بيئة

المطر في عسير.. مفردات تراثية توثق العلاقة بين الإنسان والطبيعة الجبلية

أبها – واس :


تتميّز منطقة عسير جنوب المملكة العربية السعودية بتنوع لغوي واسع في توصيف الظواهر الطبيعية، وفي مقدمتها المطر، الذي شكّل عنصرًا أساسيًا في حياة السكان وارتبط بحياتهم الزراعية والبيئية والجبلية، وما يتبع ذلك من أدوار الري والسيول.
وحافظت الأجيال في المنطقة على مفردات دقيقة تصف حالات الهطول ودرجاته وتأثيره في الأرض والإنسان، مما يعكس عمق العلاقة بين المجتمع والطبيعة وثراء الذاكرة الشعبية التي ما زالت حاضرة في الوعي الزراعي المحلي.
وفي كتابه “التقويم الزراعي في منطقة عسير”، قدّم الباحث الدكتور عبدالله علي آل موسى رصدًا شاملًا لأسماء المطر في التراث المحلي والذاكرة الشعبية في عسير، مبينًا دقة المجتمع المحلي في توصيف الظواهر المناخية المرتبطة بالمطر وتأثيراتها على البيئة والمزارع.
وأوضح أن التراث العربي والمحلي حفل بمفردات متعددة تصف حالات المطر، أبرزها: الوليّ للمطر الذي يأتي بعده، والرجيع للمطر المتكرر، واليعلول للمطر المتتابع، والشآبيب للمطر الذي يهطل على دفعات، والنُّفضة للمطر الذي يصيب بقعة من الأرض دون غيرها، إضافة إلى الودق للمطر المستمر، والسحيقة للمطر الجارف، والحريصة لشدة وقعه، والغيث للمطر الذي يعيد الحياة للنبات، والوابل والجود للمطر ضخم القطر شديد الوقوع، فيما يُطلق الأتاوي على المطر الغزير الذي ينجم عنه السيل.
وأكد أن مفردات الذاكرة الشعبية في عسير أكثر دقة وارتباطًا بواقع المزارعين واحتياجاتهم، خصوصًا ما يتعلق بالسيل والري، وتشمل: الرشّاش بداية المطر الخفيف، والهتان للمطر الخفيف المستمر، وكرة السربان للمطر الذي تتسرب مياهه من أسطح المنازل دون أن تكفي لجريان الشعاب، وتخالف الطرق للمطر الذي يترك أخاديد مائية في الطرق الترابية، والوصال للمطر الذي يصل إلى المزارع دون أن يرويها، وأبو فلج وأبو فلجين للسيول التي تروي أجزاء محددة من الأراضي الزراعية، ومن له مادة أروى للمطر الذي تصل مياهه إلى نهاية الخليج الزراعي فترتوي المزرعة بالكامل، والمطر المملوء الذي تمتلئ معه الأودية والشعاب، ومطر الردّة الذي يدل على تتابع الأمطار الغزيرة حتى يرتفع منسوب المياه في الآبار.
وشدد الباحث على أن هذا الثراء اللغوي يُعد جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية في عسير، ويعكس ارتباط الإنسان بالبيئة الجبلية واعتماده التاريخي على الأمطار في حياته اليومية ومواسمه الزراعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى