وزير المالية : المملكة العربية السعودية اتخذت إجراءات حازمة وسريعة للحفاظ على سلامة الإنسان
الرياض – واس:
أكد معالي وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، أن المملكة ولله الحمد واجهت أزمة جائحة فيروس كورونا الجديد ” كوفيد 19 ” من موقف قوة، حيث اتخذت إجراءات متعددة وفقاً لرؤية المملكة 2030 وبقيادة حكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – لتنويع الاقتصاد وهي رحلة انطلقت خلال الأربع سنوات الماضية ومستمرة لسنوات عديدة واتخذنا إجراءات في ما يتعلق بضبط المالية العامة والسيطرة على عجز الميزانية، وشهدنا تحقيق نتائج إيجابية كبيره جدا 2019.
وقال معاليه خلال مقابلة على قناة “العربية” حول الإجراءات الاحترازية المالية لجائحة فيروس كورونا: ” مع بداية هذا العام ووقوع جائحة كورونا على مستوى العالم وأثرها الاقتصادي والصحي اتخذت المملكة إجراءات حازمة وسريعة جدا للحفاظ على سلامة الإنسان، وتوفير الموارد للقطاع الصحي”.
وأوضح الأستاذ الجدعان أن الربع الأول ونتائجه لا يظهر فيها أثر الجائحة بشكل كبير جدًا، فالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة وما نتج عنها من آثار كبيرة جدًا على الاقتصاد والمالية العامة، مبيناً أنه في الغالب ستظهر نتائجها على الربع الثاني والثالث والرابع حسب تطورات الوضع الصحي والاقتصادي، مشيراً إلى أن المملكة ملتزمة في ما يتعلق بالمالية العامة وملتزمة كذلك بالاستدامة، وأن يكون لديها ما يكفي من القوة المالية لمواجهة هذه الأزمة حتى لو طالت، وقد اتخذنا مجموعة من الإجراءات في الناحية الصحية وكذلك الناحية المالية من حيث تقليص النفقات وننظر حالياً في ما يمكن عمله للحد من مستوى العجز.
وأفاد أن الإيرادات انخفضت بشكل كبير جدًا وفي الغالب سيظهر أثرها في الأرباع القادمة سواء في الإيرادات النفطية، وقال : لقد بدأنا العام في أسعار النفط بأعلى من 60 دولار للبرميل، ونشاهد هذه الأيام أرقام بحدود 20 وهذا الانخفاض الكبير يؤدي إلى انخفاض الإيرادات في أكثر من النصف، كما أن الإيرادات الغير نفطية ونتيجة للإجراءات الاحترازية تنخفض وتيرة النشاط الاقتصادي بشكل كبير جدًا وبالتالي تنخفض الإيرادات غير النفطية ونتعامل معها بحصافة وكفاءة وبإذن الله تعالى الحكومة تنظر لمجموعة كبيرة جدًا من الخيارات التي أمامها للتعامل مع جائحة لم يشهد العالم منذ أكثر من 70 سنة تقريبًا من الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم لم يشهد العالم مثل هذه الجائحة.
وبين معالي وزير المالية، أن المملكة وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، شكلت مجموعة من الفرق لمواجهة جائحة كورونا سواءً في الجانب الصحي أو الاقتصادي، واتخذت مجموعة من الإجراءات لدعم الاقتصاد، حيث أن الهدف الأساسي منها هو المحافظة على وظائف المواطنين في القطاع الخاص، والمحافظة على استمرار الخدمات الأساسية، وكذلك المحافظة على توفير الموارد المالية وغيرها من الموارد للقطاع الصحي.
وأفاد معاليه أن المملكة أعلنت عن مجموعة من الحزم تجاوزت تقريباً الـ 180 مليار ريال، ما تشكل تقريباً 8 % من الناتج المحلي غير النفطي، موضحاً أن لديها مجموعة من المبادرات التي يتم دراستها لدعم الاقتصاد ودعم القطاع الخاص والقطاع الصحي، مبيناً أن المملكة اتخذت إجراءات للحد من النفقات، بسبب الانخفاض الكبير للإيرادات، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض على مدى هذا العام والعام المقبل، مشيراً إلى أن المملكة يجب أن تكون مستعدة من الناحية الاقتصادية لمواجهة هذه الجائحة وآثارها الشديدة والمؤلمة جداً على الناس وعلى القطاع الخاص.
