أيها الأطباء إسمعوني
بقلم – محمد البكر:
خطوة بعدها خطوة .. ثم خطوات متسارعة ، نحو تحول مهنة ” الطب ” كأنبل مهنة ، وأسمى رسالة ، إلى مهنة لجمع المال وزيادة الدخل للطبيب ولصاحب المنشأة التي يعمل فيها . أدرك تماما خطورة مثل هذا الكلام ، الذي سيزعج غالبية الأطباء وأصحاب المنشآت الطبية . ولكني وقبل الخوض في هذه القضية الشائكة ، أوضح بأن هذا الكلام لا يشمل غالبية الأطباء ” النبلاء ” . بل يخص البعض ممن أغرتهم مهنتهم لزيادة مداخيلهم ، وكسب ود أصحاب المستشفيات التي يعملون فيها ، وتقاسم الأرباح معهم .
في السابق كانت هناك عيادات بسيطة ، يمكن لأي مريض زيارة الطبيب دون خشيته من دفع تكاليف مرتفعة . فقد كانت زيارة الطبيب لا تكلف أكثر من 50 ريالاً للطبيب المتميز ، بل أن بعض الأطباء الذين كسبوا سمعة وشهرة لدى الأهالي ، لم يكن يتقاضى أكثر من 30 ريالا . وكان يفحص المريض ويصف له دواء غير مكلف ، ودون الحاجة لعمل التحاليل إلا في الحالات النادرة التي كان يراها ضرورية لحالة المريض .
صحيح أن الزمن قد تغير ، لكن معظم الأمراض البسيطة لم تتغير . ومع ذلك لا يخرج المريض من عيادة الطبيب في الوقت الحالي ، إلا بتحويل أو تحويلين لعمل فحوصات وتحليلات قد لا تكون مهمة لحالته . أما الأدوية فحدث ولا حرج .. ويكفي أن تراقب المرضى وهم يخرجون من الصيدليات وكأنهم خارجون من بقالة لديها تخفيضات موسمية .
المريض هو الحلقة الأضعف . فهو يبحث عن علاج لمرضه ، وهو في الغالب إنسان بسيط يثق في طبيبه . وقد يكون الأمر غير مهم له إذا كان يحمل وثيقة تأمين ، بعكس من ليس لديه تأمين طبي سواء له أولأسرته .
مهما كانت رقابة الجهات المعنية ، إلا أنه لا يمكنها التعامل مع عشرات الآلاف من الحالات اليومية في مختلف مناطق المملكة . ناهيك على أنه لا يمكن أيضا ، فرز الحالات التي تحتاج لفحوصات ، أوتلك التي لا تحتاج إلا لوصفة طبية لا تكلف الكثير على المريض .
الحل ليس بيد وزارة الصحة ، ولا بإجبار الأطباء بعدم إجراء الفحوصات – فهذا ليس منطقيا – . ولكنه بيد الأطباء أنفسهم ، عطفاً على القسم الذى أقسموه قبل تخرجهم ، وحرصاً على رسالتهم الإنسانية التي تميز مهنتهم عن أي مهنة أخرى . ولهذا أخترت عنوان المقال ” أيها الأطباء إسمعوني ” . فهل يسمعونني ويراعون الله في أعمالهم !!
ولكم تحياتي