المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام
بقلم / أحمد بن عبداللطيف العامر
تواجه منظومة الإعلام العديد من المتغيرات والفرص والتحديات ، فرضتها الثورة التكنولوجية بفضل التطوُّر الهائل في الإنترنت ، واستحداث تقنيات جديدة تتَّسم بالسرعة والاختزال وهنا نتحدث عن الإعلام الجديد الذي يتمثل في الوسائل الرقمية التي تنتشر بسرعة الضوء ، مدعومة بالصوت والصورة ، بل والتفاعل الآني مع الحدث ، وإبداء الرأي فيه ، وفوق كل ذلك صناعة الرأي العام في ثوانٍ معدودة!
إن المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام بمختلف تصنيفاتها ، المقروءة والمسموعة والمرئية ، تفرض على العاملين في هذا القطاع تبني رسالة إعلامية هادفة ، تنطلق من الثوابت الوطنية ، وتعلي من قيم المواطنة من أجل بناء مجتمع ناهض يدرك أولوياته جيدا ، ويعمل على تحقيق طموحاته ودعم الرؤية العامة التي تضعها مؤسسات الدولة المعنية ؛ لدعم خطط التنمية الشاملة والمستدامة” ، مشيرا إلى أن “الرسالة الإعلامية التي ننشدها من الإعلام الجديد ، أن يتحلى في المقام الأول بالمسؤولية في الطرح والتناول الإعلامي لمختلف القضايا ، وأن تلتزم هذه الرسالة بالثوابت الوطنية ، وأن تدعم حق المواطن في المعرفة الحقيقية القائمة على المصداقية والموضوعية والحيادية ، لكنَّ هذه الرسالة الإعلامية تواجه العديد من التحديات ، وهو ما يفرض على القائمين عليها أن يضعوا المقترحات اللازمة التي تضمن مواجهة هذه التحديات، وصياغة حلول بناءة تدعم جهود نشر هذه الرسالة على أوسع نطاق وبأعلى قدر من المهنية والاحترافية”.
ولا شك أن المسؤولية الوطنية تحتم التعاطي بواقعية واحترافية ، مع هذا الواقع الإعلامي الجديد ، وهذا بحد ذاته مسؤولية أخلاقية ، أن تتحقق المصداقية بكل ما تعنيه الكلمة من التزام وطني ومهني بالكلمة التي تكتب ، أو تسمع ، أو تنطق ، في عصر باتت الشائعات والفربكات فيه تُتداول من البعض عبر هذه التقنيات ، بعيداً عن المصداقية والالتزام الأخلاقي في النشر، وهذه ضمن سلبيات عالم الإعلام الجديد ، ومن خلال الفضاء المفتوح الذي أصبح متاحاً للجميع دون حجب أو إقصاء، صحيح أننا لا ننكر إيجابياته الكبيرة ، لكن نجد بعض الظواهر السلبية التي تمارس لأغراض وأهداف لا تخفى على أحد ، الإعلام الجديد أصبح أكثر أهمية في الواقع الافتراضي ، وهو الذي أصبح يتقدم على الوسائل التقليدية لوسائل الإعلام ، وهذا ما سيشكل منافساً شرساً للإعلام التقليدي إذا لم يتم التفاعل والتأقلم معه مع تحدياته ؛ لذلك فلابد من المواكبة لهذه المتغيرات في عالم الإعلام والمعلوماتية.
كما أنَّ الإعلام اليوم أصبح سوقاً مفتوحة للجميع، خاصة مع دخول العصر الرقمي والإعلام الإلكتروني ، وهذا أسهم في الانفتاح ، هذا الانفتاح وما يقابله من تدفق معلوماتي مقصود تجاه المشاهد -المستقبل- لا بد أن يؤثر إلى الدرجة التي يُمكن معها المستقبل أن يرتبط برصيد معرفي مشترك مع المصدر “الآخر” القوي .
وليس لنا من خيار سوى أن نكون جزءًا من هذا الإعلام الجديد والاستثمار فيه ، والاستفادة من الفرص التي يمنحنا إياها مع الالتزام بالمعايير المهنية العالية ورسالته الأصيلة وإرساء ثقافته.