اقتصاد

التكتلات الاقتصادية خيار المستقبل

بقلم د.توفيق السويلم:

لاتزال عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في مؤسساتنا الوطنية أقل أو  أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية وأن عدم تحركنا بنفس السرعة سوف يؤدي إلى أن نكون غير منافسين في خدماتنا أو منتجاتنا الصناعية . لذا أتمنى أن تكون هناك حملة من كل الجهات المختصة للتوعية بأهمية الاندماجات وعمل التكتلات الاقتصادية خاصة وأن اقتصادنا الوطني يعيش تغيرات كثيرة نظراً للانفتاح العالمي وظهور الاندماجات والتكتلات الاقتصادية واستحواذ الشركات الكبيرة على الصغيرة في ظل المنافسة الشديدة الناتجة عن بروز العولمة وانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وما صاحب ذلك من تحديات عديدة فرضت نفسها على القطاعات الاقتصادية المختلفة ليصبح التكتل والاندماج بين المنشآت ضرورة اقتصادية.

 لقد أصبح الاندماج ضرورة لاقتصاديات كثير من دول العالم وبالذات العربي، فاجتماع رؤوس الأموال ، وتوحد الإدارات ، وتبادل الأفكار ، والعمل بروح الفريق الواحد ، وتوحيد الجهود… كل ذلك يبني كيانات اقتصادية قادرة في هذه المرحلة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات عدة ، ويساعد هذه الكيانات القوية في فتح فرص عمل جديدة ، تحد من مشاكل البطالة في تلك الدول النامية ، مما يساعد في تنمية مواردها البشرية ، والتغلب على مشاكلها الاجتماعية ، ويمكّنها في مراحل تالية من الحضور والمنافسة .

 وفي ظل مؤثرات السوق فمن المهم أن يتنبه رجال الأعمال إلى خطورة الانفتاح الاقتصادي العالمي والمرحلة القادمة والتي تتطلب منهم القيام بتكوين وبناء التكتلات والاندماجات ، فالمرحلة القادمة تبين أنه لابد من الانتشار الأفقي لهذه الشركات والاستفادة من خدمات توحيد الشراء أو الشراء الموحد ولا بد من الاستفادة من إمكانيات الموارد البشرية ، وعليه، يمكن إقامة تكتلات بين الشركات العاملة في القطاع الواحد ، مما يساعد على تضافر الجهود وتوحيد الإمكانيات والاستفادة من الخبرات والعلاقات ومواجهة المنافسة الكبيرة الحادثة في السوق المحلي والإقليمي والدولي نتيجة للتغيرات الحادثة في الساحة الاقتصادية وذلك لنشر ثقافة تكوين تكتلات وعمل اندماجات بين المؤسسات أو الشركات العامة في القطاعات المختلفة .

الراصد للمتغيرات الاقتصادية الحادثة على الساحة العالمية يجد أن اندماج وتكتل المنشآت أصبح ظاهرة واضحة ، حيث تتجه تلك المنشآت لاتخاذ إستراتيجية قائمة على البحث عن القوة والفعالية حتى تجد لها مكاناً في الأسواق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وذلك إيماناً منها بأن بقائها بمفردها سوف يؤدي بها إلى التلاشي عن الخريطة الاقتصادية ، وهذا التكتل والاندماج بين المنشآت الاقتصادية في أنحاء العالم له فوائد عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر :

1 – تطوير أعمال المنشأة وتوسعها عن طريق التوجه للاندماج لمواجهة التكتلات المنافسة

2-  الاستفادة من خبرات واستراتيجيات المنشآت المندمجة مع المنشاة. 

3-  زيادة قوة المنشأة بالدخول في شراكة مع كيانات أخرى له طرقها .

4 – انتشار منتجات وخدمات هذه الشركات المندمجة في أسواق كثيرة مما يؤدى إلى كثرة التوزيع وزيادة الدخل .

5-  تحقيق التعاون والتكامل فيما بين الشركات  مما يؤدي إلى تطور خدماتها ومنتجاتها.

 

لقد زادت عملية اندماج الشركات والمؤسسات بصورة كبيرة وفى مجالات كثيرة ومتعددة وهناك أمثلة كثيرة على هذه  الاندماجات مثل قيام شركة ((دايملر . بينز )) الألمانية بشراء شركة “كرايسلر” الامريكية الأصغر بين شركات صناعة السيارات الثلاث الموجودة في ديترويت ،

ووصلت قيمة الصفقة 40 مليار دولار وقيام شركة صناعة لعب الاطفال “ماتل ” بشراء شركة “ليرنينج كو ” مقابل 3,6 مليار دولار وفي المجال النفطي تم اندماج شركتي برتش بتر وليوم  BP وأمكو  AMOCO وبلغ رأس مال الشركة الجديدة ما يعادل 110 مليار دولار ، وبواسطة هذا الاندماج ستحقق الشركة الجديدة أرباحا سنوية كبيرة وسيتسع نشاطها في قطاع النفط والطاقة ،

وفى المجال الإعلامي فقد اندمجت شركتي      CNN و TIME مما يؤدى إلى السيطرة على الخطاب الإعلامي وهذا يؤثر على توجيه الرأي العام مما يحقق لهم مصالح اقتصادية معينة ، إضافة إلى هذه المجالات فقد امتدت عملية الاندماجات إلى قطاعات أخرى مثل الطيران وشركات صناعية وخدمية ، ويجرى التخطيط حاليا لاندماج شركات في مجال الاتصالات والبنوك والمكاتب الخدمية والمحلات التجارية ومراكز التدريب . يعني ذلك إدراك مثل هذه المنشآت لأهمية الاندماج مع غيرها.

 أما على مستوى التجارب الإقيليمبة والمحلية نجد أن هناك نماذج للاندماج منها على سبيل اندماج  مجموعة صافولا مع شركة “بندة العزيزيـة” المتحدة لتضيف بـذلك قطاع الـــتجزئة وقطـاع التطويـر العقــاري وذلك فـي أواخـر عام 1998م وكذلك تم دمج بنك الــقاهـرة الســـعــودي فــي البنك السعودي التجاري المتحد، وفي عمان اندماج كل مـن (بنك مسقط) و(مصرف عمان التجاري) في بنك واحـد يحمـل اســم (بنك مسقط)وقــدرت أصـولـه حينـها بحـوالي 5 ,3 مليــارات دولار، وفي فـي البحريــن تم دمج (البنك الأهلي التجاري) مع (الكويتي المتحد) في لندن لتكون شركة قابضة في البحرين بقيمة 304 ملايين دولار …وغيرها من التجارب .

لذا فإن التكتل سيمكن المنشآت الصغيرة والمصانع الوطنية من واجهة الاحتكارات  العالمية القادمة وهذا التكتل الاقتصادي الشرس زيعتبر من أهم الوسائل لحماية ودعم وتشجيع هذه المؤسسات الوطنية و مطلوب تظافر كل الجهود المخلصة وكل الأيادي الوطنية لبقاء هذه المنشآت للاستمرار في ظل الرعب الاقتصادي القادم بتعميم ثقافة التحالفات والتكتلات فيما بينها .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

*دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى