السيلفي وأشرطة الفيديو تعيد للحجاب اعتباره
سويفت نيوز_الظهران
لاول مرة في تاريخها، تطرح محلات «جون لويس» بلندن وليفربول مجموعة من أغطية الرأس، أو الحجاب كما تسميه للطالبات. المجموعة معروضة في قسمها الخاص بالدخول المدرسي إلى جانب جاكيتات وقمصان وتنورات، فيما يعد خطوة رائدة، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الحجاب إلى حد الآن لا يزال يثير الكثير من الجدل في الدول الأوروبية. وتزيد حدة الجدل عندما يتعلق الأمر بفتيات صغيرات، على أساس أنهن مجبرات عليه ولسن مختارات. ومما لا شك فيه أن تعاقد محلات جون لويس مع مدارس حكومية لتوفير هذه الخدمة، سيسعد الآباء الذين كانوا يضطرون لشرائه من محلات متخصصة، لا سيما أن الأسعار التي تقترحها جون لويس تتراوح بين 6 إلى 9 جنيهات إسترلينية فقط. من المدارس التي تعاقدت معها، نذكر المدرسة الإسلامية للفتيات التي أسسها يوسف إسلام، المغني كايت ستيفنس سابقا، في عام 1983 بلندن، وأكاديمية بلفيدير التي تأسست بمدينة ليفربول، منذ 130 عاما، وكانت أول مدرسة مستقلة تتحول إلى أكاديمية في عام 2007. ومعروف عنها أنها تستقبل طلبة من جميع الأجناس والأديان، وتحقق نتائج جيدة كل عام.
ولا شك أن جدل الحجاب لن يهدأ في الغرب، فهو لا يزال في ذهن البعض يرتبط بصورة امرأة مضطهدة ومغلوبة على أمرها، وإن كانت هذه الصورة بدأت تتغير بفضل فتيات شابات، حريصات على الحفاظ على هويتهن الإسلامية وفي الوقت ذاته مواكبة الموضة. هذا الجيل الجديد من الشابات يستعمل وسائل التواصل الاجتماعي ليصل إلى شرائح أكبر والخروج به من المحلية.
قبل بضع سنوات، تتبعت آسيا فراج (Ascia Sarrha)، البالغة من العمر 24 عاما، معظم مدونات الموضة، وانتابتها مشاعر مليئة بالإحباط. كامرأة مسلمة ترتدي الحجاب، فإنها لم تجد مدونة تعبر عنها. فهي تعشق الموضة ومتحمسة لها، وفي الوقت ذاته، تعرف أنها تنتمي إلى ثقافة محافظة، ما جعلها تفكر أن الحل الوحيد أن تطلق مدونة خاصة بها.
اليوم، يقدر عدد المتابعين لصفحتها في موقع الإنستغرام (ascia_akf)، والذين يتابعون ما تلبسه من أزياء متعددة الألوان لكن بتصاميم محتشمة من ماركات مثل (Diesel) و(BCBG)، أكثر من 900.000 متابع.
بعض ما تنشره ترعاه بعض الشركات في الكويت، حيث تعيش. واللافت أنه حتى عهد قصير، كان نشر صورة لوجه امرأة على الإنترنت، أمرا راديكاليا لامرأة مسلمة، لكن سارة كسرت المتعارف عليه، وكانت مدونتها، كما تقول: «من أوائل مدونات الموضة التي تظهر وجهي».
لكن سارة ليست وحدها الآن، فهناك عدد لا يستهان به من الفتيات في العشرين والثلاثين من عمرهن، يضعن بصماتهن على ثقافة الحجاب، ولا يتحرجن من الافتخار بها من خلال صور «سيلفي»، فضلا أنهن لا يكتفين بنشر صورهن، بل أيضا مقاطع فيديو يظهرن فيها بإطلالات متجددة.
هؤلاء، مقتنعات بأن الحشمة لا تتعارض مع عملهن ونشاطاتهن. الكثيرات منهن يتطلعن إلى العالمية، خصوصا المتعلمات تعليما عاليا والمنفتحات على التأثيرات الغربية. فهن يرين في الأمر فرصة لامتلاك قطعة من فضاء الأزياء على شبكة الإنترنت، كانت إلى عهد قريب حكرا على اللواتي يكشفن عن وجوههن أو يظهرن بملابس عصرية لا تناسب البيئة المسلمة.
تقول ميلاني الترك (29 عاما)، وهي مؤسسة شركة «هوت حجاب»، وهي شركة يوجد مقرها في ولاية شيكاغو، تتخصص في بيع أغطية الرأس والملابس المحتشمة: «هناك الكثير من الفتيات المسلمات اللاتي سئمن من المظهر العادي الذي لا يتفاعل مع الموضة»، وهو ما تريد الشركة تغييره بتقديم تصاميم عصرية تراعي ثقافتهن. تجدر الإشارة إلى أن صفحة «هوت حجاب» تحظى بأكثر من 29 ألف متابع على موقع الإنستغرام. وتظهر فيها فتيات مبتسمات في مجموعة من أغطية الرأس الزاهية والمطبعة بالزهور تبدو أنيقة وغير مبتذلة.
كل هذا يظهر بأن الحجاب يلقى اهتماما متزايدا في عالم الموضة، حسب ما تؤكده زولفي توفا (24 عاما)، وهي مؤسسة شركة «حجاب ستايلست» ويقع مقرها في ملبورن بأستراليا. توفا تنشر بانتظام صورا ذاتية بالحجاب وتحظى بأكثر من 16 ألف متابع.
من جهتها تقول سامان منير (34 عاما) وهي مؤسسة مدونة سامان للماكياج والحجاب تعيش في مدينة تورونتو الكندية، بأنها قبل ثلاث سنوات لم تعثر على مقطع فيديو واحد عن كيفية ربط أو ارتداء الحجاب «أما الآن، فهناك الكثير من المواقع التي تعلم الطرق المختلفة لارتدائه على شبكة الإنترنت، وهناك الكثير من الأسماء التي يمكن متابعتها في هذا الشأن».
أحد تلك الأسماء هي ياسمين كنار (25 عاما)، وهي صاحبة مدونة وشركة في ستيوارت بولاية فلوريدا. ياسمين نشأت في مدينة ميامين وتنشر مقاطع فيديو تظهر فيها وهي تشرح طرق ارتداء الحجاب بطريقة متجددة وأنيقة، تستحوذ على متابعة عالية تقدر بالمليون، كذلك صفحتها على الإنستغرام (YazTheSpaz89) التي يتابعها أكثر من 77 ألف متابع. تقول كنار، التي درست علوم الأحياء في جامعة فلوريدا «يحاول الناس اليوم إبراز اختلافهم وتفردهم من خلال طرق ارتداء الحجاب لديهم. إنهم لا يريدون أن يظهروا بنفس الصورة».
ما تذكره معظم هؤلاء الفتيات وغيرهن من الجيل الماضي، أنه إلى عهد غير بعيد، كانت للحجاب صورة مختلفة تماما في المخيلة الغربية، وكان يثير الكثير من الجدل في دول مثل فرنسا، أدت إلى الصورة النمطية للمرأة المسلمة المضطهدة.
ما نجح فيه موقع الإنستغرام هو تحييد، أو على الأقل تهميش، تلك المناقشة بالتركيز على جماليات الحجاب. وفي حين أن النقاش لا يزال دائرا حوله، فإن هناك حديثا موازيا آخر يدور حول جمالياته، مثل «هل رأيت صورة فلانة بالحجاب؟ وكيف لي أن أربط وشاح رأسي؟».
تقول السيدة الترك في محادثة هاتفية من دبي، حيث انتقلت للعيش مؤخرا «أشعر أن الحجاب صار موضة أنيقة للغاية، إلى حد يخيفني، من ناحية أن اتجاهاته أصبحت تتغير باستمرار». السيدة الترك، وهي محامية، قالت: إنها سمعت نساء غير مسلمات يرغبن في ارتداء الوشاح بعدما شاهدن مجموعتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
فانتشار صورة متألقة وعصرية على هذه المواقع تجعل الشابات الصغيرات أكثر ثقة بأنفسهن. جزء من السبب، حسب قول السيدة كنار، هو أن الإنترنت ساعدهن على العثور على طرق أكثر إغراء لارتداء الحجاب. وتضيف «عندما يرين النتيجة، يشعرن بالاقتناع حيال نشر تجاربهن على الإنترنت».
يعيد البعض نقطة التحول، إلى نشر مقطع الفيديو الموسيقي «Mipsterz» اختصارا لمحبي موسيقي الجاز من المسلمين، والممتزجة بموسيقى جيه زي، تظهر فيه نساء عصريات يغطين شعرهن بالحجاب وهن يتزلجن ويقمن بحركات رياضية. انتشر مقطع الفيديو بحيث شوهد أكثر من نصف مليون مرة منذ شهر ديسمبر (كانون الأول).
تقول السيدة توفا (24 عاما)، التي تخطط لتقديم مجموعة خاصة بها في فصل الخريف: «قبل عشر سنوات، كان الناس يضحكون ويتندرون إذا قلت بأنك ترتدي الحجاب لأسباب تتعلق بالموضة». وتتابع: «اعتاد الناس الشعور بالأسف حيالنا نحن المسلمات، على أساس أننا مضطرات لتغطية أجسادنا ورؤوسنا. الآن وعندما يرون تلك الصور على شبكة الإنترنت تظهر فيها الفتيات مبتسمات وفي غاية الأناقة يدركون أنه لا يرمز للاضطهاد وأنه خيار شخصي».
ومع ذلك فإن البعض لا يزال يرى بأنه من الضروري الفصل بين الموضة والعقيدة، بدليل أن السيدة كنار أثارت الكثير من النقاش بسبب الصور التي تنشرها لنفسها على وسائل الإعلام الاجتماعية، مثلها مثل غيرها من المدونين حول أزياء الحجاب. تقول السيدة كنار بأنها تلقت عددا من التعليقات المعاتبة، وتحاول قدر الإمكان أن تقلل من عدد صور «السيلفي» التي تنشرها.