفع وزن الطير، و فحص الطير قبل إدخاله إلى غرف المقيض للتأكد من سلامته وعدم إصابته بأي أمراض قد تؤثر على قدرته على الطيران والصيد، ولأخذ متسع من الوقت في تبديل الريش؛ مضيفاً أن بعد ذلك تبدأ الفترة الأساسية من التدريب الطير، وهي مرحلة بناء الثقة بين الصقر والصقّار لكي يألف على صاحبه، من خلال ترويضه وتعويده على صوت واسم معين، ومعاملته برفق ولطف شديدين، ومرافقته لساعات طويلة يومياً، إذ تتطلب تلك المرحلة إلى الصبر وطولة البال والهدوء، بعد ذلك، يتعّلم الصقّار كيفية حمل الطير ونقله دون إيذائه، بعد سلسلة تدريبات على اختيار الفرائس الصحيحة، يطلق الصقّار طيرُه ليقنص الفرائس ويجلبها له، مضيفاً أن الصقور تتميز بعدد من الخصائص عن غيرها من الطيور الأخرى ومن أشهر هذه الخصائص حدة البصر، والمخالب الحادة التي تختلف من طير إلى آخر مثل الصائد، والعلاف، والمخلاب الطويل، واللافح.
وشرح النفيعي مفصلاً عن طرح الريش للطير وهي عملية سنوية دورية تبدأ من شهر مارس وتنتهي بنهاية شهر سبتمبر يقوم خلالها الصقر باستبدال ريشه القديم عن طريق طرحه (حذفه) لينمو محله ريش جديد، وكما هو معروف فإن جناح الصقر يتألف من (22) ريشة منها (10) ريشات تدعى أو تسمى بالابتدائية وتقع على الجهة الخارجية للجناح و (12) ريشة تدعى بالثانوية وتقع على الجهة الداخلية للجناح، أما الذيل أو ماتسمى (بالذنيبا) فيتكون من (12) ريشة فقط، حيث تستغرق فترة حذف ونمو الريشة الواحدة ما يقارب من (3 إلى 8) أسابيع، اعتماداً على طول الريشة، فمثلاً نمو الريشة العاشرة (الموس) بشكل كامل يستغرق ما يقارب (8) أسابيع، لكونها أطول ريشة في الجناح، ويستبشر فيها الصقارة على جاهزية الطير، وهذه الفترة من (3 إلى 8) أسابيع تخص جميع أنواع الصقور (الشاهين، الحر، الجير، وغيرها من الأنواع).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى