ثوب الكعبة الحرير يخطف قلوب ضيوف القمة!
بقلم – شريف قنديل:
كأنها قطعة منه.. من ماضيه وحاضره ومستقبله، كأنها حياته.. راح يحكي عنها بتفاصيلها.. وكأن ثوبها هو ثوب عرس ابنته انخرط في الحديث عن تفاصيله وتفصيله بصوت متهدج من فرط الإعجاب.
هكذا بدا نائب مدير مصنع كسوة الكعبة في أم الجود بمكة وهو يشرح للكتاب والصحفيين والمراسلين العرب والأجانب عن الكسوة بحريرها وخصلاتها وووصلاتها وحزامها.
يشعرك الرجل وهو يتحدث عن رحلة حياكة ثوب الكعبة وكأنه يبوح لك بحب مكتوم أو عشق مكنون في أعماقه.. وبأسلوب عذب ينقل في البداية اعتذار الشيخ السديس عن عدم الحضور لانشغاله الشديد مع ملايين المصلين في الحرم خاصة في العشر الأواخر من الشهر الكريم.
يبدأ الرجل في سرد قصة الثوب السنوي للكعبة وكيف يكون.. بدءًا من توفير أجود أنواع الحرير من أنحاء العالم وأفضل أنواع القطن من مصر، كل ذلك كي يصمد الثوب أمام أقصى الظروف المناخية.
يشعرك الرجل وهو يتحدث عن اللون الأسود، كيف أنه جميل رائع وغارق في وقاره.. ثم يخضع للصباغة بحيث يصبح ناعم الملمس.. وبعد سويعات يتم تعريض خصلات الحرير للهواء.
يتغلغل اللون في القماش من خلال مسام قطنية بيضاء دقيقة كرأس الإبرة..
يا لجمال الوصف وروعة التعبير.. فاالله جميل يحب الجمال وحياكة الثوب تأتي على شكل ٤ قطع تنطق بالجلال المهيب للكسوة.. حيث تدخل الآيات المذهبة لتضفي اللمسة الأخيرة على الثوب الجميل.
في الثاني من ذي الحجة يكون كل شيء قد اكتمل أناقة منمقة ونظرة معمقة واستعداد السادن للاستلام.
وفي التاسع من ذي الحجة تودع الكسوة القديمة أنظار المصلين الطائفين.. استعدادًا للحظة الزفاف الجميل للثوب الأجمل
هكذا في رحلة الصباغة يتم صبغ لفائف الحريرالخام باللون الأسود للكسوة الخارجية والأخضر للكسوة الداخلية وكسوة الحجرة النبوية الشريفة والأحمر الداكن لحزام الحجرة النبوية. وفي مرحلة النسيج الذي أصبح الآن آليًا بالكامل، يكون النسيج السادة للحزام والستارة والبطانة، ونسيج (الجاكارد) وهو الذي تكتب به الآيات والعبارات.
سجلت بقلمي وقلبي لحظات التطريز لثوب الكعبة القادم.. جلست مع الحائكين السعوديين المهرة عند تطريز الكلمات والزخارف الإسلامية بالأسلاك الفضية والذهبية.
أرقام وأطوال وأبعاد
من ٢٠ إلى ٢٥ مليون ريال تصل تكلفة ثوب الواحد وهو يستهلك 670 كيلوجرامًا من الحرير الخالص. ويتكون من 47 قطعة قماش طول كل منها 14م وعرضها 95 سم ويقوم بعمل الثوب أكثر من 240 عاملاً. ويبلغ ارتفاع الثوب 14,
5 مترًا ويوجد في الثلث الأعلى منه حزام الكعبة بعرض 95 سم، وكل ما تحت الحزام من نقوش وآيات مطرزة تطريزًا بارزًا ومغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وهذه القطع تم استحداثها في العهد السعودي. ويتم استيراد 200 كيلو ذهب و100 كيلو فضة ليصنع منها ثوب الكعبة والثوب الاحتياطي وبقية الكسوات.
أخيرًا أقول مرة أخرى تتفوق اللجنة الإعلامية العليا المكلفة بتغطية القمم الثلاث على نفسها وهي تتيح لنحو ٣٩٠ كاتبًا وصحفيًا ومراسلاً عربيًا ودوليًا فرصة الاستمتاع بجانب من حضارة الأمة في عصرها الحديث. بالأمس كان قطار الحرمين والمطار الجديد.. واليوم كسوة الكعبة.. وما أجملها من قصة وما أروعها من مهمة على هامش كل قمة!.