انها العشر المباركات
بقلم – اسرار عبد العزيز السلمي:
اليوم سنبدا افضل ايام وليالي من شهر ذي الحجة الا وهي العشر الاوائل منه، والتي اقسم الله سبحانه وتعالى بها في كتابه العزيز، وذلك في قوله تعالى في الايتين الاولى من سورة الفجر (والفجر وَلَيَالٍ عشر). فهنيئًا لمن استعد لها وقلبه معلق بالله والتزام ما امره بالطاعات واجتناب نواهيه من ارتكاب المعاصي واضاعة هذه الليالي بما لا ينفعه ويضره في دنياه واخرته. ومن شانه ينبغي علينا ان نعرف فضائل هذه العشر والاعمال المستحبة فيها.
وقد جاء فضل العشر من ذي الحجة من امور كثيرة وهي على النحو التالي: ان الله تعالى اقسم بها والاقسام بالشيء دليل على اهميته وعظم نفعه. ان النبي صلى الله عليه وسلم شهد بانها افضل ايام الدنيا فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله من هذه الايام /العشر/ قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، الا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء). انه حث فيها على العمل الصالح لشرف الزمان بالنسبة لاهل الامصار، وشرف المكان ايضًا وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام. انه امر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير،
كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ايام اعضم عند الله ولا احب اليه العمل فيها من هذه الايام فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). ان فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الدي اكمل الله فيه الدين وصيامه يكفر اثام سنتين وفي العشر ايضًا يوم النحر الذي هو اعضم ايام السنة على الاطلاق وهو يوم الحج الاكبر الذي يجتمع فيه من الطاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره.
ان فيها الاضحية والحج. ومن هذه الاعمال المستحبة ما يلي: اداء مناسك الحج والعمرة. وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته او اداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه اثم من رياء او سمعة او رفث او فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات. الصيام: وهو يدخل في جنس الاعمال الصالحة، بل هو من افضلها، وقد اضافه الله الى نفسه بعضم شانه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزي به)
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين ايام عشر ذي الحجة بمزيد من العناية، وبين فضل صيامه فقال (صيام يوم عرفة احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والتي بعده) وعليه فيسن للمسلم ان يصوم تسع ذي الحجة ؛لان النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. الصلاة: وهي من اجل الاعمال واعظمها واكثرها فضلً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في اوقاتها مع الجماعة، وعليه ان يكثر من النوافل في هذه الايام، فانها من افضل القربات،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه). الصدقة: وهي من جملة الاعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الاكثار منها في هذه الايام، وقد حث الله عليها فقال: (يا ايها الذين امنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان ياتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) ‘البقرة ٢٥٤’ وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال).
واخيرًا يتبين مما سبق معرفة بعض من الخصائص والمزايا عن هذه العشر المباركات. ومن اهمها: انها تقع في اخر شهر من السنة، فكانها تعويض للمفرطين في عامهم ؛ليتداركوا انفسهم، ويعوضوا فيها ما فاتهم،ويدركوا بها منزلة من سبقهم، ومن فضل الله تعالى انها كانت في اخر العام فان العبد يتذكر بنهاية سنته نهاية عمره، ويندم على ما فرط في ايامه الخالية، ويعقد العزم على استثمار ما بقي من حياته، فاذا هو يستقبل هذه العشر المباركة ؛ليفي بوعده لربه، ويصدق مع نفسه، كما ان القيام بالعبادات والاعمال الصالحة جميعها من ذكر ودعاء وقراءة للقران يكون اجرها مضاعف في هذه الايام اكثر من غيرها.