واس – سويفت نيوز:
ضمن التعاون المشترك مع اتحاد وكالات الأنباء العربية “فانا”، نقدم لكم النشرة الثقافية لوكالة الأنباء الأردنية “بترا “.
بدأت فكرة مأسسة الحالة الثقافية والإبداعية في الدولة الأردنية الحديثة؛ المملكة الأردنية الهاشمية، عشية تأسيس الدولة التي تشهد احتفالات مئويتها الأولى في عامنا هذا 2021 .
وتمثلت المأسسة بنهج لرعاية الثقافة تبنته قيادتها الهاشمية، منذ بواكير تأسيس الدولة، على يد الملك المؤسس المغفور له بإذن الله عبدالله بن الحسين، بإطلاق أولى أنوية لبنات المشروع الثقافي متمثلا بجريدة الحق يعلو حينما وصل لمدينة معان عام 1920 ، والتي كانت تحمل الخطاب الثقافي والسياسي لمشروع الدولة الحديث .
وتتلو “الحق يعلو” بالصدور، بعد إعلان تأسيس الدولة الأردنية 1921، جريدة الشرق العربي التي حملت ذات الخطاب عام 1923، في وقت لم يكن يصدر في منطقة الأردن أي صحيفة تشكل حاملا وناشرا ثقافيا ومعرفيا تعمل على تكريسهما كنقطة إنطلاق لآفاق العلم والثقافة الرحبة .
ورسخ الملك المؤسس وهو الأديب والشاعر، هذا النهج بما شهدته حركة الشعر في الأردن من صعود وتنامي، بحيث أنه قاد حركة أدبية تمخض عنها قيام نشاط أدبي وثقافي شرقي الأردن كان مجلسه الأدبي موئلا له، بوصفه صالونا ثقافيا وملتقىً للادباء والمثقفين، احتضن عمالقة الأدب والثقافة والشعر في الأردن والوطن العربي، علاوة على المساجلات الشعرية بينه وبين عدد منهم؛ محمد علي الحوماني ونديم الملاح وفؤاد الخطيب وسعيد البحرة وتيسير ظبيان وعرار (مصطفى وهبي التل) وحسني زيد الكيلاني وغيرهم الكثير .
وإلى جانب نشاطه السياسي الذي استحوذ على معظم وقته، لم يُغفل الملك المؤسس الجانب الثقافي، فاهتم بجميع القطاعات الثقافية وتابع ودعم العديد من المشروعات الإبداعية، وأصبح شرق الأردن محط أنظار المثقفين العرب، وبدأت عجلة الحركة الثقافية تدور، حيث تأسس أول مجمع علمي في البلاد في تموز 1923 برئاسة الشيخ سعيد الكرمي بهدف إحياء الآثار القومية ورفع منارة المعارف العربية، والذي عقد أولى جلساته في شهر أيلول من العام نفسه وحدد أهدافا مهمة كان منها: إلقاء المحاضرات العامة في ندوة المجمع، وإنشاء مكتبة عامة، وإصدار مجلة شهرية تُنشر فيها أفكار أعضاء المجمع، ولتكون حلقة وصل بينه وبين دور الكتب والمجامع العلمية وأمهات المجلات .
وفي سنوات لاحقة صدر قانون مجمع اللغة العربية الأردني في عهد المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال عام 1976، وبدأ المجمع نشاطاً كبيراً في خدمة اللغة العربية .
وكانت حركة الفن التشكيلي قد بدأت في عهد الإمارة مع قدوم الفنان اللبناني عمر الأنسي عام 1922، وبعده التركي ضياء الدين سليمان الذي أقام أول معرض فني له في فندق فيلادلفيا في عمان، وحظي التشكيليون برعاية خاصة من الملك المؤسس الذي اقتنى مجموعة من أعمالهم في قصره، وهي رعاية نادرة في وقتها .
وانتشرت دور السينما في عمان منذ نهاية العشرينيات من القرن الماضي، أي مع بدايات الدولة الأردنية، ومخاض تشكيل مجتمع مدني ومشهد اجتماعي ثقافي جديد، وتشير المصادر إلى أن أول دار للسينما في عمان كانت دار سينما النصر وتم افتتاحها في نهاية العشرينيات وصاحبها هو أبو صياح القباني .
وفي مدينة إربد في منتصف العشرينيات كانت ما أطلق عليها صالة البترا واحتوت على ماكينة عرض تعمل على البطاريّة، حيث يدخل المشاهدون ويجلسون على الأرض، وبعدها تم بناء سينما الزهراء في أواخر العشرينيات وافتتاحها بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، فيما اكتشف حديثا بجهود بحثية اردنية دارسينما بمنطقة الصفاوي بالمفرق تعود للفترة ما بين 1933-1934 وبنيت بأياد أردنية وبتصميم إنجليزي .
واهتم الملك عبدالله بن الحسين بالسينما، ومع ظهور السينما الناطقة في أوائل الثلاثينيات، تابع إنشاء دار للسينما (سينما البتراء) بحسب مواصفات دور السينما مكتملة شروط العرض عام 1935، وتعد أول سينما بحسب تلك المواصفات، وكانت تعرض فيها كذلك المسرحيات والوصلات الموسيقية والغنائية لفرق عربية، والتي شهدت عام 1943 حضور الموسيقار فريد الأطرش وشقيقته أسمهان لافتتاح العرض الأول من فيلمهما “انتصار الشباب”، كما عرضت فيها مسرحية كرسي الاعتراف ليوسف وهبي وقدمتها فرقة المحمصاني اللبنانية في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، ثم سينما (الإمارة) التي أنشئت بعدها في مطلع الأربعينيات .
وعلى صعيد النشر وبعد وصول الملك المؤسس عبدالله بن الحسين إلى عمان دعم تأسيس الصحف والنشر من خلال جلب أول مطبعة في عهد الإمارة إلى عمَّان عام 1922، ثم ظهرت مطبعة الحكومة عام 1925، ثم ظهرت مطابع أخرى مهمة منها مطبعة الاستقلال العربي عام 1932وأسهمت بنشر ثقافة الطباعة التجارية .
وفي تلك الحقبة الزمنية كان المسرح يسير بخطى ثابتة وواثقة، إذ كان هناك كُتاب كَتبوا للمسرح، ثم بدأت حركة المسرح كفعل من خلال المدارس والكنائس، فكانت الإشارات الأولى لعمل تمثيلي مدون عام 1918، وقبلها أنشئت أول جمعية في الأردن تُعنى بالمسرح وشؤونه عام 1914 وسميت “جمعية الناشئة الكاثوليكية العربية” وازدهرت الأعمال المسرحية على يد روكس بن زائد العزيزي ومحمد المحيسن وغيرهم، فقدم العزيزي الكثير من الأعمال المسرحية منها “السموأل” عام 1923، و”الرشيد والبرامكة” و”صلاح الدين الأيوبي”؛ عام 1924، وقدمت عروض مسرحية في عمان والسلط وعجلون منذ عام 1927 .
وبالتزامن مع تأسيس الدولة تشكلت موسيقات القوات المسلحة الأردنية عام 1921 مع بدايات ابتناء القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، مما يؤكد اهتمام الملك عبدالله بن الحسين بالموسيقى، ليتم بعدها تكوين فرقة دار الإذاعة برام الله وفرقتين من موسيقى الجيش، فكانت هذه بمثابة بذور النهضة الموسيقية المقبلة وأسسها .
والأردن الذي يستند على تاريخ للوجود الإنساني يتجاوز 8 آلاف عام ويحتوي إرثاً ثقافياً يشهد على إسهاماته الكبيرة في حقب تاريخية قديمة ومهمة، كما مهد لنشوء الكتابة والحرف العربي عندما قدم الأنباط الحرف والانتقال به من الأرامية إلى العربية، قادر على أن يسهم في السياق الحضاري العالمي .
وشهد الأردن كذلك التنوع الثقافي وكان ضمن بواكير ظهور المشروع الإسلامي، وفي العهود الإسلامية المبكرة كان للجغرافيا والثقافة الأردنية دور مهم في السياق الحضاري، وسعيا لربط الماضي التليد والجذور والتراث والهوية والمنجزات والمعرفة والفنون بالحاضر والمستقبل، أولت الدولة الاردنية اهتماما كبيرا بإنشاء المتاحف، إذ يُعد متحف آثار جرش أقدم متحف في الأردن ويعود لعام 1928 وأقيم في أحد أقبية معبد أرتيمس .
وتم تأسيس متحف الآثار الأردني عام 1951، ومتحف البتراء القديم عام 1963، ومتحف الحلي والأزياء 1971، ومتحف الحياة الشعبية 1977، ومتحف صرح الشهيد 1977، ومتحف الأردن 2005، ومتحف الأطفال 2007 .
كما تم تأسيس المتحف الوطني للفنون الجميلة عام 1980 ومتحف الحياة البرية، وتوالى تأسيس المتاحف تباعا في العديد من المحافظات والمواقع الأثرية والتراثية وذات البعد الوطني والمعرفي، ليصل عددها إلى نحو 30 متحفا .
وتزامن النهوض الثقافي مع الاهتمام بالتعليم منذ تأسيس الدولة الأردنية كمقدمة لإشاعة الثقافة العربية المنفتحة على البعد الإنساني الأعم، إلا أن مأسسة العمل الثقافي في الأردن، جاءت مستندة إلى تراكمات في العمل الثقافي الحكومي والأهلي، بدأت بإنشاء دائرة الثقافة والفنون عام 1966 لتكون إطاراً راعياً للنشاط الثقافي في المملكة، بالإضافة إلى ملء الفراغ على صعيد الخدمات الثقافية .
وجاء إنشاء الدائرة من أجل الاهتمام بكل ما يتعلق بالشؤون الثقافية والفنية في المملكة، والتعاون مع الكتاب والمثقفين والفنانين ودعم نشاطاتهم، حيث ارتبطت هذه الدائرة بوزارة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار التي أنشئت في مطلع عام 1964، وأنيطت بها العناية بمختلف الشؤون الثقافية والإعلامية، ثم تم إنشاء وزارة الثقافة والشباب بمقتضى المادة 20 من الدستور، وصدر نظامها سنة 1977 ثم أنشئت وزارة الثقافة والتراث القومي عام 1988 بنظام خاص هو نظام وزارة الثقافة والتراث القومي رقم 5 لسنة 1988، ثم نظام وزارة الثقافة رقم 5 لسنة 1990، ثم تلاه التنظيم الوزاري لوزارة الثقافة رقم 15 لعام 2003 .
وشهدت المرحلة التي تمتد من عام 1966 إلى عام 1976، مرحلة بناء العمل الثقافي الحكومي، فصدر أول نظام لنشر الإنتاج الثقافي في الأردن وتوزيعه سنة 1969، وبوشر بنشر الكتب الثقافية، وصدرت أول مجلة ثقافية (أفكار) سنة 1966، وصدرت مجلة “صوت الجيل” ومجلة “الفـــنــون الشـعبية” عام 1974، وأنشئ المعهد الموسيقي سنة 1966 بالإضافة إلى فرقة الفنون الشعبية، وتشكلت أول فرقة مسرحية حكومية – أسرة المسرح الأردني عام 1965 واستمر نشاطها حتى عام 1977، والمكتبة الوطنية عام 1975، وصدرت مجلة “صوت الجيل” ومجلة “الفنون الشعبية” عام 1974 .
وفي عهد المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال تطورت الحركة الثقافية في المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبحت مشروع دولة ناجز، استحدثت له المؤسسات والدوائر ووضعت له التشريعات، ففي بداية الخمسينيات بدأ النشاط الفني التشكيلي، إذ تم تشكيل ندوة الفن الأردنية، ورابطة رعاية الفنون والأدب في عمان، وندوة الرسم والنحت الأردنية، والمعهد الملكي الذي أسسته الأميرة فخر النساء زيد عام 1975 في عمان، وتأسيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين عام 1977، لتشهد مرحلة التسعينيات تحولاً مهماً في مسيرة الحركة التشكيلية الأردنية .
وعلى صعيد الكتاب والأدباء تأسست رابطة الكتاب الأردنيين عام 1974، وتضم الأُدباء والكتاب الأردنيين في مُختلف مَجالات الأدب من رواية، وشعر، وقصة، وأبحاث ونقد أدبي وفني وغيرها، والرابطة عضو مؤسس في اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية .
وعقد في عمان مؤتمر الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب الثامن عشر للمرة الأولى عام 1992، وانتُخب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين رئيساً للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب علاوة على فوز العديد من الكتاب والأدباء والباحثين الأردنيين لاسيما اعضاء الرابطة، في العديد من الجوائز العربية والعالمية على امتداد المسيرة الثقافية، فيما كانت جمعية المكتبات الأردنية تأسست عام 1967، واتحاد الناشرين الأردنيين 1996.
وعلى امتداد هذه الأعوام المئة توسع إنشاء دور النشر الأردنية والتي استقطبت إبداعات عدد كبير من الأدباء والمفكرين والكتاب العرب، ليصل عددها اليوم إلى نحو 167 دار نشر، كما تأسست مجلات متخصصة ومنها التي تعنى بالشأن الثقافي والفكري ونمت حركة الصحافة التي أولت اهتماما كبيرا للشؤون الثقافية في صفحاتها .
وعلى صعيد السينما اعتبر فيلم (صراع في جرش) لواصف الشيخ ياسين الذي تم إنجازه عام 1958 الخطوة الأولى على طريق تأسيس صناعة سينمائية في الأردن، فيما جاءت المحاولة الثانية عام 1962 مع الفيلم الروائي الثاني (وطني حبيبي) لعبد الله كعوش، وعمل غازي هواش على إنتاج فيلم مشترك أردني- تركي، وحقق المخرج المصري فاروق عجرمة فيلم (عاصفة على البتراء) كإنتاج أردني لبناني إيطالي مشترك تم فيه توظيف المناطق الأثرية الأردنية كخلفية للفيلم، حتى جاءت أول مساهمة رسمية في سبيل صناعة سينما أردنية عام 1965 بتأسيس دائرة السينما والتصوير التابعة لوزارة الإعلام، ثم تأسيس النادي السينمائي الأردني عام 1979 والذي أحدث حراكا نقديا مهما في هذا المجال .
واستقطبت الجغرافية والبيئة الأردنية كمواقع للتصوير أعمالا سينمائية عالمية بدأت بفيلم لورنس العرب من إخراج البريطاني العالمي ديفيد لين عام 1962، وصولا لحرب النجوم الجزء التاسع 2018 وغيرها الكثير .
ويأتي تأسيس الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عام 2003 محاولة جادة للنهوض بهذا القطاع، ليتوج العمل على صناعة السينما في مهرجان الأردن الدولي للأفلام الذي تقيمه وزارة الثقافة، ويعتبر وصول الفيلم الأردني “ذيب” الذي أنتج عام 2014، إلى القائمة النهائية لترشيحات الأوسكارعن فئة أفضل فيلم أجنبي عام 2016، علامة فارقة في صناعة السينما الأردنية ومحفزا مهما لتطورها فيما أطلقت الهيئة أول مهرجان أردني للأفلام “مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم” في آب 2020 .
أما الدراما التلفزيونية الأردنية التي انطلقت مع تأسيس التلفزيون الأردني عام 1968، بأول مسلسل “باب العمود” عام 1968، وبمشاركة نجوم عرب وضحى وابن عجلان عام 1975، والذي يعد من أوائل المسلسلات العربية التي تصور بالألوان وأول المسلسلات البدوية، مثلما انتج التلفزيون الأردني أعمالا عربية ومنها مسلسل (صح النوم) و( ملح وسكر )، لتفرض المسلسلات نفسها في عقود السبعينيات والثمانينيات بقوة على خريطة الإنتاج العربي حيث أصبحت منافسا قويا للإنتاج الدرامي العربي وحازت على ثقة وتقدير المشاهد الأردني والعربي على حد سواء .
فيما كانت من أولى الأعمال الإذاعية بأسلوب درامي والتي استقطبت جمهورَ المستمعين مضافة أبو محمود 1959-1960، وقدم عبر أثير الإذاعة الأردنية التي تأسست عام 1948 وانطلق منها عدد من نجوم الغناء العربي منهم؛ سميرة توفيق وفهد بلان وهيام يونس، ودلال الشمالي وسماهر وغيرهم .
أما مرحلة التأسيس الحقيقي للمسرح الأردني فكانت ما بين الأعوام 1960 و1969، إذ اتصفت تلك المرحلة بالأكاديمية وكانت انطلاقاتها من مديرية رعاية الثقافة التابعة لوزارة الإعلام حينها، وإيجاد قسم المسرح، ثم الحراك المسرحي في الجامعة الأردنية، وعقدت أول ندوة للمهتمين بالمسرح في الأردن عام 1978، لتتولى الإنجازات ويتسع الفضاء المسرحي وينطلق مهرجان المسرح الأردني في دورته الأولى عام 1991 وبعدها تتوالى وتتعدد المهرجانات المسرحية .
وعلى صعيد الموسيقى قامت الدولة بدعم الحركة الموسيقية والإسهام بإنشاء مؤسسات وهيئات داعمة لهذا الفن، مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ومعهد الموسيقى، وفرقة الرقص الشعبي، والمعهد الوطني للموسيقى، والأكاديمية الأردنية للموسيقى، فيما شهدت فترة السبعينيات والثمانينيات إنشاء روابط فنية تعنى بالفنون الدرامية والموسيقية ما لبثت أن صبت في بوتقة نقابة الفنانين الأردنيين التي تأسست عام 1997 .
وفي ظل هذه الفضاءات التي وفرتها الدولة وتسهم بدعم الثقافة والفنون، تم إطلاق “مهرجان جرش للثقافة والفنون” الدولي السنوي عام 1981، الذي يعد من أبرز المهرجانات العربية والعالمية، مما شجع المجتمعات المحلية ومؤسساتها بإطلاق مهرجانات تعنى بالثقافة والفنون ومن أبرزها “مهرجان الفحيص.. الاردن تاريخ وحضارة” الذي تأسس عام 1990، لتؤكد الدولة اهتمامها بالموسيقى بإطلاق مهرجان الأغنية الأردنية في أيلول عام 2001، مما أسهم برفع الذائقة الفنية، وانتشار الفرق الفنية الغنائية والموسيقية .
وتأخذ الدولة على عاتقها بالتوسعة بإنشاء مراكز ثقافية في جميع المحافظات الاردنية، منها مركز الملك عبدالله الثاني الثقافي في الزرقاء ومركز إربد الثقافي ومركز الأمير الحسن الثقافي في الكرك، ومركز جرش الثقافي، ومركز عجلون الثقافي، ومركز الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي في معان .
ومع تطور الحركة الثقافية صدر أول نظام لجوائز الدولة التقديرية للآداب والفنون رقم 19 لسنة 1977، وعقد في عمان أول مؤتمر لوزراء الثقافة العرب العام 1976، وصدر عنه “بيان عمان” الثقافي الذي أصبح دستوراً شاملاً للحركة الثقافية العربية .
وأقيم أول مهرجان لأغنية الطفل العام 1993، وأقيم مهرجان الأغنية الأردنية الأول بمبادرة من رابطة الموسيقيين الأردنيين آنذاك عام 1993، وأصبحت المكتبة الوطنية دائرة قائمة بذاتها، وصدر قانون حماية حق المؤلف رقم 22 لسنة 1992 وأسس متحف الحياة السياسية عام 1994، الذي يؤرخ لنشاط الدولة الأردنية، واتخذ من مبنى مجلس الأمة القديم مقراً له .
كما تطور في الألفية الثانية مشروع النشر من خلال مشروع المدن الثقافية الذي أطلقته وزارة الثقافة عام 2007،فكانت المدن تنشر من 30-35 كتابا، وفي عام 2007 أطلقت الوزارة مشروع مكتبة الأسرة الأردنية، إذ يطبع في كل دورة نحو 50 عنوانًا، ويهدف إلى إصدار العديد من المؤلفات في مختلف المعارف الإنسانية وبيعها بأسعار رمزية للحث على القراءة والاهتمام بالكتاب .
ويبلغ معدل ما تصدره الوزارة سنويا 180 كتابا، مثلما يصدر عنها مجلات أفكار وفنون وصوت الجيل ووسام، إضافة لمتابعتها التوسع في النشر من خلال سلسلة فكر ومعرفة، وسلسلة الفلسفة للشباب، وسلسلة الكتاب الأول، وسلسلة سرد وشعر، وسلسلة شغف .
وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني تم اختيار عمان عاصمة للثقافة العربية العام 2002، وتم الاحتفال بها لمدة عام كامل وأقيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المحلية والعربية والدولية، وكانت نموذجا يقتدى به بفضل اللجان الفاعلة من جميع المؤسسات الحكومية والأهلية لإنجاح هذه الاحتفالية
وترسخ العمل الثقافي باختيار عمّان عاصمة للثقافة العربية، وتم تنفيذ فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009، وتنفيذ فعاليات عمان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2017.
وقدمت وزارة الثقافة تجربة مهمة تحت عنوان: مشروع المدن الثقافية الأردنية عام 2007، بهدف تحقيق عدالة توزيع مكتسبات التنمية الثقافية وتعزيز تنمية الحراك الثقافي في مدينة الثقافة، والإسهام في بناء البنية التحتية للثقافة في الأقاليم والمحافظات وتشجيع الإبداع والمبدعين، وتتجسد أهمية المشروع بكونه الأول من نوعه في تاريخ الأردن، وفي الدول العربية .
كما تقدم الوزارة الدعم المالي واللوجستي للمئات من الجمعيات والهيئات الثقافية والفرق الفنية بشكل سنوي، إذ بلغ عدد الجمعيات العاملة في الشأن الثقافي، والتي تتبع لوزارة الثقافة أكثر من (700) جمعية تمارس مختلف الشؤون الثقافية والإبداعية، عملت جميعها على تنوير ورفع الذائقة الإبداعية في المجتمع ورفده بالمواهب الشابة وتنميتها وصقلها، بهدف الارتقاء بالفعل الثقافي وإيصاله إلى سائر محافظات المملكة .
وأعلن أخيرا عن الخطّة الوطنيّة لعناصر التراث الثقافي غير المادي للأعوام (2020-2024)، والتي أقرها مجلس الوزراء وهدفت لترسيخ الهوية الثقافية الأردنية، وتستند على تجهيز وإعداد مجموعة من عناصر التراث الثقافي غير المادي لوضعها على قائمة التراث العالمي .
والمشهد الثقافي الأردني في مئوية الدولة الأردنية الذي يستمد خصوصيته من خارطة ثقافية غنية بالصروح والفعاليات والإبداعات الثقافية والفنية المختلفة، رعته الدولة ووفرت كل الإمكانات لاستدامته لاسيما في ظل تداعيات جائحة كورونا، فأطلقت وزارة الثقافة في آذار الماضي مسابقة موهبتي من بيتي والتي تعد الأولى في الوطن العربي، تلتها مباردات أخرى للوزارة والهيئات الثقافية الأهلية والخاصة عبر وسائط التواصل الرقمي.
وجرى الإعلان عن الخطة الوطنية لاحتفالية مئوية تأسيس الدولة الأردنية التي تشارك فيها مختلف المؤسسات الرسمية والأهلية على امتداد مساحة الوطن، وذلك في مؤتمر صحفي عقد في متحف الحياة البرلمانية بتاريخ 9 كانون الثاني الماضي .
وتشتمل الخطة على خمسة محاور تتضمن عددا من الاحتفالات والفعاليات و30 برنامجا ومشروعا ثقافيا ومجتمعيا تحوي فعاليات وطنية تتوزّع على مختلف محافظات المملكة، وتحتفي بالمنجز الأردني، وتجسّد مسيرة بناء والتنمية المتراكمة على امتداد مئة عام .
ولم تغفل الخطة عن البرامج التي تعنى بالفئات العمرية من الأطفال من خلال المسابقات والمنصات التعليمية وغيرها .
ويشتمل المحور الأول من الخطة على البناء الرمزي والوطني على البرامج والفعاليات الترويجية والإعلامية والإصدارات الخاصة، بينما حمل المحور الثاني عنوان الاحتفالات والفعاليات الكبرى ومن أبرز معالمه حملة (علمنا عال) ومسابقة الصرح التذكاري الذي تشرف عليه أمانة عمان الكبرى.
أما المحور الثالث الذي حمل عنوان البرامج والفعاليات الثقافية والمجتمعية والمشروعات والبرامج المستدامة، فشملت معالمه احتفالات المحافظات والمؤسسات التعليمية الرئيسة والقوات المسلحة والأمن العام والمتقاعدين العسكريين والمغتربين الأردنيين في الخارج والفعاليات الرياضية والشبابية والسياحية والمؤتمرات العلمية الثقافية وبرامج التوثيق والأرشفة ويشمل 220 وزارة ومؤسسة .
كما يشمل هذا المحور الإصدارات وسلاسل النشر وبرامج إثراء المحتوى الثقافي الوطني الرقمي وفعاليات وبرامج الفنون والمسابقات ودعم المشروعات وايصال رسالة المئوية إلى العالم باللغات الأجنبية والتثقيف الوطني(هوية)، فيما حمل المحوران الرابع والخامس العنوانين “البرامج والفعاليات التي تعنى بتحفيز الابتكار في المئوية الثانية”، و”المشروعات الوطنية التي ستدشن في المئوية”.
ومن أبرز فعاليات المئوية الثقافية في شهر شباط الماضي الإعلان عن مسابقات الشعر وكلمات الأغاني ونصوص الافلام الروائية والقصيرة والوثائقية والأعمال المسرحية في الموضوعات الأردنية، مثلما تم إطلاق المجموعة الأولى من إصدارات مئوية الدولة ضمن البرنامج الوطني للقراءة واشتملت على 58 كتابا، وإطلاق الموقع الرسمي للمئوية، وانجاز مكنز التراث الشعبي الأردني .
فيما كانت من أبرز الفعاليات الثقافية في شهر آذار الماضي تنظيم معرض صور الأردن من الأرشيف التركي، والإعلان عن جائزة القيم السياسية والثقافية للباحثين العرب الشباب، والجائزة الوطنية لبحوث ودراسات مئوية الدولة الأردنية، وإنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية وإطلاق مشروعات؛ الوطني للتوثيق والأرشفة ومنصة وثق وجمع التراث الشفوي للدولة الأردنية .
وأطلقت وزارة السياحة والآثار مكتبة المؤسس، والمشروع الوطني لتوثيق القطع الأثرية، فيما أطلقت وزارة التربية والتعليم مسابقة شاعر المئوية للمعلمين والطلبة في جميع مدارسها، وإقامة مهرجان المسرح المدرسي حول المئوية ومسيرة الهاشميين والمواطنة .
وضمن أبرز فعاليات المؤسسات الأهلية بمناسبة مئوية الدولة الأردنية، نظم منتدى الفكر العربي خلال الأشهر الثلاثة الماضية ندوات حوارية تناولت “دور المكتبة الوطنية في التوثيق وحماية ذاكرة الوطن” والحركة الثقافية والأدبية الأردنية منذ تأسيس الدولة الأردنية” و”التعليم العالي في مئوية الدولة الأردنية” و” العوامل التي أثّرت في تشكيل البنية الاجتماعية في الأردن خلال مئة عام” و” موضوعات التكنولوجيا والبحث العلمي في مئوية الدولة الأردنية “.
وبالتعاون مع مبادرة (ض) إحدى مبادرات مؤسسة ولي عهد الأردن، واحتفاءً بالمناسبة، أطلق مجمع اللغة العربية الدورة السادسة للمسابقات الثقافية لهذا العام .