عام

نموذج التدريب ثلاثي الأبعاد .. ثورة في عالم التدريب

بقلم – دكتور جاسم الياقوت:

يعد وجود إطار تدريبي شامل أمرًا ضروريًا للمدربين لأنه بمثابة هيكل أساسي يوجه عملية التدريب. ويضمن هذا الإطار اتباع منهج متسق وأقرب للشمولية، مما يعزز فعالية وكفاءة جلسات التدريب. إنه يسهل نمو الرياضيين من خلال توفير مسار واضح لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف، مع السماح أيضًا بتخصيص استراتيجيات التدريب لتلبية الاحتياجات الفردية. علاوة على ذلك، يدعم الإطار الشامل تحديد الأهداف، ويعزز المسؤولية، ويمكّن من قياس التقدم، مما يضمن أن تكون جلسات التدريب موجهة نحو النتائج ومؤثرة بشكل إيجابي. من خلال اعتماد إطار تدريب محدد جيدًا، يمكن للمدربين تحسين جودة تدريبهم بشكل كبير، وبناء الثقة والمصداقية مع الرياضيين، والمساهمة في نهاية المطاف في نجاحهم كمدربين بطريقة أكثر فاعلية.

ويعد الدكتور جيف ديوك المؤسس لهذا المعهد ومصمم النموذج ثلاثي الأبعاد بناء على رسالة الدكتوراه والذي أحدث ثورة في هذا المجال. لقد قاد الدكتور ديوك عمليات التدريب في خمس رياضات مختلفة وأشرف على أكثر من 200 مدرب في 17 رياضة مختلفة. تتضمن خبرته التدريبية مستوى الشباب حتى الرتب الاحترافية، وقد عمل كمدرب مساعد لكرة القدم في جامعة ولاية فلوريدا تحت قيادة المدرب الأسطوري بوبي بودين. كما أنه عمل كخبير دولي في تطوير التعليم قبل وبعد دورة الألعاب الأولمبية في أتلانتا.

 

أما المدرب مارك هول، فقد أمضى أكثر من 30 عامًا في العمل مع المدربين وشهد تجارب متنوعة في عالم الرياضة. يعرف مارك بتجربته الواسعة كمدرب في عدة رياضات، بدءًا من المدارس الثانوية والكليات وصولاً إلى المراكز الأولمبية. قدم مارك تدريبًا شخصيًا لفرق رياضية في جامعة ويسكونسن-أو كلير، وقام أيضًا بتدريب فرق للكرة اللينة وكرة القدم وكرة السلة والجمباز. وقد شارك في العديد من المؤتمرات الوطنية وقاد ورش عمل ثلاثية الأبعاد في أربع قارات مختلفة.

ويعد إطار التدريب ثلاثي الأبعاد بمثابة نهج شامل طوره الدكتور ديوك والذي يشجع المدربين على تدريب الأفراد بشكل متكامل ينمي أداءه وعقليته وشخصيته. ويتكون من ثلاثة أبعاد:

البعد الأول: يركز هذا البعد على الجانب الجسدي للتدريب، بما في ذلك القوة والقوة ولياقة القلب والأوعية الدموية والسرعة والتقنية والتكرار والتكتيكات. في حين أن معهد 3D يعترف بأهمية هذا البعد، فإنه ليس محور التركيز الأساسي لتدريبهم لأن الثقافة الرياضية توفر بالفعل موارد غنية للتنمية البدنية.

البعد الثاني: يتناول هذا البعد الجوانب العقلية، والتعامل مع التحفيز، والثقة، والعواطف، وتماسك الفريق، وتحديد الأهداف. تشير أبحاث الدكتور ديوك إلى أن نسبة صغيرة فقط من المدربين لديهم استراتيجية محددة بوضوح لتدريب العقل، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإحباط لأن العديد من المشكلات التي يواجهها المدربون متجذرة في هذا البعد.

البعد الثالث: البعد الثالث يهتم بالقلب، مع التركيز على تشكيل هوية الرياضي وشخصيته وتقديره لذاته وقيمه وأهميته وهدفه. ومع تضاؤل دور الوحدة الأسرية في بعض الحالات، غالبًا ما يصبح المدربون مؤثرين أساسيين في هذه المجالات. ومع ذلك، فإن القليل من المدربين لديهم استراتيجية محددة بوضوح لهذا البعد.

يمكن لممارسي التدريب والكوتشينغ الاستفادة من إطار التدريب ثلاثي الأبعاد من خلال اكتساب فهم أعمق لغايتهم في تحويل الأفراد إلى رياضيين وأبطال وتعلم تدريب الرياضيين بشكل كلي. يوفر الإطار منهجًا منظمًا لمساعدة المدربين على إعادة التفكير في افتراضاتهم، وإصلاح استراتيجيات التدريب الخاصة بهم، وتحقيق هدفهم في النهاية. ومن خلال استخدام هذا الإطار، يمكن للمدربين أن يتوقعوا إنتاج رياضيين يتعلمون المهارات بشكل أسرع، ويعملون بجدية أكبر، ويتعافون من الإصابات بشكل أسرع، ويتكيفون مع الظروف الجديدة بسهولة أكبر، ويتعلمون دروس الحياة من خلال الرياضة. يقدم معهد 3D التدريب والموارد عبر الإنترنت، بما في ذلك دليل الدراسة المصاحب لإعدادات المجموعات الصغيرة، لدعم المدربين في تنفيذ هذا الإطار. لا يستطيع المدربون الذين يتبنون النهج ثلاثي الأبعاد تحسين الأداء الرياضي فحسب، بل يمكنهم أيضًا التأثير بشكل إيجابي على شخصية الرياضيين ومهاراتهم الحياتية، مما يساهم في إحداث تأثير أكثر جدوى واستدامة.

وتشمل الفروق الرئيسية في إطار التدريب ثلاثي الأبعاد ما يلي:

  • الغرض التحويلي: يتم توجيه المدربين لتحديد “لماذا” من خلال بيان الغرض التحويلي، والذي يعمل كأساس لفلسفتهم واستراتيجياتهم التدريبية.
  • النهج الشمولي: يؤكد الإطار على أهمية تدريب الشخص بأكمله، وليس فقط الرياضي، والذي يشمل سلامته العاطفية والنفسية كفرد ناجح في الحياة.
  • اللغة المشتركة: توفر لغة بسيطة ومشتركة توحد طاقم التدريب والرياضيين، وتسهل التواصل الواضح والفهم المشترك.
  • الصلة الثقافية: تم تصميم إطار العمل ليكون قابلاً للتكيف وملائمًا طوال فترة مهنة التدريب، بغض النظر عن التغيرات في الثقافة أو احتياجات الرياضيين.
  • التأثير المجتمعي: يهدف التدريب ثلاثي الأبعاد إلى التأثير ليس فقط على الرياضيين الأفراد ولكن أيضًا على المجتمع الأوسع، وتعزيز قيم مثل الخدمة والقيادة.
  • قائم على الأبحاث: يرتكز الإطار على الأبحاث التي تشير إلى أن الرياضيين الذين يتم تدريبهم بشكل شامل يتعلمون المهارات بشكل أسرع، ويعملون بجدية أكبر، ويتعافون من الإصابات بشكل أسرع، من بين فوائد أخرى.

يمكن للمدربين الذين يتبنون الإطار ثلاثي الأبعاد أن يتوقعوا خلق بيئة أكثر إيجابية وتأثيرًا للرياضيين، مما يؤدي إلى تحسين الأداء والنمو الشخصي. هذا الإطار ليس مجرد برنامج ذو مدة صلاحية؛ إنه نهج مستدام يظل ملائمًا وقابلاً للتكيف مع الثقافة الرياضية المتطورة.

وفي الختام أوصي المؤسسات الرياضية والمدربين على تطوير أساليبهم الرياضية وتبني نماذج شاملة مثل هذا النموذج لكي نسهم في رفع مستوى الرياضيين وصناعة أبطال خلوقين وشخصيات وطنية رائدة تحقق الكثير من الإنجازات وتسهم في تحقيق مستهدفات برنامج جودة الحياة المرتبط برؤية 2030.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى