خواطر عن البطالة والموارد البشرية
بقلم – المحامي ماجد محمد قاروب:
والدي عمل بالدولة 40 عاماً وبجميع سلطاتها القضائية والتنفيذية والتشريعية واختتم مسيرته في خدمة الوطن عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات لم يوظف فيها أحد أبنائه الخمسة أو أحد من العائلة في الدولة.
زيادة هللة واحدة على ليتر البنزين والديزل ستمكن من توظيف ما لا يقل عن 300،000 شاب سعودي من حملة المؤهلات الضعيفة علمياً في محطات الوقود على مستوى جميع المناطق وبراتب على ما يقل عن 4000 ريال وهو قرار يمكن أن ينفذ في لحظات وليس أيام أو أسابيع.
لا يمكن الحديث عن معالجة البطالة ونحن لدينا عشرات الألف من خريجي كليات الطب والصحة والتمريض بمختلف التخصصات والمسميات عاطلين عن العمل وفي المقابل هناك 450،000 موظف أجنبي بالقطاع، وعشرات المراكز والمستوصفات والمستشفيات الحكومية تعمل بنصف طاقتها لعدم وجود وظائف بقطاع الصحة وعلى النقيض شركات التأمين الطبي والصيدليات تحقق عشرات المليارات أرباح سنوية مع نسبة سعودة ضعيفة للغاية.
قطاع الاستشارات يستطيع أن يستوعب ما لا يقل عن 300،000 ألف شاب وفتاة من مختلف التخصصات قانون-هندسه-مالية إدارة إلى غيرها من العلوم والتخصصات شريطة دعم القطاع وليس الوظائف والرواتب.
مثال على قطاع الاستشارات تفعيل نظام المحاماة المعطل منذ 15 عاماً بقصر الترافع في المحاكم وكذلك تقديم الاستشارات على المحامي المرخص فقط، هذا سيمكن من توظيف ما لا يقل عن 30،000 من خريجي القانون خلال 48 ساعة خاصة مع تطبيق حازم لمبادئ الإفصاح والشفافية وتعارض المصالح.
صعب الحديث عن ما يقارب 15% بطالة وأساتذة الجامعات بعد الرواتب والسكن والبدلات والمكانة الاجتماعية متفرغون للعمل في القطاع الخاص بأساليب وطرق مختلفة فيحصلون على فرصهم وفرص الطلاب اللذين يدرسونهم للخروج للبطالة وليس سوق العمل.
هناك ما يقارب من 300،000 وظيفة إدارية روتينية في القطاعات الحكومية يمكن أن يشغلها خريجو الجامعات من إدارة أعمال والجغرافيا والتاريخ غير القادرين عن البحث عن وظائف بالمطلق.
أيام المهنة ثبت أنها فرصة للدعاية والإعلان والتسويق وليس للتوظيف وعلى وزارة الموارد البشرية مع التعليم إعادة صياغة ذلك اليوم ليكون بداية تثقيف طلبة الجامعات والكليات عن سوق العمل وآفاقه لتوجيه الطلبة إلى تخصصات يقبلها سوق العمل لتوافق التطلعات والطموحات مع واقع حقيقي معروف للطلبة وذويهم كذلك.
مكافحة البطالة وتوطين الوظائف مهمة وطنية لا تقل أهمية عن مكافحة التستر المتسبب الأول للبطالة الحقيقية ولذلك يحتاج إلى مشاركة جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالعمل الاقتصادي مثل التجارة والاستثمار والمالية والإعلام والبلديات والنقل والصحة والسياحة والرياضة والاتصالات مع مشاركة أساسيه لوزارة التعليم.
تعزيز الثقة بالقطاع الخاص يحتاج إلى قضاء عمالي سريع وفاعل ومنتج فرب العمل كما هو العامل يحتاج إلى الإنصاف الفوري والسريع وعلى وزارة الموارد البشرية العمل على نشر ثقافة آداب وسلوكيات ومبادئ العمل للجميع للحفاظ على بيئة صحية لسوق العمل وهو أمر ضروري أيضاً للقطاع العام الذي يجب أن تنفذ فيه لوائح السلوكيات وتعارض المصالح بشكل قوي ونافذ وصحيح.
التدريب وتطوير المهارات الفردية يجب أن يتحول على صناعة حقيقية وليست شكلية أو مجاملات وكذلك الابتعاد عن الممارسات الاحتكارية والفساد والتأكيد على مبدأ الحوكمة وتعارض المصالح ولعل في تجربه سيطرة المصرف المركزي (ساما) على الإشراف على التدريب في القطاع المالي والمصرفي يوضح هذا الأثر السلبي.
يجب أن يكون قطاع التدريب مستقل ومنفصل عن قطاعات التشريع أو الترخيص والإشراف والرقابة للتأكد من حسن الجودة لأن السوق وقطاع الأعمال هو من سيوظف في نهاية الأمر ضمن قواعد جديدة من الحوكمة والشفافية والنزاهة واحترام قواعد المنافسة وتعارض المصالح.
تحويل معظم الجامعات السعودية إلى الطب والهندسة والتقنية سيمكن من مطابقة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل المستقبلية التي تحتاج بعض من الإدارة والقانون والزراعة وغيرها من التخصصات بواقع كلية واحدة أو اثنين وليس عشرات لتخرج عدة آلاف إلى البطالة وليس سوق العمل كما هم خريجو الشريعة والقانون لعدم تطبيق نظام المحاماة.
الشاب والمواطن السعودي في ظل عهد سلمان الخير والحزم والعزم وبقيادة رجل القانون وسيادته أمير الرؤية والمستقبل يستحق أن يأخذ فرصته الكاملة في وطنه خاصة بعد أن أثبت في كل الظروف وخاصة خلال الجائحة أنه قادر على العمل والعطاء بكل حب وإخلاص وتفانٍ وقادر على الإبداع.