(حكاية تراثية ) الفرزدق وندامة الكسعي
محمد خضر الشريف
قال الشاعر الفرزدق نادما على طلاق زوجته “نوار”:
نَدِمْـتُ نَدَامَـةَ الكُسَـعِـيّ لَـمّـا//
غَــدَتْ مِـنّـي مُطَلَّـقَـةً نَــوَارُ
والكسعي اعرابي خرج يرعى إبله في وادٍ، فرأى قضيب شوْحَط نابتا في صخرة ملساء؛ فقال: نِعْمَ منبت العود في قرار الجلمود. ثم أخذ سقاءه وصب ما فيه من الماء في أصله فشربه لشدة ظمئه، و جعل يتعاهده بالماء سنة حتى سبط العود وأعتدل، فقطعه وجعل يقوِّمه حتى صلح؛ فبراه قوسا وبرى بقيته خمسة أسهم، وخرج إلى مكمن كان مورد الحُمُر في الوادي، فوارى شخصه حتى إذا وردت رمى عيرْاً منها بسهم فمرق منه بعد أن نفذه وضرب صخرة فقدح منها ناراُ؛ فظنَّ الكسعي أنه قد أخطأ.
ثم وردت حُمُرٌ أخرى فرمى عيراً، فصنع سهمه كالأول؛ فظنه أخطأ… و هكذا رمى خمسة منها الواحدة بعد الأخرى وكل مرة يظن أن سهمه أخطأ، ثم خرج من مكمنه فاعترضته صخرة فضرب بالقوس عليها حتى كسرها. ثم قال أبيت ليلتي ثم آتي أهلي.
فبات، فلما أصبح رأى خمسة حُمُر مصروعة ورأى أسهمه مضَّرجة بالدم، فندم على ما صنع وعض على أنامله حتى قطعها وقال:
ندمتُ ندامةً لـو أنَّ نفسـي //
تطاوعني إذاً لقتلت نفسـي
تبيَّن لي سفاهُ الـرأي منـي //
لعمر الله حين كسرتُ قوسي