سد الرِّاشدة ببادية تبوك.. أكبر السدود الطبيعية بالمنطقة ورمز للتكافل الاجتماعي
تبوك – واس:
عُرفت التجمعات المائية في الصخور الصحراوية قديمًا، بأنها أحد أهم الموارد الطبيعية الضامنة لاستمرار الحياة البشرية وأنشطتها الاجتماعية والاقتصادية، ومن الخصائص الطبيعية التي استفردت بها صحراء منطقة تبوك تعدد ” السدود الطبيعية فيها “، ما سمح بإيجاد تنوع بيولوجي أسهم في وفرة المياه السطحية التي مدت سكان المكان والقوافل المارةِ به بـ” الماء ” حتى في أصعب الظروف وأشد شهور السنةِ جفافًا.
وفي جنوب شرق منطقة تبوك -100ك- يقع سد ( الرِّاشدة ) الذي يُعد من أكبر السدود الطبيعية بالمنطقة وأهمها، لوقوعه على طريق ” بكرة ” القديم، الذي تمر به القوافل باتجاه منطقة العلا ومنها إلى المدينة المنورة.
وبحسب ما ذكره الباحث في تاريخ المنطقة المهندس ناصر بن محمد العطوي فإن سد الرِّاشدة قد شكل في حقبة ما موردًا هامًا وطبيعيًا للتجمعات السكانية حوله، ومدهم على مدى سنوات بالمياه التي أسهمت في نشأة تلك التجمعات لاحتفاظه بالمياه لفترات طويلة، في ظل ندرتها في تلك الأماكن المختلفة تضاريسها وتكويناتها الصحراوية والصخرية.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء السعودية : “لقد سمي السد نسبة إلى الوادي الذي يمده بالمياه وقت هطول الأمطار، وهو أحد فرع وادي ” اللعبان ” الشهير، الذي تنحدر منه المياه لملء السد في مواسم الأمطار من كل عام، مما جعل له الدور الأكبر في نشأة الحراك الإنساني حوله، بل إن سكان البادية ورغم الحاجة والفاقة في ذلك الزمان، لم ينسوا أن يجعلوا للقوافل نصيبهم منه، فوضعوا الرجوم على أطراف الوادي لتستدل بها القوافل العابرة للطريق لهذا السد، ليستقوا وتسقى منه نعائمهم، وهي من أولى أعمال التكافل التي عرفتها البشرية وعملت عليها، مشيرًا إلى أن ما يؤكد قِدم هذا السد وأهمية دوره، كثرة النقوش حوله، وعلى طريق ” بكرة ” المؤدي إليه والمار به.
وأكد ” العطوي ” أن أبعاد السد تتراوح ما بين 30 إلى 25 مترًا, ويبلغ عمقه 15 مترًا، وتقع بالقرب منه عدة غدران تسمى العاقولة، ويعتبر السد هو الأضخم في جمع مياه الأمطار بما عرف عنه، حيث يحوي كميات كبيرة من المياه التي تصل إليه من مسار الوادي وتستقر به دون أن تشكل أي فائض يؤثر على سكان المكان، بل أن الفائض من مياهه يذهب مباشرة للطرف الآخر من الوادي مكملًا مسيرته دون أن يفيض من أطراف الوادي أو جنباته ولم يشهد التاريخ أن أثّر السد بشكل سلبي على المحيطين به نظرًا لانسيابيته الطبيعية ولابتعاد السكان بالقدر الكافي عن مجراه الرئيس.