الذهب الأبيض يتناثر في صحراء سيناء والوادي
القاهرة – واس:
يُعد محصول “القطن” رمزًا للاقتصاد والزراعة في مصر منذ قديم الأزل بوصفه من المحاصيل الإستراتيجية التي تربعت على عرش الصادرات المصرية قديمًا لما يتميز به من جودة عالية جعلته الخيار الأول لبيوت الأزياء العالمية حتى أن بعضهم أطلق عليه اسم الذهب الأبيض لما يحققه من عوائد مالية، ومع انطلاق موسم جني القطن تتجدد الآمال في استعادة مكانة هذا المحصول الإستراتيجي على عرش الأقطان العالمية بعد نجاح زراعته لأول مرة في الأراضي الصحراوية بمصر على غير العادة.
وفي اليوم العالمي للقطن الذي يوافق السابع من أكتوبر من كل عام، تحتفي محافظات مصر بموسم جني القطن الذي يستمر حتى نهاية الشهر، وبنجاح زراعته لأول مرة هذا العام في الأراضي الصحراوية كما حدث في محافظتي جنوب سيناء والوادي الجديد، لتعويض تراجع مساحات زراعته خلال الأعوام الماضية في الأراضي الزراعية بدلتا مصر القريبة من نهر النيل.
وحظى القطن المصري “طويل التيلة” بشهرة عالمية وتأسست لها بورصة خاصة لبيعه في الإسكندرية عام 1861م حيث كانت من أقدم البورصات السلعية في العالم التي تنظم تجارة الأقطان والبذور، بفضل جودة القطن الذي كان يتم تصديره إلى جميع دول العالم، حيث تربع “طويل التيلة” منذ عقود طويلة على عرش الغزل والمنسوجات العالمية.
وبحسب البيانات الرسمية لمعهد القطن المصري التابع لوزارة الزراعة المصرية بلغت المساحات المزروعة بالقطن هذا الموسم ( 195451 ) فدانًا فقط منها ( 173316 ) فدانًا في محافظات الوجه البحري، و ( 22135 ) فدانًا في محافظات الوجه القبلي، والمتوقع أن تصل الإنتاجية هذا العام إلى ( 1.4 ) مليون قنطار زهر، والوصول إلى إنتاجية تقدر بـ ( 10 ) ملايين قنطار خلال الـ 6 سنوات المقبلة، حيث تمتلك الدولة المصرية خطة إستراتيجية متكاملة نحو التوسع في الأراضي الجديدة والمستصلحة حديثًا بأصناف جيدة تغطي تلك المساحات وخاصة الأصناف المقاومة للتغيرات المناخية.
وقال وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة المصرية الدكتور مصطفي عمارة في تصريح لوكالة الأنباء السعودية :” إن بشائر جني محصول القطن الذي بدأ منتصف سبتمبر الماضي ويستمر حتى نهاية أكتوبر الجاري، تُشير إلى وفرة الإنتاج بفضل تنوع الأصناف التي زُرعت، وزيادة الرقعة الزراعية له بشكل يتناسب مع قيمة المحصول الذهبي، بالإضافة لتطوير محالج ومصانع الغزل والنسيج، وذلك لزيادة القيمة المضافة بدلًا من تصديره خام للخارج”.
وأفاد بأن الأصناف الجديدة من القطن التي زُرعت في محافظتي جنوب سيناء والوادي الجديد، تتميز بالجودة والإنتاجية العالية والنضج المبكر، وصلاحيتها للاستخدام في الغزل والنسيج وإنتاج الزيوت، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام المزارعين، ويعزز من خطط التوسع الزراعي في المناطق الصحراوية، وتوفر حوالي 30% من المياه المستخدمة في الري.
وأوضح أن صنفي جيزة (85، 98) من أشهر الأصناف وأكثرها توسعًا في زراعته في محافظات صعيد مصر لتميزهما بأنها من طبقة الأقطان الطويلة وبغزارة الإنتاج ونضجه المبكر وتتراوح إنتاجية الفدان من (9 – 11) قنطارًا، فيما تلائم أصناف جيزة (86، 94،97) الوجه البحري، بالإضافة لطبقة الأقطان الطويلة الممتازة مثل أكسترا جيزة (45، 93، 96) التي تتميز بالصفات الغزلية العالية مثل الطول والمتانة والنعومة والاستطالة.
من جهته أوضح عضو اتحاد مُصدري الأقطان المصري نبيل السنتريسي بأن جودة القطن المصري أعطت له قدره تنافسية في الأسواق العالمية عن غيره من الأقطان، لتُصنع منه أفخم أنواع الملابس والمفروشات العالمية، بفضل نعومته وأليافه الطويلة وقدرته على الاستدامة لفترة طويلة مقارنة بأي منتجات تصنع من الأقطان الأخرى.
وبين السنتريسي أن نجاح زراعة القطن في الأراضي الصحراوية “الرملية” كما حدث لأول مرة هذا العام بمحافظة جنوب سيناء في مدينة “الطور” يفتح الباب أمام التوسع في زراعته لتعويض تراجع معدلات الزراعة في الأراضي الطينية بوداي النيل.




