على جدران الجبال.. نقوش السيل الصغير تُوثِّق علاقة الإنسان القديم بطبيعة الطائف
الطائف – واس:
تُعد الرسومات الصخرية التاريخية في مركز السيل الصغير بمحافظة الطائف من أبرز الشواهد الأثرية التي توثق حضور الإنسان القديم في المنطقة، وتعكس عمق الامتداد الحضاري والثقافي للإنسان في غرب الجزيرة العربية عبر عصور متعاقبة.
وجرى اكتشاف هذه الرسومات حديثًا على يد المصور عبدالمجيد الروقي، وذلك خلال رحلة تصوير ميدانية للطبيعة في السيل الصغير، إذ أكد لـ”واس” أن الصخور لفتت انتباهه بما تحمله من نقوش محفورة على واجهات صخرية وفي تجاويف طبيعية مكشوفة، مبينًا خلال حديثه أن الرسومات تنتشر على الصخور بأساليب نقر وحفر دقيقة؛ مما يدل على تطور مهارات التعبير الرمزي لدى المجتمعات التي استوطنت المكان في فترات زمنية قديمة، وتجسّد النقوش مشاهد لحيوانات برية كانت شائعة في البيئة المحلية آنذاك، إضافة إلى رموز وخطوط يُرجّح ارتباطها بممارسات الصيد والتنقل، وأنماط الحياة اليومية والتفاعل مع الطبيعة المحيطة.
وأوضح الباحث والمؤرخ في تاريخ الطائف مناحي القثامي لوكالة الأنباء السعودية، أن هذا النوع من الرسومات يُمثِّل سجلًا بصريًا مهمًا للتحولات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ويعزز من الفرضية القائلة: “إن السيل الصغير كان ضمن المسارات الحيوية التي استخدمها الإنسان للاستقرار المؤقت أو الدائم”، مستفيدًا من الموارد الطبيعية وتكوينات الصخور التي وفَّرت الحماية والمأوى.
وأكَّدت أستاذ فلسفة الأدب والنقد الحديث بجامعة الطائف الدكتورة مستورة العرابي، في حديثها لوكالة الأنباء السعودية، أن محافظة الطائف تحظى باهتمام الجهات المعنية بالتراث الوطني، بوصفها إحدى المناطق الغنية بالمواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية، مشيرةً إلى أن الرسومات الصخرية تمثل جزءًا أصيلًا من الذاكرة الثقافية للمملكة، وعنصرًا داعمًا للهوية الوطنية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في حماية المواقع الأثرية وتعزيز السياحة الثقافية، موضحةً أهمية المحافظة على هذه الرسومات من العبث أو التعدي، والعمل على توثيقها ودراستها علميًا وإبراز قيمتها الحضارية، بوصفها إرثًا إنسانيًا يوثق علاقة الإنسان بالمكان عبر آلاف السنين.




