عام

منطقة الباحة ترسّخ مكانتها وجهة اقتصادية وسياحية مستدامة

الباحة – واس:
تشهد منطقة الباحة مرحلةً متقدمة من التحول التنموي الشامل، تتجلّى في تكامل المشروعات البلدية والتنموية، وتنامي الفرص الاستثمارية النوعية، وتعزيز كفاءة القطاعات الزراعية والسياحية، ضمن رؤيةٍ إستراتيجية متكاملة ترتكز على التخطيط المؤسسي واستثمار المزايا التنافسية للمنطقة.
وأسهم هذا الحراك التنموي المتسارع في إحداث نقلة نوعية في المشهد الحضري والاقتصادي، مدعومًا بعمقٍ تاريخي وثقافي راسخ، ومقومات طبيعية ومعمارية فريدة، بما يعكس توجهًا تنمويًا مستدامًا يعظّم القيمة المضافة للاقتصاد المحلي، ويرفع جاذبية البيئة الاستثمارية، ويواكب مستهدفات رؤية 2030، ويعزّز مكانة الباحة بوصفها إحدى المناطق الواعدة على خارطة التنمية والاستثمار في المملكة.
وأكّد أمين منطقة الباحة الدكتور علي بن محمد السواط أن الأمانة والبلديات التابعة لها نفذت خلال الأعوام الخمسة الماضية (125) مشروعًا بلديًا وتنمويًا، بتكلفة إجمالية تجاوزت (1,239,582,482.77) ريالًا، شملت مشروعات السفلتة والأرصفة والإنارة، ودرء أخطار السيول، والمباني والمرافق البلدية، والأنسنة، والخدمات الاستشارية.
وأوضح أن المشروعات تضمنت تنفيذ (73) مشروع سفلتة وأرصفة وإنارة، و(21) مشروع مبانٍ ومرافق بلدية، و(11) مشروعًا لدرء أخطار السيول، و(13) مشروع أنسنة، و(7) مشروعات خدمات استشارية.
وأشار الدكتور السواط إلى أن هذه المشروعات تكاملت مع ما نفذته الأمانة من شبكة واسعة للمماشي الحضرية والمنتزهات، حيث بلغ إجمالي عدد المماشي في منطقة الباحة (43) ممشى، بطول يتجاوز (53,083) مترًا طوليًا، فيما بلغ عدد الحدائق والمتنزهات (143) موقعًا، وبمساحات خضراء تجاوزت (4,579,617) مترًا مربعًا، جُهزت بمرافق خدمية متكاملة، ومسارات مخصصة للمشي والدراجات، وأعمدة إنارة حديثة، وجلسات عامة، ومناطق مهيأة لذوي الإعاقة.
وبيّن أن هذه المنجزات أسهمت في تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، حيث يبلغ عدد الفرص الاستثمارية المتوقعة خلال السنوات الخمس الماضية (2237) فرصة استثمارية، بما يدعم جودة الحياة والتنمية الاقتصادية المستدامة في منطقة الباحة.
من جانبه أفاد مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة الباحة المهندس فهد بن مفتاح الزهراني بأن منطقة الباحة تُعد من المناطق الزراعية ذات الميزة النسبية في المملكة، لما تتمتع به من تنوّع مناخي وتضاريسي بين السراة وتهامة، وما ينتج عن ذلك من تعدّد المواسم وتنوّع المحاصيل والمنتجات الريفية، إلى جانب ما تتيحه من فرص واعدة في الاستثمار الزراعي، والسياحة الزراعية، والصناعات التحويلية المرتبطة بها.
وأوضح أن الجانب التشغيلي للقطاع الزراعي يعكس حجم النشاط وتعدّد المزارعين والمنتجين، حيث بلغ عدد السجلات الزراعية للحيازات (6,342) سجلًا، فيما بلغ عدد المزارع الريفية في مجال السياحة الزراعية (28) مزرعة.
وأشار إلى أن المنطقة تبرز بإنتاج عددٍ من المنتجات الزراعية ذات الحضور التسويقي المرتفع، يأتي في مقدمتها الرمان بإنتاج يتجاوز (8) آلاف طن سنويًا، إضافة إلى العسل، حيث تُعد منطقة الباحة من أهم مناطق إنتاجه في المملكة، بإنتاج يقارب (1,250) طن سنويًا.
وبيّن أن المنطقة شهدت خلال الفترة الماضية توقيع (9) عقود استثمارية لإنشاء مدن زراعية متخصصة في البن واللوز والرمان، بمساحات مختلفة تصل إحداها إلى أكثر من مليوني متر مربع، إلى جانب مشروعات لتعزيز إنتاج الدواجن، بما يدعم التوسع في الزراعة والتنمية الريفية وسلاسل الإمداد، ورفع القيمة المضافة.
ولفت النظر إلى أن من أبرز مشروعات البن ذات القيمة المضافة مشروع مصنع إعداد وتجهيز البن بمنطقة الباحة، الذي يشمل أعمال الفرز والتجهيز وما بعد الحصاد، وبتكلفة تبلغ (17) مليون ريال، إلى جانب التوجهات الداعمة لسلاسل التسويق عبر مراكز خدمات التسويق، التي تقدّم حلولًا متكاملة للفرز والتعبئة والتغليف، ورفع جاهزية المنتجات للوصول إلى الأسواق بكفاءة وجودة عالية.
وفي الجانب التاريخي والثقافي، أوضح الباحث التاريخي الدكتور أحمد بن سعيد قشاش أن منطقة الباحة تمتلك عمقًا تاريخيًا وحضاريًا وإنسانيًا جعلها من أقدم المناطق المأهولة في جنوب غرب الجزيرة العربية، وممرًا حضاريًا مهمًا بين تهامة والسراة، ومحطة رئيسة على طرق القوافل والحج عبر العصور.
وبيّن أن الإرث الأَزدي، والاستقرار الزراعي المبكر، وابتكار المدرجات الزراعية ونظم الري التقليدية، أسس لاقتصاد محلي مستدام، فيما شكّلت القرى الحجرية والمواقع الأثرية، مثل قرية ذي عين، إضافة إلى النقوش الإسلامية المبكرة، ركيزة لهوية ثقافية وسياحية فريدة.
وأكد أن إبراز الهوية التاريخية للباحة يمثّل مدخلًا إستراتيجيًا لتعزيز الاستثمار السياحي والاقتصادي، ودعم السياحة الثقافية والتراثية، وتوظيف المقومات الطبيعية والمعمارية في تنمية مستدامة تواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030، بما يعزّز جاذبية المنطقة للاستثمار ويرفع من تنافسيتها الاقتصادية.
من جهته، نوّه الرئيس التنفيذي للمكتب الإستراتيجي لتطوير منطقة الباحة المهندس عبدالعزيز بن محمد النعيم، بأن المنطقة تمتلك مقومات استثنائية تجمع بين تنوّعها الطبيعي، وبيئتها الزراعية والسياحية، وإرثها الثقافي، مؤكدًا أن المكتب قاد عملية تخطيط إستراتيجية شاملة استندت إلى قاعدة بيانات حضرية موسّعة شملت أكثر من (35) ألف خريطة مكانية، و(1,500) مؤشر حضري، وتحليل (17) قطاعًا تنمويًا، ورصد (11) قضية تنموية رئيسية، مما أسهم في تحديد القطاعات الأعلى قدرة على قيادة التنمية، وفي مقدمتها السياحة والزراعة.
وأوضح أن المكتب يركّز في المرحلة الحالية على تحويل مخرجات التخطيط إلى فرص قابلة للتنفيذ، حيث عمل على تطوير أكثر من (110) فرص استثمارية، وتم في المرحلة الأولى إعداد دراسات مالية واستثمارية لـ (35) فرصة تُقدَّر قيمتها بنحو (3) مليارات ريال، فيما تتجاوز القيمة الإجمالية للمحفظة الاستثمارية للمكتب قرابة (12) مليار ريال؛ بما يعزّز القيمة المضافة، ويدعم تحقيق المستهدفات الوطنية، ويُسهم في الاستدامة وتحقيق الأثر التنموي المستهدف.
وأفاد أن دور المكتب لم يقتصر على إعداد الخطط، بل امتد إلى بناء منظومة حوكمة وشراكات إستراتيجية فاعلة، نظّمت العمل المشترك مع أكثر من (70) جهة حكومية وتنموية، وتوقيع (14) اتفاقية إستراتيجية ذات التزامات تنفيذية واضحة، مدعومة بمنظومة رقمية متكاملة لمتابعة الأداء وتصحيح المسار، بما يعزّز جودة الحياة في المنطقة، ويرفع جاذبية الاستثمار فيها، ويؤسس لنهج تنموي طويل الأمد يحوّل مزايا الباحة الطبيعية والتراثية والزراعية إلى قيمة اقتصادية مستدامة.
وتؤكد هذه المنجزات مجتمعة أن منطقة الباحة تمضي في مسارٍ تنمويٍ متوازن، يرتكز على التخطيط الإستراتيجي واستثمار المزايا النسبية، بما يعزّز جاذبيتها الاستثمارية والسياحية، ويدعم التنمية المستدامة، لترسّخ مكانتها كإحدى المناطق الواعدة على خارطة الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى