مقالات

على الرف

بقلم – طارق العريدي :

في زوايا الحياة هناك أشياء كثيرة توضع على الرف ليست منسية تمامًا، لكنها ليست حاضرة أيضًا، بين النسيان والانتظار، تقف هناك، مغطاة بطبقة خفيفة من الغبار، تشهد مرور الوقت بصمتٍ لا يشكو.
قد تكون فكرة طموحة أُجّلت إلى إشعارٍ آخر، أو حلماً كان يوماً ما يلمع كنجمةٍ في قلب صاحبه، قبل أن يُخمده روتين الأيام، وربما يكون إنساناً وضعه البعض «على الرف» حين انتهت مصلحتهم منه، وكأن القلوب تُخزَّن مثل الكتب القديمة.
الرف لا يعني النهاية، لكنه أيضاً ليس حياة، هو مساحة مؤقتة بين «الآن» و«يوماً ما»، بين «كان» و«ربما يعود»، البعض يظن أن ما يُركَن هناك لن يُستعاد، لكن الحقيقة أن بعض الأشياء حين تعود من على الرف، تعود أنضج، وأقوى، وأصفى من ذي قبل.
كم من موهبة صمدت فوق رف التجاهل حتى وجدت من يُزيل عنها الغبار، وكم من علاقة ظننا أنها انتهت ثم أُعيد فتحها في الوقت المناسب لتُظهر قيمتها الحقيقية.
الحياة ليست فقط لمن يسيرون في المقدمة، بل أيضًا لمن ينتظرون بصبرٍ على الرف، يؤمنون أن دورهم سيأتي، وأن الشمس ستطل من جديد على مكانهم المنسي.
فلا تستخفّ بما هو على الرف، فربما يكون الغد كله هناك، ينتظر فقط من يمدّ يده بثقة ويقول: «الآن جاء دورك».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى