لا أبيع شيئا لا أكله
منذ عشرون عاما وأكثر تقريبا كنت أعمل مع أحد أشهر رجال الأعمال في مجال الأغذية في المملكة العربية السعودية أعزها الله .
وفي يوم ناداني لمكتبه رحمه الله حيث وجدت لديه مدير الإنتاج وقدم لي أوراق وقال لي أعطني وجهة نظرك .
نظرت للأوراق فوجدت فيها أن مدير الإنتاج يطلب السماح له بعدم إتلاف خضروات وفواكه مستوردة من أوروبا نتيجة تقادمها حيث رغب في فرمها وإعادة إستخدامها وبيعها كمنتجات غذائية (سلطات متنوعة خضار وفواكه) لكي لاتتحقق خسارة تقدر قيمتها بخمسون ألف دولار وكانت بتاريخ الواقعة تمثل ثروة بحد ذاتها .
طبعا بحكم عملي كمستشار مالي فأنا أيضا لم أرغب في تلك الخسارة والخضراوات والفواكه وإن تقادمت من أطرافها فإن بنيتها الرئيسية مازالت سليمة ويمكن الإستفادة منها كما ذكر مدير الإنتاج ، فأشرت أنني موافق على ذلك الإجراء وبأن نعيد تجهيزها ونستفيد من المفيد منها .
وإذ بسؤال سريع صاعق وجهه لكلينا رجل الأعمال رحمه الله : وهل تأكلان تلك المنتجات المدورة والسلطات الناتجة لوتم تنفيذها وتشترونها أيضا ؟!!!
حقا لقد أوقف تفكيرنا فورا وأسكتنا وقبل أن نرد فاجأنا بمبدأ رائع بقوله ياشباب ( وقتها كنا شباب ) : ( أنا لا أبيع شيئا لا أكله ).
إذهبا فورا وأتلفا تلك الخضراوات والفواكه وأحضرا جدول الإتلاف موقعا عليه كلاكما كي أوقع عليه . وتم ماطلب لكن بعد أن حفر ذلك المبدأ حفرا في رأسي وأصبح منذ ذلك الوقت مبدأ في حياتي فلاأساهم في أي شيء أقدمه للناس كل الناس قبل أن أتأكد أنني أقبله ويصلح لي .
رحمك الله ياعم منير حلواني حقا لقد كنت معلما لنا قبل أن تكون مديرا علينا وصاحب عملنا .