مقالات

عمر بن الخطاب يشرع قوانين أسرية من وحي رأي المرأة

IMG_4968

د.أشرف صابر

ماذا لو كان سيدنا عمر بن الخطاب يحكم الان؟
كان عمر يجهز ويعد موائد الطعام للناس ، فرأى رجلاً يأكل بشماله ، فجاءه من خلفه ، وقال :
يا عبدالله: كُلْ بيمينك .
فأجابه الرجل : يا عبد الله إنها مشغولة .
فكرر عمر القول مرتين فأجابه الرجل بنفس الإجابة .
فقال له عمر : وما شغلها ؟
فأجابه الرجل : أصيبت يوم غزوة مؤتة ، فعجزت عن الحركة .
فجلس إليه عمر وبكى .. وهو يسأله : من يوضئك ؟
ومن يغسل لك ثيابك ؟
ومن يغسل لك رأسك ؟
ومن .. ومن .. ومن .. ؟
ومع كل سؤال ينهمر دمعه .. ثم أمر له بخادم وراحلة وطعام ، وهو يرجوه العفو عنه لأنه آلمه ، بملاحظته على شيء لم يكن يعرف أنه لا ذنب له فيه.
هكذا تصنع القوانين …

كان يخرج ليلاً في شوارع المدينة ، لا ليتلصص على رعيته ، ولكن ليتفقد حالها ..

ذات مساء إذ بأعرابية تناجي زوجها الغائب وتنشد في ذكراه شعراً :
لقد طال هذا الليل واسودَّ جانبه
وأرَّقني ألا حبيب ألاعبه
فلولا الذي تُخشى عواقبه
لتحركت من هذا السرير جوانبه
فيقترب أمير المؤمنين ويسترق السمع ثم يسألها من خلف الدار : أنا عمر بن الخطاب ..ما بك يا أختاه ؟
فترد الأعرابية :
يا أمير المؤمنين لقد ذهب زوجي إلى ساحات القتال منذ أشهر وإني أشتاق إليه .
فيرجع أمير المؤمنين إلى دار ابنته حفصة رضي الله عنها ويسألها :
كم تصبر المرأة على فراق زوجها ؟
وتستحيي الابنة وتخفض رأسها فيخاطبها متوسلاً :
إن الله لا يستحي من الحق ولولا أنه شئ أريد أن أنظر به في أمر الرعية لما سألتك .
فتجيب الابنة :
أربعة أشهر يا أمير المؤمنين .
ويعود الفاروق إلى داره ويكتب لأمراء الأجناد ( لاتحبسوا الجيوش فوق أربعة أشهر )
ويصبح الأمر قانوناً يحفظ للمرأة أهم حقوقها .
تابع مسار القانون لم يصغه الجهاز التنفيذي للدولة بل صاغه المجتمع ( الأعرابية وحفصة ) واعتمده الجهاز التنفيذي للدولة لينظم به المجتمع …….
هكذا تَشكَّل ( قانون المرأة )

كان عمر رضي الله عنه يواصل التجوال المسائي متفقداً الرعية ، وإذ بطفل يصدر أنيناً حزيناً فيقترب من الدار ويسأل عما به ؟
فترد أم الطفلة :
( إني أفطمه يا أمير المؤمنين )
حدث طبيعي أُم تفطم طفلها ولذا يصرخ ولكن أمير المؤمنين لا يمضى إلى حال سبيله ، بل يحاور أُم الطفل ويكتشف أن الأم فطمت طفلها قبل موعد الفطام ، لحاجتها لمائة درهم ، كان يصرفها بيت مال المسلمين لكل طفل بعد الفطام .

يرجع الفاروق إلى منزله لا لينام إذ أنين ذاك الطفل لم يبارح عقله وقلبه فيصدر أمراً ( بصرف المائة درهم للطفل منذ الولادة وليس بعد الفطام ) .

ويصبح الأمر قانوناً يحفظ حقوق الأطفال ويحميهم من مخاطر الفطام المبكر ….
لو لم يحاور الفاروق تلك المرأة لما أصدر قانوناً يحمي حق الطفل في الرضاعة الكاملة
وهكذا تَشكَّل ( قانون الطفل )

وكان الفاروق يحب أخاه زيداً ، وكان زيد هذا قد قُتل في حروب الردة .
ذات نهار بسوق المدينة يلتقي الفاروق وجهاً بوجه بقاتل زيد وكان قد أسلم وصار فرداً في رعيته .
يخاطبه الفاروق غاضباً :
( والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح )
فيسأله الإعرابي متوجساً :
( وهل سينقص ذاك من حقوقي يا أمير المؤمنين )
ويُطمئنه امير المؤمنين ( لا )
فيغادره الأعرابي بمنتهى اللامبالاة قائلاً :
( إنما تأسى على الحب النساء ) …
أي مالي أنا وحبك إذ ليس بيني وبينك غير ( الحقوق والواجب )
لم يغضب أمير المؤمنين ولم يزج به في السجن بل كظم غضبه على جرأة الأعرابي وسخريته وواصل التجوال .
لم يفعل ذلك إلا إيماناً بحق هذا الإعرابي في التعبير وبكظم الغضب وهو في قمة السلطة وبفضل شجاعة هذا الإعرابي .

تَشكَّل في المجتمع ( قانون حرية التعبير )

ثم إمرأة كانت تلك التي جردته ذات جمعة من لقب أمير المؤمنين حين قالت ( أخطأتَ يا عمر )
وكانت هذه بمثابة نقطة نظام امرأة من عامة الناس ترفض قانون المهر الذي صاغه الفاروق عمر … لم يكابر أمير المؤمنين ولم يزج بالمرأة في السجون ولم يأمر بجلدها بل اعترف بالخطأ بالنص الصريح (أصابت امرأة .. وأخطأ عمر) ، ثم سحب قانونه وترك للمجتمع أمر تحديد المهور حسب الإستطاعة ..

هكذا تُصنع القوانين ، أي حسب غايات المجتمع وطموحاته وثقافاته وذلك بالغوص في قاع المجتمع المستهدف بتلك القوانين .

فالمجتمع هو مصدر القوانين وليس السلطة (( بما لا يخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم طبعاً ))

لم يتغير الناس ولا الحياة ..
ولكن ليس في القوم .. ( عمر ) .. رضي الله عنه !!

أتعبتَ من جاء بعدك يا عمر يابن الخطاب رضي الله عنك وأرضاك ..
تحياتى وإحترامى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى