اللاجئون… صداع العالم
من الأوضاع الدولية الغريبة وجود دولة يفر مواطنوها هربا منها ليصبحوا لاجئين لدى الغير، فيما تعد دولتهم الأكثر استقطابا للاجئين من دول أخرى… هذه هو وضع السودان وفقا لإحصاءات أممية… ومن المأمول أن تنتهي هذ الحقبة بعد ثورة ديسمبر.
وصل عدد السودانيين اللاجئين في دول “الشتات” في عام 2018 نحو 725 ألف لاجئ، بينما يصل عدد اللاجئين الذين استقبلتهم جمهورية السودان 1.078 مليون لاجئ، لتصبح من أكبر الدول المؤثرة في قضية النزوح السكاني التي تحول إلى أزمة عالمية تؤثر في زيادة النزاعات الإقليمية وبين الدول.
خلفت النزاعات الإقليمية في العام الماضي حوالي 70.8 مليون لاجئ ومشرد داخلياً، يعيش 95٪ منهم في البلدان النامية … أكثر من نصف هذا العدد تم تهجيره لمدة تزيد عن أربع سنوات.
كانت السنوات الـ 70 الماضية الأكثر سلمية في تاريخ البشرية، ومع ذلك، فإن الصراع والعنف يفرضان تحديات إنمائية حرجة على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فتلتفت إلى مكافحة الأمراض والتشوهات بدلا عن اهتمامها بالتنمية.
في عام 2018 فقط، كلفت أعمال العنف الاقتصاد العالمي 14.1 تريليون دولار، أي ما يعادل 11.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.. وتمثل أعمال الحرب والجريمة والعنف الذاتي نحو 2% من اجمالي الوفيات في العالم.
وعلى الرغم من توقف الحروب العالمية عند الرقم (2)، إلا أن النزف البشري ما زال مستمراً، إذ تؤكد الوقائع أن عدد وفيات الصراعات الداخلية في تزايد مستمر، وقد تم اعتبار القرن العشرين بأنه الأكثر عنفا في تاريخ البشرية، دون أن يشهد حربا كونية.
العالم يمر حالياً بأطول فترة سلام، رغم التجاذب بين الدول الكبرى … الفرق منذ آخر حرب كونية عام 1945 حتى الآن يلامس الـ 75 عاما، وهنا تبرز تكهنات بعض العلماء بدنو حرب عالمية جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسبان أن الفرق بين الحربين العالميتين تتراوح ما بين 50 إلى 80 عاما… فالمسببات ما زالت تطل برأسها، منها تجارة السلاح، وتغير المناخ بفعل الانسان، واستمرار جحافل المهاجرين.
تعود أسباب طول فترة السلام التي يعيشها العالم حاليا إلى تطور أنواع الأسلحة، وظهور النووية منها، فضلا عن قوة المؤسسات الدولية، إلى جانب تطور العلاقات الاقتصادية بين الدول، كلها اسباب جنبت العالم حروبا كبرى – حتى الآن على الأقل – وفي المقابل، تحولت الصراعات إلى نزاعات مدنية.
ووفقًا لموقع خرائط الأزمات، فإن عدد الوفيات في إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، شهريا تتراوح ما بين 10،000 إلى 15000 شخص بسبب العنف المدني والتدخلات الأجنبية والإرهاب… وكانت النزاعات الكبرى منذ العام 1997 تحدث في البلدان الغنية بالوقود الاحفوري (مثل نيجيريا وأنجولا والسودان وسوريا وإيران وليبيا) فضلا عن أسباب أخرى كالصراعات الدينية والعرقية والاتجار بالمخدرات.
ويقدر معهد الاقتصاد والسلام أن العنف في عام 2018 كلف الاقتصاد العالمي حوالي 11.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم، أو 1،853 دولار للشخص الواحد… ويمثل الإنفاق العسكري والأمن الداخلي 71٪ من التكلفة البالغة 14 تريليون دولار، أما الجريمة والعنف بين الأشخاص فتكلفتها 3.4 تريليون دولار، والنزاعات المسلحة 0.7 تريليون دولار.
ورغم اختفاء الحروب العالمية إلا أن الخسائر ما زالت مستمرة، فقد استخدمت القوى الكبرى الصراعات الإقليمية لحماية مصالحها والكفاح من أجل الموارد والتأثير، وللمقارنة فإن عدد القتلى في الحروب التقليدية بين الجيوش يصل إلى 90 ٪ من القوات المسلحة التي تخوض هذه الحروب، ولكن في النزاعات الحالية فإن 80% من القتلى والجرحى هم من السكان المدنيين، وهذا ما يفسر الزيادة الهائلة للاجئين والمشرين في جميع أنحاء العالم.
في العقد الماضي، ارتفع عدد سكان العالم من النازحين قسراً من 43.3 مليون في عام 2009، إلى 70.8 مليون في عام 2018، وهو رقم قياسي.. في ذات العام كان أكثر من 41 مليون شخص مشردين داخلياً… بينهم 26 مليون لاجئ، و 3.5 مليون من طالبي اللجوء.