وأكد أن هذه الأزمة لم يشهد لها العالم مثيل، سواءً على الجانب الصحي أو الاقتصادي والمالي لعقود طويلة، ونتيجةً لذلك يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات مختلفة عنما تم سابقاً، حيث أنه يجب الحد من النفقات وإعادة توجيه جزء منها لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين، ومواجهة آثار الصدمة الكبيرة جداً في الإيرادات.
وبين معاليه أن الحكومة قررت خفض بعض الإنفاق ولكن حتى الآن لا يكفي، فقد قررت الاستدانة بأكثر مما هو مخطط له، حيث أنه كان المخطط 120 مليار ريال، ولكن الآن سنقترض أكثر من ذلك بحدود 100 مليار ريال إضافية، مشيراً إلى أن هذا أيضاً لا يكفي لسد العجز، مبيناً أنه من المهم جداً النظر إلى قائمة النفقات في الميزانية والاختيار منها الأقل ضرراً والأكثر أثراً لصالح الاقتصاد ولصالح المواطنين والخدمات الأساسية التي تقدمها.
وحول سؤال معاليه عن البنود التي سيمسها الخفض المتوقع، أفاد معاليه أن الحكومة ستنظر إلى التخفيف من المصروفات من المشاريع سواء الكبرى أو بعض برامج تحقيق الرؤية، كما سيتم تخفيض الانفاق على مشاريع السفر والانتدابات، كما أنها ستنظر إلى بنود أخرى طالما أنها لا تمس الخدمات الأساسية للمواطنين، مؤكداً أن جميع الخيارات مفتوحة حالياً وتدرس الحكومة آثار هذه الخيارات.
وقال : إن المملكة يجب أن تتخذ إجراءات صارمة وشديدة جداً، وقد تكون مؤلمة، ولكنها ضرورية للاستدامة المالية العامة، حيث أن الإيرادات انخفضت بشكل كبير جداً، كما أن الاقتصاديين وحتى علماء الصحة والأوبئة حتى الآن لا يستطيعون التنبؤ بشكل واضح لمدة هذه الجائحة وآثارها الاقتصادية الشديدة جداً التي نشهدها، وبالتالي يجب أن نكون جاهزين لمواجهة استمرار هذه الأزمة، وعندنا القدرة المالية بالحدود الممكنة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وبالتالي يجب أن نخفض وبشدة من مصروفات الميزانية، وننظر في خيارات كبيرة جداً وواسعة سواء فيما يتعلق بالمشروعات وغير المشروعات والمصاريف الأخرى.
وبين الأستاذ الجدعان أن المملكة اتخذت إجراءات تنم على قدرة كبيرة جداً وديناميكية عالية في اتخاذ القرار وفي الوقت المناسب قبل أن يفوت الأوان، حيث أن العالم أجمع يشهد أزمة لم يشاهدها في السابق، وأن المملكة تعتمد بشكل كبير جداً على النفط، حيث أن رؤية المملكة 2030 جاءت لمحاولة حل هذه الإشكالية بتنويع الإيرادات وتنويع النشاط الاقتصادي، ولا زلنا نعتمد بشكل كبير جداً على الإيرادات النفطية، وطالما أن الإيرادات النفطية انخفضت بشكل كبير جداً أكثر من النصف، والإيرادات غير النفطية أيضاً انخفضت نتيجة تعطل كثير من القطاعات الاقتصادية في المملكة، بالتالي يجب علينا أن نكون حريصين وحازمين في إدارة المالية العامة لنتمكن من الاستمرار لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين في حال استمرت هذه الأزمة.
وفيما يتعلق بالاستثمارات السعودية في الخارج، قال معاليه :” إن الحكومة تدير المالية العامة بشكل حصيف وكفء، ولديها احتياطات، ولو تذكرنا فقط خلال الخمس سنوات الماضية لو لم يكن لدينا هذه الاحتياطات، لواجهتنا أزمات كبيرة جداً، واستخدمنا هذه الاحتياطات لتغطية عجز الميزانية واستخدمنا أكثر من ترليون ريال خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية لتغطية العجز، واستخدمنا أيضاً جزء من إيرادات الاستثمارات التي نقوم بها، حيث إن الاستثمارات مهمة جداً لأن لديها عوائد نستطيع أن نستخدمها في حال الأزمات لسد العجز، وإذا استخدمنا الاحتياطات استهلكنا هذه الأصول، ولن يعد لدينا عوائد، ومثل هذه الأزمات تخلق فرص للاستثمار، تنخفض قيام كثير من الشركات والاستثمارات وبالتالي قد تشكل فرص يمكن الاستثمار فيها وتحقيق عوائد تغطي العجز في الميزانية على السنوات القادمة بإذن الله تعالى.
وأكد معالي وزير المالية، أنه لا يمكن التنبؤ فيما يتعلق بأسعار النفط فهي مسألة يقودها العرض والطلب وأسواق البترول هي التي تحدد السعر، مبيناً أن الصدمات الكبيرة في الاقتصاد العالمي فيما يتعلق بالطلب على المواد الأساسية بما فيها النفط، تضغط بشكل كبير على مستوى الطلب، وبالتالي على أسعار النفط، متوقعاً أن تستمر الصدمة الاقتصادية لمدة ليست بالقصيرة، والوضع الاقتصادي في العالم هش، مبيناً أهمية التخطيط لما هو أسوأ ونأخذ الأمور بجدية لنتمكن في الاستمرار بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وإدارة وتشغيل الحكومة لسنوات قادمة في حال لا سمح الله استمرت الأزمة لمدة طويلة.
وأكد معاليه أن السيولة في القطاع المصرفي متوفرة وبشكل كبيرة جداً، كما شوهد في تقارير المؤسسات المالية الدولية، ولا يوجد لدينا تحدي في السيولة المصرفية ومؤسسة النقد العربي السعودي، والمصارف، وقادرين على إدارة السيولة وتوفير احتياجات القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الحكومة حريصة جداً من خلال مركز إدارة الدين العام على عدم مزاحمة القطاع الخاص، والاستمرار في الإصدارات الداخلية والخارجية حسب وضع السوق وتكلفة الدين.
وقال :” من المهم الانتباه والحرص على ارتفاع تكلفة الدين كون ارتفاع تكلفة الدين ليس فقط مضر بالمالية العامة، وبالتالي تكلفة خدمة الدين في المستقبل، ولكن أيضًا مضر بالاقتصاد كون ارتفاع تكلفة الدين على الحكومة يرفع تكلفة الدين على الشركات الأخرى وعلى المواطنين حتى في قروضهم العقارية والاستهلاكية، ومن المهم الحرص على أن لا ترتفع تكلفة الدين”، متناولاً الإقبال المميز على أوراق الدين الحكومية سواء في الداخل أو الخارج، مبيناً أنه وفق الخطة التي تم الإعلان عنها سنقترض هذه السنة إلى حدود 220 مليار حسب وضع الأسواق وحسب السيولة المتوفرة.
وأفاد الجدعان أن التحديات على الاقتصاد وعلى المالية العامة كبيرة جدًا، وأن العالم والمملكة على الصعيد الاقتصادي لن يعود بعد أزمة كورونا كما كان قبلها كون هناك الكثير من التغيرات الاقتصادية سواءً في الأنشطة الاقتصادية العادية أو في سلاسل الإمداد أو في أسعار وتكاليف الخدمات والمواد.
وقال معاليه : ” أعتقد هناك تحديات نراقبها بشكل دقيق، وأن هناك فرق عمل تعمل ليل نهار لحصر هذه التحديدات، وأيضًا حصر الفرص التي يمكن أن نستغلها هذا في جانب”، مبيناً أن الجانب الأخر المالية العامة تعتمد عليها الدولة بشكل عام، ولا يزال الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي، ومن المهم المحافظة على المالية العامة لكي نستمر لدعم الاقتصاد للسنوات القادمة.
وأشار إلى أن سعي الحكومة على مدى الأربع والخمس سنوات إلى إجراءات كبيرة جدًا لضبط المالية العامة، وذلك لتخفيض العجز ولا يزال المشوار أمامنا طويل، والعمل على تقليص النفقات وإن كانت بعض الإجراءات مؤلمة لكنها لمصلحة الجميع، مؤكدًا أهمية تضافر جهود الجميع المواطنين والقطاع الخاص والحكومة لمواجهة هذه الأزمة، داعياً الله سبحانه وتعالى تجاوز هذه الأزمة.