المخالفات المرورية والجباية
بقلم – محمد البكر :
كلما جاء الحديث عن المخالفات المرورية ، كلما ظهرت مقاطع وتغريدات مليئة بالتظلم واتهام قانون المخالفات بأنه تحول إلى نظام جباية هدفه جمع أكبر قدر من الأموال لصالح خزينة الدولة . وهذا تسطيح للمشكلة الأساسية وهي ارتكاب المخالفات المرورية وما ينتج عنها من حوادث قد تكون مميتة . أو لنقل إنها قد تشكل خطراً على مرتكب المخالفة نفسه وعلى غيره من سائقي المركبات الأخرى .
قبل كل شيء … هل تعلمون كم عدد الوفيات السنوية في العام الواحد قبل تطبيق نظام المرور بكل جدية ، وكم عددها بعد التطبيق !؟ وكم عدد المصابين بعاهات لا يمكن الشفاء منها جراء تلك الحوادث قبل وبعد !؟
لقد سجلت المملكة أرقاماً قياسيةً في عدد وفيات الحوادث المرورية ، وحافظت على تلك المرتبة المؤلمة لسنوات ، جراء عدم تفعيل الرصد الآلي للمخالفات .
دعوني أقدم لكم الأرقام الحقيقية ومن مصدرها الرسمي قبل تطبيق القوانين وما هي بعده . فلعل في هذه الأرقام ما يردع المشككين في أهداف النظام الذي فرضته الدولة .
في عام 2016 كان عدد وفيات الحوادث 9031 حالة وفاة . أما في عام 2023 بعد تفعيل الرصد الآلي فقد انخفض العدد الى 4423 وفاة . أي بانخفاض نسبته 51% .
أما الإصابات فقد كانت في حدود 38 ألف حالة إصابة قبل أن تنخفض في عام 2023 إلى 24 ألف حالة أي بانخفاض 37% . ولعلنا نشير للأرقام التي سجلت في المنطقة الشرقية؛ حيث انخفض عدد الوفيات من 1155وفاة في عام 2016 إلى 546 حالة وفاة . كما انخفضت الاصابات من 5020 إصابة إلى 2425 بانخفاض 52% .
هناك دراسات من جهات متخصصة تؤكد أن المملكة وفرت 40 مليار ريال في الناتج الوطني جراء تقليص عدد الوفيات والاصابات الخطيرة . وهو نتيجة وليس هدفا ماليا تسعى له الدولة . فالدولة-أعزها الله- لديها مصادر متنوعة للدخل الوطني والحمد لله رب العالمين ، وهدفها الذي تسعى لتحقيقه هو سلامة الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض سواء كان سعودياً أو غير ذلك .
أعيدوا قراءة أرقام الوفيات قبل تفعيل الرصد الآلي عام 2016 وعدد الوفيات في 2023 . إنها ليست مجرد أرقام ، بل أرواح نفقدها ، وعائلات نساهم في تشتتها ، وبيوت بلا ولي يرعى من فيها ..
لا تتحدثوا عن الغرامات ولا عن طريقة تحصيلها ، بل تحدثوا عن أناس أبرياء رحلوا عن دنيانا وعن معاقين يلازمون المستشفيات جراء استهتار غيرهم في القيادة وارتكاب المخالفات المرورية الشنيعة …
ولرجال المرور أقول: إننا نجدد الثقة بكم ونقدر ما تقومون به من جهود ، على أن ترفضوا تصرفات بعضكم ممن لا يفرقون بين نص القانون وروحه .. حتى لا تسيئون لنظامنا المروري وتساهمون- عن غير قصد- في خلق تشكيك البعض لهذا النظام الصارم .