المجمّع الثقافي في أبو ظبي يستضيف معرض “القصر الأحمر” للفنان الأمير سلطان بن فهد
أبوظبي – سويفت نيوز:
انطلق أمس المعرض الفردي “القصر الأحمر” للفنان الأمير سلطان بن فهد بن ناصر آل سعود، الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في المجمع الثقافي.
حضر الافتتاح معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وسعادة سعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – بالإنابة، ومجموعة من السفراء والدبلوماسيين والفنانين والإعلاميين.
يحتضن المجمّع الثقافي معرض “القصر الأحمر”، بعد النجاح الكبير الذي حققه المعرض في مدينتي الرياض وجدة، ويقدم المعرض تجربة غامرة ويغلب عليه طابع متعدد الأبعاد، خلال الفترة من 26 يناير الحالي ولغاية 28 مارس القادم، انسجاماً مع برنامج الفنون البصرية الخاص بالمجمّع الثقافي، والذي يستقطب نخبة من الفنانين المعروفين والناشئين من دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وخارجها.
يقدم معرض “القصر الأحمر”، تحت إشراف القيّمة الفنية ريم فضة، مدير المجمّع الثقافي، قصّة من عدة فصول تناقش تاريخ المملكة العربية السعودية عبر العديد من الوسائط، بما في ذلك مقاطع الفيديو والأعمال النحتية والمخططات الفوتوغرامية والتراكيب الفنية. استمد اسم المعرض من القصر الأحمر الكائن في مدينة الرياض، التي مثّلت محطته الأولى، تم استلهام المعرض من صعود وتلاشي المبنى الإيقوني والذي شكلّ انطلاقة هامة للتطور العصري في المملكة.
قالت ريم فضة، مدير المجمّع الثقافي: “إننا سعداء في المجمّع الثقافي باستضافة هذا المعرض الفني في دولة الإمارات، الذي يقدم تجربة رائعة من إعداد الفنان المبدع سلطان بن فهد بن ناصر آل سعود بينما يطرح تفسيراته حول تاريخ المملكة وثقافتها الغنية، يأتي ذلك انسجاماً مع تراث المجمعّ الثقافي ورؤيته المستمرة الرامية إلى توفير منصّة للفنانين والجمهور للمشاركة في حوارات ثقافية من شأنها أن توفر آفاقاً جديدة وتتحدى الوضع الراهن. إننا نتطلع إلى رؤية تجربة سلطان بن فهد في أبوظبي، والتي ستضفي بعداً جديداً على المجمّع الثقافي عبر أعماله التركيبية الفنية المتعددة الأوجه، التي تقدم رؤىً جديدة حول التراث الثقافي، وتفتح آفاق جديدة للاستكشاف الفني”.
وقال الفنان سلطان بن فهد: “فخور بالنجاح الذي حققه المعرض في مدينتي جدة والرياض، وأتطلع أن ينال المعرض إعجاب الجمهور في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ليسلّط الضوء على بعد جديد من تاريخ المملكة العربية السعودية من خلال إعادة إحياء وتجسيد سلسلة من محطات المملكة التاريخية بأسلوب فني معاصر لإيماني بما يمكن للفن أنّ يقدمه من وسيلة لرفع الوعي والتعريف بثقافات وحضارات الشعوب التي يمثلها وبالتالي يعرف العالم أجمع بها. يسعدني استضافة معرض “القصر الأحمر” في رحاب المجمّع الثقافي، باعتباره منارة الحوار الثقافي في المنطقة وشاهد على تاريخ الإمارات العريق، كما إنني سعيد بمنحي هذه الفرصة الرائعة للتواصل مع جمهور دولة الإمارات”.
كان قد تم الانتهاء من بناء القصر الأحمر عام 1944 ثم انتقل إليه الأمير سعود بن عبدالعزيز، حينما كان ولياً للعهد، (فترة الحكم خلال الفترة 1953 – 1964) وأصبح مقره الملكي لسنوات عديدة. لاحقاً، بعد انتقال الملك سعود بن عبد العزيز إلى قصر الناصرية في عام 1953، أصبح القصر الأحمر مقراً لمجس الوزراء السعودي ومن ثمّ مقراً لديوان المظالم حتى عام 1987، حيث تم إخلاؤه وأصبح منذ ذلك الحين أطلالاً أثرية باقية وبحاجة إلى تنفيذ سلسلة من عمليات التجديد والصيانة والترميم.
أقام الفنان سلطان بن فهد هذا المعرض لأول مرة في القصر الأحمر، مسلطاً الضوء على هذا المعلم التاريخي المهجور منذ ثمانينيات القرن الماضي. جاء هذا المعرض ثمرة لممارسات الفنان المستمرة في جمع المقتنيات التذكارية والتاريخية وغيرها من الأشياء المهجورة من مواقع مختلفة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. فيما بعد، استخدم الفنان بن فهد هذه المقتنيات لتشكيل منحوتات وأعمال فنية تركيبية ترصد محطات التحوّل في هذه المواقع وتجسّد مكانتها الرمزية عبر التاريخ والثقافة السعودية، مرتكزاً على اللحظات التاريخية المحورية على الصعيدين السياسي والشخصي التي تواكب التحوّل الاجتماعي في المملكة. يحاول الفنان سلطان بن فهد ترجمة جُملة من المفاهيم المعنوية في أعماله، بما في ذلك اللغة والذاكرة، إلى تصورات ملموسة تعيد إحياء هذه اللحظات التاريخية أمام جمهور اليوم وتوثّق أثرها على الوعي الجماعي لمجتمع المملكة.
ينقسم المعرض إلى سبعة فصول، وهي: “القصر الأحمر” و”1979″ و”الأيدي العاملة” و”عاصفة الصحراء” و”الاقتصاد المقدس” و”عشاء القصر” و”المصلّى”. جرى وضع الأعمال المُدرجة في هذه الفصول، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو وأعمال فنية تركيبية، ضمن إطار من الأحداث التاريخية والسياسية التي وقعت على امتداد تاريخ القصر.
يضم الفصل الأول، “القصر الأحمر”، مُجسماً فنياً مصنوعاً من مجموعة من الثريات غير المستخدمة التي تم إحضارها من القصر. تُمثل هذه الثريات، الموضوعة داخل مجموعة من الأقفاص القديمة لوحدات التكييف الخاصة بالقصر، التناقض الكبير بين الغنى والضعف.
بينما يُشير الفصل الثاني، “1979”، إلى حادثة حصار المسلحين المتطرفين للمسجد الحرام في مكة، واحتجاز 10 آلاف رهينة والتسبب بحمام من الدماء. يستعيد بن فهد هذه الحادثة المؤلمة من التاريخ السعودي من خلال عرض البقايا الفعلية من ذلك الحصار، بما فيها واحدة من سجادات الصلاة الحمراء التي كانت تُستخدم في مكة قبل عام 1979، إلى جانب صور للكعبة الشريفة والعيارات النارية التي تم إطلاقها في المسجد الحرام.
أما الفصل الثالث “الأيدي العاملة”، فيتألف من مقطع فيديو مؤثر يستعرض عدداً من موظفي الخدمة الذين عملوا في القصر الأحمر؛ وتُركز عدسة المصور فيه على أيدي هؤلاء العاملين بينما يستعدون لتقديم العشاء، ويرتدون أزياءهم المزركشة التي أعيد ابتكارها اعتماداً على مجموعة من الصور التاريخية.
يُعتبر الفصل الرابع، “عاصفة الصحراء” أقرب إلى كونه سيرة ذاتية تعكس تجربة بن فهد كجندي في الجيش السعودي خلال الحرب. تشمل التذكارات التي تحمل قدراً من القيمة العاطفية قطعاً مثل القبعة العسكرية الخاصة بالفنان والبطاقات التذكارية الخاصة بعملية عاصفة الصحراء الموضوعة إلى جانب الأقنعة الواقية من الغاز، والتي جرى توزيعها بكثرة في المنطقة خلال الحرب، والتي وجدها بن فهد داخل القصر الأحمر.
أمّا الفصل الخامس، “اقتصاد الأماكن المقدّسة”، فيستعرض عدداً من التعليقات حول التعديلات التي تطال المواقع المقدسة والممارسات الدينية بشكل عام. يضم القسم قطعاً من الألعاب البلاستيكية التي جرى استقدامها من الصين، والتي تتضمن إشارات غريبة عن مكة، وتشكيلة من عبوات المياه المزينة بالنقوش والتي يستخدمها العديد من الحجاج أثناء موسم الحج، فضلاً عن أنسجة مطرزة لمشاهد رائعة من مكة ابتكرها مجموعة من الحرفيين الأفارقة.
وفي الفصل السادس، يتناول بن فهد سجادات الصلاة بصفتها سمة أساسية لنمط الحياة في المملكة العربية السعودية. ولابتكار هذا العمل الفني، قام الفنّان بترتيب مجموعة من سجادات الصلاة على شكل مصّلى تقليدي، واستخدم أضواء النيون لكتابة دعاء باستخدام علامات التشكيل فحسب، وهي إشارات توضع تحت الحروف أو أعلاها للدلالة على لفظها الصحيح. يرسم هذا المجسم الفني خطاً واضحاً بين الكلمة المحكية والأحرف الغائبة ومجموعة الأجساد، ما يُفضي عن تجسيد مادي للعناصر التي لا نتمكن من إدراكها على الدوام.
وفي الفصل الأخير، “عشاء القصر”، يُعيد بن فهد ابتكار فعالية عشاء افتراضية للموظفين وعمال الخدمة في القصر الأحمر، وذلك باستخدام أواني المائدة الفعلية التي كانت في القصر والتي حرص الفنان على جمعها لأعوام عديدة. بينما جرى تخصيص الغرفة الثانية في هذا الفصل للملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة. تعرض الغرفة صوراً أرشيفية للملك أثناء معاينته لحقول النفط عام 1947، والتي حصل عليها الفنان من سجلات شركة “أرامكو”، وذلك إلى جانب غيرها من المواد الشخصية الخاصة بالملك السابق للمملكة العربية السعودية.
معرض أرضية مشتركة
يحتضن المجمّع الثقافي معرضاً آخر مستوحى من “القصر الأحمر”، وهو معرض “أرضية مشتركة” الجماعي والذي يعكس الخواص المشتركة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. يتّخذ المعرض نمطاً سردياً معاصراً يروي الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبلدين بأسلوب جاذبٍ للشباب، ويتشكّل من أعمال فنية لـ13 فناناً، بمن فيهم أحمد سعيد العريف الظاهري، آمنة المعمري، غانم يونس، خالد التميمي، مها الحمّادي، مريم السويدي، ماتيّا غامبارديّا، رناد حسين، روضة الشامسي، سعود الظاهري، سارة العضايله، شمسة العُميره، ووفاء القصيمي.
يقام معرض “أرضية مشتركة” من 26 يناير وحتى 28 مارس 2020.
برنامج المجمّع الثقافي للإقامة الفنية
وقع الاختيار على 13 فناناً مقيماً في دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في دورة عام 2020 لبرنامج الإقامة الفنية في المجمّع الثقافي.تم اختيار الفنانين من قبل لجنة تحكيم مختصّة عقب انتهاء فترة التسجيل. يدعم برنامج الإقامة الفنية تنمية المهارات الإبداعية للفنانين عبر توفير مساحات استوديو وموارد فنية مخصصة تمكّنهم من تحسين إنتاجهم الفني وعرض أعمالهم بصورة احترافية وعلى أكمل وجه، من خلال دعم مباشر لامثيل له. الفنانون المختارون لدورة هذا العام هم: عبدالغني النحوي، عفراء السويدي، آمنة المعمري، ضياء علّام، غانم مبارك، جونثان فارو، خالد مزينة، ميرة الهاملي، روضة الكتبي، سارة حامد، شمسة الظاهري، سيمرين أجاروال، وتارة ووريل.