دلتا المتحور .. إستراحة محارب
بقلم – دكتور مصطفى حسين كامل
استاذ بعلوم القاهرة وزير البيئة الأسبق
ما لبث أن بدأ العالم يتنفّس الصعداء و يتهيأ لاستعادة دورة الحياة الطبيعية شيئا فشيئا حتى عاد كابوس كورونا من جديد ليقلق المضاجع و يراود الأذهان فتتيقّظ المخاوف من جديد.
هي دلتا ، من علم الرياضيات و الفيزياء استوحت تسميتها، لتستقر فيروسا بيولوجيا يهدّد الحياة البشرية بشراسة و ضراوة أكبر. و كأنّ ذاك المتحور ينذر بالأقصى و يعلم البشرية أنّ ما شهدته آنفا لم يكن سوى جولة أولية تمهيدية.
من أصولها في علوم الفيزياء و الرياضيات، كانت و لا تزال مصدر حيرة و تساؤل و تحليل لأدمغة المتعلمين، فكيف الحال الآن عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان و وجوده؟؟ هي دلتا متحورة تغزو من جديد.
فهل بلغ حد نقمة الكوكب ذروته تجاه الإنسان ليصبّ عليه غضبا جمّا على أشكاله و أنواعه؟ و هل كانت الأيام الأخيرة من الهدوء و الطمأنينة و الأمل هي بمثابة استراحة محارب لا اكثر؟؟ ليعود بعدها ذاك المتحور فيواصل جولاته القتالية في ساحة المعركة على الكوكب بأكمله.
و هل المطلوب من الآن فصاعدا أن يبقى الإنسان في حذر و رعب و خوف، فيترحّم على أيام طوال من السلام و الراحة ليقف باكيا شاكيا على أطلال امرؤ القيس و عنترة بن شداد؟؟
سيناريوهات كونية ربانية لا تأبه للمنطق البشري و الطبيعة الإنسانية, فترسم لوحات جديدة للوجود و الحياة، فهل نعود يوما، محنة بعد محنة، الى بساطة نسينا ملامحها؟ و هل من الممكن أن نعيش بعد كل هذا التقدم و العلم و الازدهار في منازل طينية و شربة ماء من فخّار؟ هل هذا ما يدّخره الكوكب لنا للأعوام المقبلة؟
على مدى عامين، و الجائحة اللعينة تحصد الإقتصاد و الإعمار و نتاج عمل الإنسان. مؤسسات، شركات، مصانع، دور سينما، ملاهي و مقاهي كلّها أغلقت أبوابها إما طوعا او قصرا ؟؟ فكيف ستكون اذا مشهدية الأعوام المقبلة إذا ما إستمرت الجائحة في صولاتها و جولاتها ؟؟
تساؤلات و مخاوف عديدة لا تجد إجاباتها سوى في أروقة السياسة العالمية و القوى العظمى التي تدير الحرب العالمية الثالثة بنمط بيولوجي فى مساعي و خطط لتغيير موازين القوى التي بدأت تظهر ملامحها في فرض قرن أسيوي بإمتياز وتراجع أميركي و أوروبي ملحوظ.