أين المقاهي الأدبية

بقلم الكاتبة – منار غالب:
غياب المقاهي الأدبية أو المقاهي الشعبية ، مقاهي المنتديات العفوية ، في الحوارات ، التي تتحدث عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتتناقل الاحداث برؤى متعددة الأوجه ، أصبحت نادرة بندرة الوعي لدى جيل لا يظهر الا النوادر من القراء المحبي للبرامج الجادة والمحادثات الحقيقية، المتفرعة من اليأس والاحساس بالظلم والاختناق بالاوضاع القائمة في منطقتنا العربية المتخمة بالفوضى وعدم الاستقرار للعملة والتضخم والاسواق المالية التي تملأ جيوب القلة وتؤخذ من وعي العامة !
لا شيء، يوازي النقاش والتنفيس عن رؤيا لمتخصص او تذمر مثابر بسيط !
هل المقاهي توقفت ؟! ، عن البث الحقيقي للهموم لتتحول الى اماكن اصطياد الجميلات او ابناء الأغنياء الذين تحولوا الى هدف، الفتاة المقيمة في المقاهي الفخمة واستعدادها الكامل بعمليات التجميل و الموضة ، قد تكون من بيئة بالكاد تجد قوتها اليومي !، تجلس بسطحيتها الادبية والثقافية والبارعة في الذكاء الاجتماعي الاستعراضي !
ماذا عن الميديا هل يمكن تسميتها بالمقاهي الالكترونية مواقع التعارف او يمكن تسميتها مقاهي الاصطياد الالكتروني !
لن اتفرع وابتعد عن الموضوع الاساسي الى حقيقة ظاهرة للأكثرية !
نعود للمقاهي القديمة في الاحياء الشعبية ما الذي يدار فيها من موضوعات ، من محبي الجلسات القديمة هل هي ندوات الحديث عن سوق الاسهم والعقار ، ام عن سوق المواشي !
اين جلسات الابداع الشعري والكتابة الادبية ؟!
هل تحولت المقاهي الشعبية الى همسات متململا بلا موضوعات حقيقية مطروحة هل الصمت هو الصوت الاعلى لان المجتمعين نظراتهم على شاشات الجوالات !
اين يجلس الشعراء والكتاب وهل لا زالوا هم القلم الذي ينفس عن المواطن العادي في التحدث عن الجمال والحب والعلاقات الاجتماعية المنهارة والناجحة !
لماذا تحول الادباء عن المقاهي الي الميديا ساطرح سؤالا لصديق شاعر !
اين يقضي وقته الخاص بين الكتابة والكتابة الشعرية على وجه الخصوص !
اعترف احدهم انه يجلس في مطبخه المنزلي كي يقول اشعار الحب الفارهة المهفهفة !
لم يعد للمقاهي الادبية وجود فهل يمكن ان نعيدها الى مجدها القديم ؟!
ام الجلوس خلف الشاشات الزرقاء وانتقادات الاصدقاء في القائمة وعرضها على جمهور يحب قراءة النوتات الصغيرة اصبحت هذة المقاهى !،
هل يمكننا ان نقول المقهى الالكتروني اصبح هو المقهى الادبي الحديث ؟!
الى اين نذهب بهذا التغيير الحديث ؟!
فالشاعر لم يصبح له اصدقاء فنجان القهوة والتفرع في الاحاديث والاخبار والحوارات الدسمة التي قد تثري الكثير في المستمع العادي
الم يظل الكاتب المصري نجيب محفوظ الذي اثر البقاء في الاحياء الشعبية الثرية بالشخصيات والاحاديث اليوميه التي كان لها الاثر الكبير في منتوجه الادبي ،
الم يقل عادل امام انه يستلهم روحه المرحه والكلمات الفكاهيه من شخصيات يصادفها في المقاهي الشعبية حيث ظل هناك ولم يغادرها
الحي الشعبي هو اللقاء الوحيد مع الفئة الكادحة والمسكونة بالرضا والعبرة والحكمة !
ماذا بقي لنا إن غادرنا المقاهي الشعبية !
ماذا بقي لنا إذا غادر المقاهي الادبية الادباء والكتاب والشعراء !
ماذا ظل لنا في ظل هيمنه الشاشات الصغيرة والميديا والتطبيقات التي توصِلنا بالغرباء فتوقعنا في علاقات كارثية ، لمرضى ومترددين ومتلاعبين !
ماذا بقي لنا في هذا العالم الذي يدفعنا للوحدة والغربة !
لا شيء يوازي المقاهي الأدبية التي تقام في المقاهي الشعبية تدور حولها القصص القديمة ندماء الشاي والقهوة وزعيق محترفي لعبة الطاولة !
وفي احد الأماكن كاتب ما يكتب روايته وينسخ الأصوات والنكات البذيئة والفكاهة السياسية !
لم تعد كما كانت الكافيهات منذ ارتشفنا الاكسبريسو والموكا واللاتييه !
كان الشاي الثقيل بالسكر والقهوة المزبوطة
وكم تغنى العشاق بفنجان القهوة بوجه اوبدون وجه !
والحبيبة التي تتهدل في مشيتها بين المقاهي وتتلكأ امام شاعر ما !
هل توقف الشعور على مقاعد المقاهي ، لم نعد نشعر بأهمية الجمال والايحاء !
ام المراة فقدت الحب وتبحث عن الماديات في محافظ المتأففين من الملل !
لكل زمن هذيانه لكن السطحية والخواء ، الذي يسيل من أوردة الإعلام لن يضل صوت الادب والنقد والمجهول الذي يطل براسه كلما تقدمنا في زمن الحداثة !



