ثقافة

الأعشاب العطرية.. زينة الرأس وعبير التراث في جازان

جيزان – واس:
تُعد عادة وضع الأعشاب العطرية على الرأس من أبرز العادات التراثية المتأصلة في منطقة جازان جنوب المملكة، وتجسد هذه العادة عمق الارتباط بين الإنسان وبيئته، وتعبّر عن ذوقٍ جمالي أصيل تناقلته الأجيال عبر الزمن.
ومنذ القدم اعتاد أهالي المنطقة ولا سيما النساء والفتيات على تزيين الرؤوس بالأعشاب العطرية ذات الروائح الفواحة مثل: الفل والكادي والريحان والبعيثران والشيح، التي تُقطف من بيئة المنطقة الغنية بتنوعها الطبيعي، لتصبح رمزًا للجمال والنقاء والأصالة.
وتُعد الأعشاب زينة جمالية، تُعبّر عن روح المكان وملامح الهوية الجازانية، إذ تحرص النساء في جازان على اختيار الأعشاب وتنسيقها بعناية فنية تُظهر الحس الجمالي الموروث، وتُستخدم في المناسبات الاجتماعية والأفراح والأعياد واللقاءات العائلية، حتى غدت رائحتها السمة المميزة لتلك المناسبات وطقوسها الاحتفالية.
ويُنظر إلى وضع الأعشاب العطرية على الرأس بوصفه رمزًا للفرح والنقاء، إلى جانب ما تحمله بعض تلك الأعشاب من فوائد صحية وعلاجية، كتهدئة الأعصاب وتنشيط الحواس، مما جعلها جزءًا من الحياة اليومية والممارسات التقليدية لدى النساء والرجال في القرى الجبلية على حدٍ سواء.
ورغم مظاهر التطور والتغير الاجتماعي، ما تزال هذه العادة محافظة على حضورها في وجدان الأهالي، الذين يحرصون على توريثها للأجيال الجديدة بوصفها موروثًا ثقافيًا يعكس الانتماء والهوية، وأسهمت الفعاليات التراثية والمهرجانات المقامة في المنطقة ومن أبرزها مهرجان الفل والكادي في إحياء هذا الموروث وتعريف الزوار به، ليصبح عنصرًا بارزًا في المشهد الثقافي والسياحي لجازان.
وعندما تفوح رائحة الفل والريحان في أرجاء القرى الجازانية، يستشعر الزائر عبق التاريخ ودفء الأرض، حيث تمتزج رائحة الأعشاب بالعادات الأصيلة، في مشهدٍ يحكي علاقة الإنسان بأرضه، ويعكس استمرار التراث الجازاني في بثّ عبيره في سماء الوطن، شاهدًا على جمال الماضي وبهاء الحاضر وعبق الهوية السعودية الأصيلة.
// انتهى //

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى