مقالات

من يقرأ ؟!

بقلم / سلمان بن محمد العُمري

كنت أظن أن الجيل الحالي من الشباب والناشئة بمعزل عن القراءة والاطلاع وقد شغلتهم الملهيات ووسائل التواصل عن القراءة بأنواعها، وقد كان ظني قاصراً فالبعد عن القراءة لم يعد حصراً على هذه الفئة العمرية فقط بل تجاوزه إلى الكبار والناضجين، ومن كانوا من أهل القراءة والاطلاع ولديهم الشغف والهواية فأصبحوا كغيرهم مما لا صلة لهم بالقراءة.

يروي أحد الإخوة الأفاضل أنه كان يسعد حينما يدخل كتاباً بالمكتبة ويقتنيه وكأنه أضاف رصيداً إلى حسابه في البنك، أما الآن فيقول إن مكتبتي منذ ثلاثة أعوام لم يدخلها أي كتاب، لا لعوز مالي ولكنه انصراف تام عن المكتبة تعددت مسبباته أولها أن المكتبة منذ نشأتها كانت (ضرة) في البيت، وكان الدخول إليها كالدخول إلى منزل الزوجة الثانية؛ وهذا حال معظم أصحاب المكتبات الخاصة، والأمر الآخر أن الهواتف المحمولة أصبحت من أكبر وسائل المعرفة قديمها وحديثها سواء ما يحتاج إليه من كتب مصورة أو معلومات حديثة أو مواقع الموسوعات، وأصبح القارئ يتلقى المعلومة في كل وقت وكل مكان فلا يحتاج أن يذهب إلى المكتبة ليبحث في مسألة، ولا أن يتأبط كتاباً في أي وقت، فكل ما يحتاج إليه أو غالب ما يحتاج له من الكتب والمعلومات سيجده متوافراً على الشبكة، وحال صاحبنا أفضل حالاً من غيره فهو ما زال متعلقاً بالكتاب والمعرفة، ولكن وسائل أخرى جعلته يهجر الكتاب ولو مؤقتاً أو منقطعاً، وهناك ممن كانوا مولعين بالقراءة وبالكتاب هجروا الكتاب بالكلية لدرجة أننا سمعنا وقرأنا كثيراً عن مكتبات أعلن أصحابها عن بيعها أو التنازل عنها لمؤسسات تعليمية وثقافية وهم على قيد الحياة لعدم تفرغهم للقراءة ولإدارة شؤون مكتبتهم، ويأسهم التام من مشاركة أبنائهم لهواية القراءة.

والأمر ليس قاصراً على أصحاب المكتبات الخاصة ومن يعنون بها، ويعنون بالكتاب بل حتى المكتبات العامة أصبحت تفتقد زوارها حتى في أيام الامتحانات بعد أن كانت تضج بالزائرين في أيام الدراسة والاختبارات والإجازات، وكان الناس يتسابقون على زيارتها واستعارة الكتب، وتتفق الأسباب التي تصد الناس عن القراءة والاطلاع والعزوف عن القراءة هنا وهناك، وانعكس هذا الجانب السلبي على العديد من مكتبات ودور النشر التي أعلنت الكثير منها إفلاسها والبعض خشي الإفلاس وتدارك الأمر وانسحب من السوق وأغلق تجارته التي امتدت عقوداً من الزمن.

إن الكساد في سوق الكتاب قضية عالمية وليست إقليمية أو محلية وما نراه ماثلاً لدينا هو وضع يعيشه الكتاب وعشاقه في معظم دول العالم.

ويتبقى السؤال الأهم ما دور وزارة الثقافة في معالجة هذا العزوف وتأثيره على دور النشر والتوزيع والتسويق وعلى المؤلفين، وكيف يمكن إعادة وإحياء هواية القراءة وتشجيعها في أوساط الناشئة والشباب ووضع حوافز تشجيعية ومسابقات للقراءة، وتبني الطباعة والتسويق للمؤلفين ودعم الإنتاج الثقافي لدينا، وأخشى أن يكون الجواب هو ما نسمعه في مجالسنا وفي أحاديثنا ومناقشاتنا عبر وسائل التواصل؛ من يقرأ الآن؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى