كيف تلعب وسائل الإعلام الاجتماعية دوراً محورياً في تعزيز الإنتاجية ضمن بيئة العمل؟
جدة – سويفت نيوز :
منذ انطلاقته على يد مارك زوكربيرغ قبل عقد من الزمن، استقطب موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك” حوالي المليار مستخدم من جميع أنحاء العالم، أما موقع “تويتر” فقد بات يضم الآن ما يناهز الـ 200 مليون مستخدم، والذين يشاركون بـ 400 مليون تغريدة يومياً. وبالتزامن مع تضاعف عمليات الاكتتاب العام في هذه الشركات لتصل إلى مليارات الدولارات، من الواضح أن نمط حياة وسائل الإعلام الاجتماعية خرج إلينا كي يستمر لمدة طويلة.
ولكن على الرغم من أن وسائل الإعلام الاجتماعية لا تزال جديدة نسبياً، إلا أنها اجتازت عدة مراحل من التطور على مدى السنوات الـ 10 الماضية، حيث وصلت شعبيتها بين المستهلكين إلى ذروتها قبل بضع سنوات فقط، أما الدور الذي لعبته في بيئة الأعمال وعلى أحسن تقدير فقد كان متذبذباً، وعلى أسوأ تقدير فقد كان سلبياً للغاية.
وتشير التقارير إلى حجب موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” في بيئة العمل كونه يشكل عامل إلهاء، كما أن حالات صرف الموظفين من الخدمة بسبب الـ “فيسبوك” كشفت للمدراء عن حالات شرود للموظفين لم تكن سائدة أو شائعة من قبل. ومن واقع تجربتي، فإن مجرد ذكر الشبكات الاجتماعية ضمن بيئة الأعمال يشكل عبئاً سلبياً، حيث يخشى المدراء من آثارها الرجعية على مستوى إنتاجية الموظفين العاملين لديهم.
هل تحقق ذلك؟
لقد تخطت صناعة البرمجيات في عالم الأعمال جميع هذه التوقعات خلال السنوات التي تلت ذلك، حيث تمت إضافة تطبيقات الشبكات الاجتماعية إلى جانب الأنظمة دون وجود لأي جدول أعمال حقيق أو هدف منشود، حيث تم تكريس استخدامها لمجرد “المحادثة”، التي لم تعكس أي قيمة تجارية على مستخدميها.
أما القيمة الجوهرية للشبكات الاجتماعية، أو كما أصبحت تعرف باسم وسائل الإعلام الاجتماعية، في بيئة الأعمال فقد بدأت بالظهور من خلال الاستراتيجيات المستقبلية، التي يغلب عليها الطابع الاستهلاكي الذي ستواجهه الشركات باحتضانها هذه الوسائل كأدوات للتسويق، من خلال دمج برامج التسويق بالمدونات وصفحات الـ “فيسبوك” والـ “تويتر” والـ “يوتيوب”. وقد انصب تركيز معظم هذا التوجه على الاستفادة من القاعدة الجماهيرية الضخمة التي تجذبها هذه المنصات، حيث شكلت الحملات الإعلامية في كثير من الأحيان منافذ وصول إضافية للقاعدة الجماهيرية.
وفي أعقاب هذا التحول، ظهر الدور والقيمة الحيوية التي تلعبها وسائل الإعلام الاجتماعية في مجال الأعمال، ولكن هذا الدور تم احتكاره بالكامل من قبل الرئيس التنفيذي للتسويق
بالمقابل، حافظت باقي الوظائف في عالم الأعمال على ممانعتها إلى حد كبير ضد سحر وجاذبية وسائل الإعلام الاجتماعية، وذلك في ظل انتشار الدلالات السلبية لتواجد موقع الـ “فيسبوك” في بيئة العمل، فالعديد من المدراء غير قادرين على تبني هذا التحول الفكري من استبيان واستقراء مستوى الإعجاب بالمنتجات الاستهلاكية عبر المشاركة بـ “Like” على صفحة الـ “فيسبوك” الخاصة بالشركة، وصولاً إلى الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام الاجتماعية في توجيه عملية الإنتاج في المصنع، ولكن هذا الأمر لم يدم إلا لوقت قريب جداً.
التحولات والتغيرات الجذرية
سلطت الأمثلة الكارثية لمفهوم “المحادثة الاجتماعية” التي عانت منها وسائل الإعلام الاجتماعية ضمن بيئة الأعمال الضوء على القيمة التي تلعبها هذه الوسائل ضمن بيئة الأعمال، وأنه لابد من استثمارها بشكل تشاركي (وسائل الإعلام الاجتماعية “2”)، فعوضاً عن المحادثة المستمرة المرافقة لتأدية المهام، يجب أن تشكل المحادثة جزءً من عملية تأدية المهام، أو من تطبيقات الأعمال قيد الاستخدام.
ورغم استخدام برامج التسويق لوسائل الإعلام الاجتماعية بنجاح، إلا أن غالبية الحملات التسويقية تركزت على منصات معينة كالقنوات، والقليل منها فقط استطاع الاستفادة من قدرات وسائل الإعلام الاجتماعية من أجل دعم المحادثات متعددة المسارات. وفي ضوء هذه الدروس المستقاة، ومن وجهة نظر الأقسام الأخرى، سرعان ما أصبح واضحاً أنه بالإمكان الاستعانة بوسائل الإعلام الاجتماعية بهدف إشراك وتمكين الموظفين من اتخاذ القرارات الأكثر صحة، والتي بدورها تستطيع معالجة المشاكل، والحد من تكاليف الشراء، وتعزيز الإنتاجية، وتسهيل العلاقات المثالية مع العملاء، وتحقيق الربحية المنشودة.
كما أن تطبيق وسائل الإعلام الاجتماعية ضمن البرامج التجارية التي تدعم وظائفها يمثل أسلوباً جديداً لتعزيز التعاون والتشاركية بين مختلف الأقسام والوحدات، فبدلاً من استخدامها للمحادثة فقط، بالإمكان الاستعانة ببرامج الرسائل والتنبيه التي تعد جزءً من تطبيقات الأعمال بهدف التأثير على العمليات التجارية، وتقديم قيمة أعلى للمستخدمين. كما أنها تقوم بالاستفادة من المعلومات الآنية ذات الصلة من أجل متابعة ونشر عملية صنع القرار الحقيقية، وهي عملية من المستحيل تجسيدها بشكل متكامل انطلاقاً من غرفة اجتماعات مجلس إدارة غير مجهز بوسائل الاتصالات، واستناداً على مكالمة هاتفية أو حتى رسالة من البريد الإلكتروني.
وهي تعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها موقع الـ “فيسبوك” والـ “تويتر” اللذان يقومان على اختيار الاستجابات من نظام “تخطيط موارد المؤسسات” (ERP) الذي يحدده المستخدم، وبالإضافة إلى ذلك بإمكان المستخدمين إتباع مجموعة بسيطة من البيانات المتعلقة بوظيفتهم، وذلك من أجل الحصول على استجابات مستمرة لكل ما له صلة بوظيفتهم. فعلى سبيل المثال، عند تثبيت طلب شراء عاجل يقوم مدير الإنتاج بمراجعة تفاصيل الجداول الزمنية الحالية لعملية الإنتاج، ومستويات المخزون، وسعة المستودعات، فضلاً عن التواصل مع الأشخاص المسؤولين عن هذه الأقسام، وذلك من أجل ضمان حصوله على نظرة شاملة وحقيقية ودقيقة حول كيفية تلبية طلب الشراء، وما هو الجدول الزمني لتحقيق ذلك. وبفضل وجود تقنيات “إنترنت الأشياء”، أصبح بإمكان مدير الإنتاج متابعة مستوى الأداء المتواصل لكافة التجهيزات العاملة على خط الإنتاج.
وبالطبع، فإن الفائدة الهامة الأخرى الناجمة عن الاستعانة بوسائل الإعلام الاجتماعية ضمن برامج العمل يتمثل في مواكبة الجيل الجديد من الموظفين، الذين يجدون صعوبة لا يمكن وصفها في مجاراة نظام العمل المؤسسي، وذلك بعد أن أمضوا سنوات الدراسة في جامعاتهم وهو غارقون بالعمل على مواقع غوغل وفيسبوك ويوتيوب وتويتر، فهم سيشعرون بمتعة لا حدود لها في حال استخدامها ضمن بيئة عملهم، وهذا يعني حتماً الحد من الفترة الزمنية للتدريب، وتخصيص المزيد من الوقت لتأدية مهام العمل.
التحول الهادف
طالت البرامج التجارية العديد من مراحل التحول الجوهري، فمن خلال دمج مفهوم عمل وسائل الإعلام الاجتماعية ضمن عملية التحول هذه لضمان ربط أي مستخدم ضمن هذا العالم بمستخدم آخر في نطاق نقرة زر واحدة، شهدت البرامج التجارية تحولا غير مسبوق نحو مفهوم الأعمال الاجتماعية.
ومع استمرار عصر تداول البيانات وانتشارها بشكل غير مسبوق، والحاجة لصياغة القرارات بوتيرة أسرع وأكثر ذكاءً، تلعب وسائل الإعلام الاجتماعية دوراً محورياً في العمل المؤسسي، ولا يقتصر هذا الدور على مجال التسويق فحسب، بل في جميع الأنظمة التي تدعم الوظائف الحيوية لمكاتب الدعم. ومن خلال إشراك وتمكين المستخدم في عملية صياغة القرارات المثالية وزيادة الإنتاجية، فإن نجاح الأعمال الاجتماعية في بيئة العمل قد يكون لا يزال في بداية رحلته.