نجران.. مهد الثقافات والحضارات القديمة
نجران – واس:
تُعَدُّ منطقة نجران وجهة سياحية استثنائية، إذ يلتقي جمال الطبيعة مع عمق التاريخ، فهي مركز نابض بالحياة يمكن للزوار الاستمتاع بتجارب سياحية مدهشة تمتد بين القمم الجبلية الشامخة، والسهول الشاسعة، وصولًا إلى الصحاري الساحرة التي تترك انطباعًا لا يُنسى في النفوس.
وشهدت نجران تطورًا ملحوظًا يهدف إلى تحسين المشهد الحضري وزيادة جودة الحياة، من خلال تنفيذ مشروعات لتصريف السيول والأمطار، وتحسين البنية التحتية، وبلغ عدد المشروعات المنفذة والجاري تنفيذها حوالي (25) مشروعًا بقيمة إجمالية تقارب (711) مليونًا و(164) ألف ريال، وذلك ضمن خطة شاملة تهدف إلى تعزيز شبكات الطرق وزيادة جاهزية المدينة لمواجهة التحديات الخدمية والبيئية، وفقًا لرؤية المملكة 2030.
وأعدَّت أمانة نجران (9) متنزهات طبيعية، و(110) حدائق، و(36) ممشى رياضيًا، لتلبية احتياجات الزوار والسائحين من داخل المدينة وخارجها، ضمن مناظر طبيعية مزينة بالورود والأشجار والمسطحات الخضراء؛ مما يعزز من جمال المدينة ومحافظاتها، ويُعد متنزه الملك فهد الوطني في غابة سقام، الذي يمتد على مساحة تصل إلى (4) ملايين متر مربع، من أبرز معالم الترفيه الطبيعية في المدينة، ويتميز بجمال طبيعته الخلابة ويوفر مجموعة متنوعة من الأنشطة الممتعة المناسبة لجميع أفراد العائلة.
وتضم نجران العديد من المواقع الأثرية التي تُجسد تاريخها الغني، ومن أبرز هذه المواقع مدينة الأخدود الأثرية، التي تُعَدُّ من أشهر المعالم التاريخية في المملكة، التي ارتبطت بقصة أصحاب الأخدود المذكورة في القرآن الكريم، ويعود تاريخ آثارها إلى القرنين (الرابع والخامس) الميلادي، وتظهر فيها بوضوح معالم حضارة جنوب الجزيرة من خلال النقوش المسندية والجدران الحجرية الضخمة، وتعد اليوم متحفًا حيًا مفتوحًا يستقبل الزوار من داخل وخارج المملكة.
كما تضم منطقة آبار حمى الثقافية، المدرجة ضمن التراث العالمي لليونسكو، الغنية بأكثر من (5500) نقش صخري يعود تاريخها إلى عصور مختلفة، وتُعَدُّ مرجعًا أساسيًا للباحثين في علم الآثار، إذ تقدم معلومات جديدة حول الحياة البرية والثقافة في الجزيرة العربية، وكانت نقطة توقف مهمة على طريق القوافل التجارية قديمًا، مما جعلها مركزًا بشريًا نشطًا لعصور طويلة، إضافة إلى أنَّ مدينة نجران ومراكزها تحتوي على العديد من المواقع الأثرية التي تعكس مكانتها الثقافية والتاريخية العميقة؛ بما تحتويه من رسومات ونقوش أثرية.
ويمثل التراث العمراني في نجران جزءًا لا يتجزأ من هويتها الثقافية، حيث تتميز المنطقة ببيوتها التقليدية المبنية من الطين والحجارة، التي تتزين بتصاميم فريدة تعكس العادات والتقاليد المحلية، ولا تزال الأزقة الضيقة والأبواب الخشبية المنحوتة تروي تفاصيل الحياة الاجتماعية والثقافية القديمة، بينما تعبر البيوت الطينية عن جوهر الأصالة وهويتها الثقافية العريقة، كما تعكس القرى الطينية قصصًا نابضة بالحياة، تبرز تاريخًا عريقًا وثقافة غنية.
وتبرز منطقة نجران واحدة من المناطق الزراعية المهمة في المملكة، وذلك بفضل مناخها الفريد الذي يجمع بين درجات الحرارة المعتدلة والارتفاع الجغرافي الذي يزيد عن (1200) متر فوق سطح البحر، التي تتيح زراعة الفواكه والخضراوات على مدار السنة بجودة وإنتاجية عالية، وتحتوي المنطقة على أكثر من (5000) مزرعة تمتد على مساحة زراعية تتجاوز (27000) هكتار؛ مما يعزز مكانتها بوصفها إحدى أبرز مناطق الإنتاج الزراعي في المملكة.
وتشهد منطقة نجران تسارعًا ملحوظًا في النمو؛ مما يجعلها واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في جنوب المملكة، مستفيدة من موقعها الإستراتيجي وثرواتها الطبيعية المتنوعة، إضافة إلى البنية التحتية المتطورة، حيث تضم حوالي (90) مصنعًا، منها (29) مصنعًا تعمل في مجالات متنوعة تشمل الصناعات الغذائية، والكيميائية، والبلاستيكية، والورقية، كما تمتلك ثروات معدنية، مثل: خامات الذهب، والنحاس، والحديد، وأحجار الزينة؛ وتتواجد في (27) مجمعًا تعدينيًا تغطي مساحة إجمالية تزيد عن (5400) كيلومتر مربع، إضافة إلى مواقع احتياطية لخامات النحاس والزنك تمتد على أكثر من (70) كيلومترًا مربعًا.
وعبَّر عدد من السياح الأجانب عن فرحتهم الغامرة بزيارة منطقة نجران، حيث يتناغم التاريخ مع جمال الطبيعة في تجربة ثقافية مفعمة تعكس تلاقي الحضارات, ومشاهدات تروي تاريخ هذه المنطقة العريقة في كل زاوية، إلى جانب الإرث غير المادي الذي يجسد الأصالة العربية، مؤكَّدين أن نجران تعد وجهة تستحق الاستكشاف والزيارة.




