ثقافة

( بائع الجرائد) – قصة قصيرة- محمد خضر الشريف

صورتي
محمد خضر الشريف
============
( بائع الجرائد) *

وقف مليا عند مدخل القاعة الكبرى التي سيتم تكريمه بها ..
يتأمل بائع جرائد كبير في السن يفترش جرائده عند المدخل.
استدعي ملامحه المحفورة في ذهنه منذ عقود أربعة مضت.
واصل سيره.. دخل القاعة.
جلس سارحا مع بائع الجرائد..
النداء باسمه يجلجل المكان وصداه يتردد بين جنبات القاعة:
“سعادة الاستشاري الكبير في أمراض القلب الأستاذ الدكتور البروفيسور” فلان الفلاني” عاد للبلاد بعد غياب 15 عاما، بتفضل مشكورا بالحضور إلى المنصة ليتقلد الوشاح من الطبقة الأولى”..
قام من مكانه.. توجه إلى خارج القاعة..
الكل ينظر إليه في ذهول
النظرات تتابعه..
ذهب للخارج.. وضع يده على بائع الجرائد أمسك بيده،
البائع يرتجف خوفا :
” اتركني يا ابني وأعدك بأني لن أفرش هنا مرة أخرى”!

أجابه: ومن قال إنك ستفرش جرائدك مرة أخرى؟! أريدك أريدك أن تأتي معي.
ظل البائع يقاوم بيد مرتجفة ..
والبروفيسور”الكبير يمسك بيده بقوته وهو يقوده إلى القاعة..
لاحظ البائع أن عيون “البروفيسور” تدمع سأله: مالك يا ابني؟
لم يجبه ببنت شفه وهو بقوده إلى المنصة !
الكل ينظر إليه في اندهاش وحيرة
بكى “البوفيسور” بكاءً شديداً وهو يعانق الرجل.. ويقبل رأسه ويده..
سأله : ألم تعرفني يا أستاذ “فلان”؟
أجابه: لا والله، العتب على النظر!
قال له: أنا تلميذك ” فلان” في المدرسة الابتدائيه سنة كذا وكذا
نظر البائع إلى البروفيسور ..احتضنه باكيا فرحا.
أخذ الدكتور”الوشاح “قلده أستاذه القديم..
استسلما كلاهما للبكاء ..
ضجت القاعة بحرارة التصفيق الممزوج بحرارة الدموع !
——————-
{ من مجموعتي القصصية الثانية
“قدر ولطف”..}

قدر ولطف

بائع الجرائد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى