واشنطن بوست تقترب من الامير محمد بن سلمان وترصد رؤيته للوطن
ومن المرجح أن يجني هذا الطرح الأولي المئات من المليارات من الدولارات، وقد يكون أكبر عملية بيع في التاريخ المالي. ولقد أخبرني الأمير محمد بن سلمان بأن الحجم الدقيق لمثل هذا الطرح سوف يعتمد على طلب سوق المال وتوافر الخيارات الجيدة لاستثمار الإيرادات التي يتم جَنْيُها. والفكرة الأساسية خلف بيع حصة من هذا الكنز النفطي للمملكة العربية السعودية هي جني الأموال لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على الطاقة. وسوف تكون إحدى الأولويات قطاع التعدين، الذي يمتلك ثروة معدنية محتملة تقدر قيمتها بـ1.3 تريليون دولار أمريكي.
هذه الخيارات ليست إلا ثورة بسيطة بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت مواقع الترفيه تقتصر فيها إلى حد قريب على المطاعم والأسواق فقط، وبات العالم المعاصر بكل خشونته يقترب، سواء كان ذلك سوف يؤدي إلى نتائج أفضل أو أسوأ.
أيضًا، استضاف استاد الملك فهد الدولي في الرياض في الشهر الماضي حدثًا خاصًّا بـــ “مونستر جام” محتويًا على الشاحنات ذات المحركات القوية والكبيرة. كما أن هناك خططًا لإنشاء مدينة “Six Flags” في جنوب الرياض.
وقالت السيدة مي العذل في لقاء لها – وهي أحد العشرات من الشبان الذين يعدون الخطط في الهيئة العامة للترفيه – إنها تريد أن تجلب “متحف المثلجات” إلى المملكة العربية السعودية، الشبيه بالمتحف الذي زارته في مدينة نيويورك.
من جهة أخرى، قال مصرفي الاستثمار السابق أحمد الخطيب، الذي يترأس الآن هيئة الترفيه: “نحن نريد تحسين ثقافة الترفيه”. وهو يهدف لإنشاء 6 خيارات ترفيهية عامة في كل نهاية عطلة أسبوع من أجل السعوديين. ولكن الهدف الأكبر – بحسب حديثه – هو “نشر السعادة”. يبدو أنه يرد على من يقول إن بلاده في بعض الأحيان مصابة بالكآبة.
القوة المحركة خلف محاولة إعادة تصوير شكل السعودية هو ولي ولي العهد البالغ من العمر 311 عامًا؛ إذ بسلوكه المفعم بالطاقة والحيوية يناقض تمامًا التحفظ الصحراوي التقليدي الذي يتسم به معظم المسؤولين السعوديين. وعلى خلاف الكثير من الأمراء السعوديين فهو لم يتلقَّ تعليمه في العالم الغربي؛ ما مكنه من الحفاظ على طاقته القتالية التي تُعَدُّ سببًا لجاذبيته لدى الشريحة السعودية الشابة.
المهمة التي أمام محمد بن سلمان هي الحفاظ على علاقة التحالف مع الولايات المتحدة من دون أن يقبل أن يكون دمية في يد الولايات المتحدة؛ إذ قال الأمير محمد بن سلمان: “لقد تأثرنا كثيرًا من الولايات المتحدة، وذلك ليس بسبب ممارسة أحدهم الضغط علينا؛ فلو قام أحدهم بممارسة الضغط علينا لسلكنا الاتجاه المعاكس تمامًا، ولكن لو وضعت فيلمًا في دار السينما وشاهدته فقد أقتنع بما شاهدت”. كما قال أيضًا: “من دون التنوع الثقافي سينتهي بنا المطاف مثل كوريا الشمالية. ومع استمرار الولايات المتحدة في أن تكون حليفة للمملكة العربية السعودية فمن دون شك سوف نندمج بشكل أكبر مع المتغيرات العالمية”.
إن الأمير محمد بن سلمان محافظ حينما يتحدث عن القضايا الدينية؛ إذ يتعامل مع السلطات الدينية كحلفاء موثوقين له ضد التطرف، ولا يعاملهم كخصوم. ويكرر الأمير محمد بن سلمان حجة مفادها أن النهج الديني المتطرف في المملكة العربية السعودية هو ظاهرة حديثة نسبيًّا نتيجة للثورة الإيرانية التي وقعت في عام 1979، واحتلال المسجد الحرام في مكة من قِبل متطرفين سنة في العام ذاته كردة فعل للتطرف الشيعي.
وقال الأمير محمد بن سلمان: “أنا شاب، وسبعون في المئة من مواطنينا هم من الشباب. نحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال الـ30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، التي سببت التطرف والإرهاب. نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن. نحن نريد – كما يريد الشعب السعودي – الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا، وتطوير أنفسنا كأفراد وأُسر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ديننا وتقاليدنا. نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979”. واختتم حديثه قائلاً: “لقد ولى زمان تلك الحقبة”.