أحاديث حظرٍ معقّمة (144)
بقلم – عدنان صعيدي
جاء الحج، ــ وهذا ليس خبراً كأخبار رسائل ( واتساب ) التي تخبرك أنها ليلة الجمعة، والأيام البيض، وصلاة الضحى، وعشر من ذي الحجة، وعدم قص الاظافر، وصيام عرفة، حتى تشعر أنك حديث عهد بالإسلام ــ ومع قدومه استرجعت مع ذاتي ذكريات الحج وكانت أجملها في الصبا وأكثرها تعباً العمل فيها وأعذبها قبيل غروب يوم التاسع ونحن نقف في شرفة برج النقل الإذاعي والتلفزيوني بعرفات نعلق على افاضة الحجيج من عرفات إلى المزدلفة.
سبحان الذي سخر عباده لخدمة الحجاج حتى وإن كان ذلك بمردود مادي، ولو أننا استمعنا الى معاناة المطوفين والقائمين على الخدمات في مكة المكرمة والمدينة المنورة لسمعناهم يقولون في نهاية كل موسم ( توبة لن أعود ثانية لهذا العمل )، وفجأة تتغير كل قناعاته مع اطلالة شهر شوال ويبدأ الاستعداد للعمل في خدمة الحجاج . . في ظني هو تسخير من الله سبحانه.
كان من ضمن ذكريات الحج في الصغر الوقت الطويل الذي يقضيه الحاج في السيارة عند الإفاضة من عرفات، وتلك الروح الجميلة التي كانت سبباً في علاقات إنسانية بين الحجاج وأهل مكة الذين يخلون بعض غرف البيت حتى يسكن فيها الحجاج بأجر يعدل أجر الدار لعام وربما يفيض عن ذلك ليكون عوناً للرجل على اقتصاد الأسرة.
كان من الطبيعي أن ترى أعالي منازل مكة المكرمة ( الخارجة والسطوح ) عليها أشرعة من قماش سميك (القلع) حيث إن أصحاب تلك المنازل ينتقلون إلى أعالي البيت في الحج كي يتم تأجير بقية البيت على الحجاج . . يتبع .