ثقافة

إلى المتنبي.. شعر: محمد خضر الشريف

صورتي

شعر: محمد خضر الشريف👇
ًّ================

(مهداة لشاعر العرب الحكيم أبي الطيب المتنبي)
—————————
وآهٍ ثمّّ آهٍ .. يا زماني/
فقد أصبحتُ ذا فكرٍ أعاني

وأيٍ من شؤون الفكر أعني/
إذا لم أعنِ مما قد دهاني

ودنيايَ ونفسي في رحاها/
كما الطيرُ المهاجرُ من مكانِ

فتقبضُ في هجيرِ الحرِّ شوطا /
وشوطا من جناح البسط رانِ

********
“أبا الطيبْ” سقاك الدهر غيثا/
وأنت حكيمُ “مُتنبي الزمانِ”

فجاء الوصفُ في شخصي دقيقا/
كأن الشعر منك قد عناني

بألفاظٍ ثلاثٍ قلتَ عني /
“غريب الوجه واليدِ واللسانِ”

وإني إن أكن رجلا غريبا/
فإن الوجه مني ذو بيانِ

يترجم حال من يلقاه فورا/
ويحكي قوله كالترجُمانِ

وفي الخير يدي تسعى كثيرا /
وهذا الحال من شفَتَيْ لسانِي

فقلبي أبيضٌ طهرا نقيا/
فلا حقدا ولا حسدا يُغاني ( 1)

ولا أدعو لمعصية تقدني/
لموضع شبهة تودي جَناني (2)

فإنك إن عصيتَ الله عمدا/
ستغررك المعاصي بالأماني

وتثقل كاهلا منك ضعيفا/
فتصرخ هائجا كالدَّيْدَبَانِ (3)

وتجلس فوق ظهر العسر قهرا/
وتضرب منك أخماساً ثماني

وتلعق من طعام الدهرِ بؤسا/
فتذهب أنت في ” كانِي وماني” (4)

ويكفيك من التوبيخ ذما/
يقول الرب عبدي قد أذاني!

أُنزّلُ خيره يوما ودوما/
ويلقاني بشرِ وهواني

*******
فياربُ وأنت لخيرُ ربِّ /
فثبتني على لجج الزمانِ

وأسعدني بحب فيك يشفي/
غليل النفس من شر الهوانِ

فليسَ لي أياربُ سواك/
ألوذ به إذا ما الخطبُ دانِ

ففرج من كروب الضيقِ أمري/
وأعلِ من فيوض السعدِ شاني
————————–( انتهت)
** معاني بعض الكلمات:

(1) الغان كالران وزناً، وكالصدأ معنىً، وهو ما يجثم على القلب، فيعكر صفوه ويحتاج لجلائه بالاستغفار، وفي الحديث:” وإنه ليغُان على قلبي”.
(2)الجَنان بفتح الجيم، أي العقل.
(3) الدَّيْدبان أي الخفير أو الحارس ومن صفاته الصراخ وعلو صوته ؛ليحذر من اللصوص.
(4) “كاني وماني”، بستخدمها العوام دأئما وهي تقابل في الفصيح “حيص بيص”، قال أهل اللغة: ان كلمتي ” كاني وماني” قبطيتان وتعنيان السمن والعسل؛ وهي الهدية التي كان الفلاح المصري القديم يقدمهما قربانا للكهنة ، ثم أطلقت على كل شيء فيه الحيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى