مقالات

حين تكون النجاة بطولة… لا الهاتف ولا المحفظة تستحق حياتك

بقلم – محمد البكر :

كلكم سمعتم عن الشاب السعودي الذي تصدى لأحد اللصوص أثناء محاولته سرقة هاتفه . وقد بثّت قناة “العربية” مقطعًا مصوّراً لتلك الحادثة ، وكم تمنيت ألا تفعل ذلك ، إلا إذا كان من باب التوعية بخطورة مثل هذا التصرف على سلامة ذلك الشاب ، والتنبيه إلى ضرورة عدم تكرار ما حدث .

من المؤكد أنكم تدركون أن أولئك اللصوص لا يترددون في الاعتداء على ضحاياهم، وربما قتلهم ، حين يشعرون بأن الضحية تقاوم ، أو عندما يجدون أنفسهم في موقف قد يؤدي إلى القبض عليهم . خاصةً أن كثيراً منهم يحملون أسلحة خطيرة ، مثل المسدسات أو السكاكين ، أو أدوات عنف أخرى كالعصي والمطارق ، وحتى الفؤوس.

ولو تأملنا في كل النصائح المتداولة حول كيفية التصرف في حال التعرّض لمحاولة سرقة ، لوجدنا أن الجميع يتفقون على أن عدم المقاومة ، وتسليم ما يطلبه المعتدي ، هو الخيار الأكثر أمانًا ، لا سيما إذا كان الاعتداء في وقت متأخر من الليل ، أو في شارع داخلي خالٍ من المارة . فالسارق لا يعنيه من أنت ، ولا يهتم بجنسيتك أو ديانتك أو عِرقك ، إلا إذا كانت دوافعه عنصرية . أما إذا كانت غايته سرقة هاتفك أو ساعتك أو مجوهراتك أو نقودك ، فهو لا يرى فيك سوى “هدف” كغيرك من الضحايا.

اللصوص يمارسون جرائمهم وهم في كامل استعداداتهم، مدججين بالوسائل اللازمة لتنفيذ مخططاتهم ، بينما أنت تسير في طريقك غافلًا عن احتمال وجود خطر يترصّدك .

الهروب أحيانًا هو الشجاعة الحقيقية . فالشجاعة ليست في الاندفاع أو محاولة إثبات الذات ، بل الشجاعة في الحفاظ على نفسك ، وتقدير العواقب بعقلانية وذكاء . كما أن الشجاعة ليست في العناد ولا التهور، بل أن تعرف متى تقاتل ، ومتى تنسحب لتحمي نفسك ومن تحب . فليس في كل مرة تسلم الجرة .
فلا تقاوموا ، بل سلموا لهم ما يطلبون كي تسلموا ، فهذه هي لندن وهذه خلاقينها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى