ثقافة

فارس الهرمة.. عشرون عامًا يُعيد فيها روح المباخر والأبواب النجدية إلى الحياة

الرياض – واس:
في فضاءات الحرف التقليدية التي يحتضنها معرض “بنان”، تتوقف الخطوات أمام جناح يتوهّج برائحة التاريخ، إذ يقف الحرفي فارس نايف الهرمة، أستاذ الفنون التقليدية، وصانع المباخر والأبواب النجدية، وهو يستعيد أمام الزوار مسيرة تمتد لأكثر من عشرين عامًا من الممارسة والبحث وإحياء الرموز التي شكّلت ملامح العمارة والتراث السعودي القديم.
ويقول الهرمة: “إن علاقته بالحرف بدأت هواية قبل أن تتحول إلى مسار مهني ورسالة يحملهما بشغف، رغم تخصّصه الأكاديمي في العلوم السياسية من جامعة الملك سعود, وبعد سنوات من التعمّق في الفنون التقليدية، قدم أكثر من 500 ساعة تعليمية بالتعاون مع عدة جهات، من بينها المعهد الملكي للفنون التقليدية، والبيت الحرفي، وجهات خاصة أسهمت في نشر الوعي وتدريب جيل جديد من الممارسين”.
ويبرز الهرمة في صناعة المباخر التقليدية، إذ يعيدها بروح عصرية دون التفريط بجذورها التاريخية, ويوضح أن جميع التصاميم التي ينجزها ترتكز على الشُرْفة، والتربيعة، والحمامة؛ عناصر معمارية موغلة في القدم، تعود جذورها إلى أكثر من 2600 عام منذ عهد الأنباط.
وظهرت هذه التربيعة في المباخر المكتشفة في قرية الفاو قرب وادي الدواسر، وفي تيماء شمال المملكة، مؤكدةً الارتباط الجغرافي والثقافي لصناعة البخور وامتدادها نحو العالم القديم.
ويشير الهرمة إلى أن شبه الجزيرة العربية كانت تصدّر المُرّ واللبان إلى معابد روما قبل الميلاد، وإلى مصر الفرعونية، فيما تمثل العلا شاهدًا حيًّا على طريق البخور القديم ومحطاته التجارية الكبرى، وهو ما يفسّر المكانة التي يحظى بها البخور في الثقافة المحلية حتى اليوم.
ويعمل الهرمة على تشكيل المباخر بالنحاس وفق طرق تقليدية مع إضافة لمسات حديثة، محافظًا في كل قطعة على الهوية الوطنية السعودية، ولم تتوقف إبداعاته عند المباخر؛ إذ برع أيضًا في صناعة الأبواب النجدية بالألوان الطبيعية وبالقواعد والأصول المتوارثة، وهي حرفة كانت على وشك الاندثار قبل أن تعيدها برامج التمكين ضمن رؤية المملكة.
ويختتم الهرمة حديثه بالتأكيد أن الدعم الكبير الذي قدمته برامج الهوية الوطنية والتمكين أسهم في زيادة عدد الممارسين وإحياء هذا الفن العريق، معربًا عن امتنانه لكل المبادرات التي أعادت للحرفيين حضورهم وفتحت لهم آفاقًا جديدة للمشاركة، داخل المملكة وخارجها، إذ تجاوزت مشاركاته الدولية حتى اليوم ثماني مشاركات أكدت قدرة الحرف السعودية على الوصول إلى العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى