واشنطن – بكين.. حرب تجارية تُنذر بأزمة عالمية كبرى
واشنطن – بكين.. حرب تجارية تُنذر بأزمة عالمية كبرى
سويفت نيوز – محمد حسن الشيخ
منذ أن بدأت ما عرفت “بالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة” في مارس من العام 2018 بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نيّة إدارته فرض رسوم جمركية على الوارات من السلع الصينية بقيمة 50 مليار دولار، بموجب المادة 301 من قانون التجارة العام لعام 1974، ودخول هذه النيّة حيز التنفيذ في 3 من يوليو، ثم رد الصين كاجراء مضاد، بفرض رسوم على 128 منتج أمريكي، وقد دخلت البلدين في فصول من الشد والجذب، عنوانها الحرب التجارية.
وفي أحدث فصول التوتر بين البلدين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن إدارته ستفرض اعتبارا من الأول من سبتمبر لهذا العام، رسوما جمركية إضافية، بنسبة 10% على ما قيمته 300 مليار دولار من الواردات الصينية المستوردة سنويا، والتي كانت مُستثناة من هذه الضريبة.
من جهته قال أحمد العناني، عضو المجلس المصري للشؤون الخارحجية، أن العلاقة بين الصين وأمريكا تشهد توترا متصاعدا منذ أعوام، وصل إلى ذروته مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي يريد تخفيض العجز التجاري مع الصين، ويريد منها أن تفتح أسواقها أمام السلع والخدمات الأمريكية، مضيفا وبالمقابل تريد الصين من أمريكا أن ترفع واشنطن قيودها المتزايدة على الوارادات الصينية.
وحذر العناني من تصاعد مخاطر حرب فرض الرسوم والتعريفات الجمركية، بين أكبر اقتصادين في العالم، منوها أن الأزمة تتأرجح ما بين التهدئة والتصعيد، مستشهدا بنتائج لقاء ترامب- شين جي بينج على هامش قمة العشرين باليابان، والتي أعلن الرئيس الأمريكي بعدها رفع الحظر عن عملاق تكنولوجيا صناعة الهواتف “هواوي” بعد إدراجها على القائمة السوداء، وهو ما استبشر به العالم، من أن الأوضاع بين البلدين تمضي إلى الأفضل، لكن سرعان ما يعاود الرئيس الأمريكي إلى إشعال التوتر بقرارات مفاجئة، كالتي أعلن عنها مؤخرا من فرض رسوم جمركية جديدة على الوارادات الصينية.
قرارات مندفعة
من جهته توقع خبراء في أسواق المال أنّ ترامب لن يستطيع ليّ ذراع الصين، وأن هذه القرارات مشوبة بالحماس والاندفاع، ولا تخضع للواقعية السياسية والاقتصادية، وأن التغييرات الجوهرية التي أحدثتها فرض الرسوم الأمريكية والإجراءات الصينية المضادة، لا تصب في صالح واشنطن، بل تُفيد الصين أكثر، مستشهدا بنمو الشركات الصينية إلى نحو 1.65 مليون شركة ، بإجمالي رأس مال 5.7 تريليون دولار، وأن العام 2018 الذي شهد الحرب التجارية قد شهد تسجيل نحو 180 ألف شركة جديدة، فضلا عن استبدال الصين نحو 5% من الوارادات الأمريكية إليها بمنتجات محلية الصنع.
ورجع المراقبون أن التصعيد الأمريكي مع الصين، دفع الصين إلى الانفتاح أكثر على العالم، خاصة الأوروبي منه، ففي مارس الفائت، زار الرئيس الصيني شي جين بينج ثلاث محطات أوروبية، إيطاليا وموناكو وفرنسا، في محاولة لضم إيطاليا لمبادرة طريق الحرير الجديدة، والتي تبلغ تكلفتها تريليون دولار لتمويل البنى التحتية والجسور والموانئ والسكك الحديدة التي ستمر بها من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا، وهي المبادرة ذاتها التي تواجه هجوما شرسا من الولايات المتحدة والتي تصفها بمبادرة الغرق والجشع الصينية.
الصين ستضرر
أما محمد جابون، الخبير الاقتصادي، فيرى أن الصين هي صاحبة النصيب الأكبر من التصدير إلى الولايات المتحدة، أكثر مما يستوردون، لذلك قد تتضرر الصين بشكل أكبر من فرض هذه التعريفات الجديدة، وتتقلص صادراتها إلى الولايات المتحدة، متوقعا أن تجد الصين طرق بديلة، كفتح أسواق أخرى في دول أوروبا مثلا، مشيرا إلى أنّ نحو 80% من صادرات الصين إلى أمريكا ذهبت إلى أوروبا وكندا والمكسيك وفيتنام خلال عام 2018م.
وهذا يتطابق مع تصريحات سابقة لنائب وزير الإعلام الصيني غوو ويمين، التي قال فيها إن الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأمريكي العام الماضي لن تعيد لأمريكا عظمتها كما يأمل دونالد ترامب، بل ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد الأمريكي.
وأضاف الجابون أن هذا الصراع بين الدولتين الأكبر اقتصادا، سيكلف الاقتصاد العالمي خسائر فادحة، والتي ابتدت تجارية ثم انتقلت إلى التقنية، وربما يكون هذا نابع من طريقة تفكير الرئيس الأمريكي، من رغبته في الربح دائما، ورغبته في إخضاع الاقتصاد العالمي للهيمنة العاليمة، بما فيها الاقتصاد الصيني، الطامح إلى التحرك من دون قيود.
أزمة اقتصادية عالمية 2020
أما الدكتور طلال أبو غزالة، الخبير الاقتصادي العالمي، فقد توقع أن تؤدي النزاعات الثنائية بين طوكيو- واشنطن على المستويات المختلفة اقتصاديا وتجاريا وسياسيا وعسكريا إلى أزمة عالمية خانقة بحلول 2020م وربما إلى حرب عاليمة ثالثة.
وأضاف أب غزالة في بيان عبر موقعه الشخصي أنه لم يتوقف عن دق ناقوس الخطر، تحذيرا من الأزمة العالمية الوشيكة، مؤكدا أن تقارير صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تشير إلى أن الاقتصاد العالمي آخذ في التباطؤ، وسيستمر هذا التباطؤ حتى عام 2020، منوها أن ذلك يرجع جزئيا إلى الآثار السلبية لزيادة التعريفة الجمركية المطبقة بين الولايات المتحة والصين عام 2018، متوقعا ان تكون الأزمة الجديدة في 2020م أشد فتكا من سابقتها في عام 2008، وستستمر لفترة أطول وسيكون لها تأثير كبير على اقتصادات الدول الغربية، مسببة الركود والإفلاس.