المعلمة مهيرين شودري .. بطلة في وجه النيران .. توفت بعد إنقاذها عشرات الطلاب من حريق الطائرة المنكوبة في دكا
دكا – أمين الرحمن :
في مشهد بطولي سيظل خالدًا في الذاكرة، رحلت المعلمة البنغالية مهيرين شودري، منسقة البرامج في مدرسة ميلستون بحي أوتارا في العاصمة دكا، بعد صراع في وحدة العناية المركزة، متأثرة بإصابات جسيمة تعرضت لها أثناء محاولتها إنقاذ طلابها من الحريق الذي اندلع أمس عقب تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية البنغالية داخل حرم المدرسة .
كانت ماهيرين، البالغة من العمر 42 عامًا، تقف كعادتها عند بوابة المدرسة، تتابع بحرص خروج الطلاب إلى ذويهم، عندما سقطت الطائرة قرب البوابة، مثيرة انفجارًا هائلًا تبعه حريق واسع. ورغم أن النيران التهمت معظم جسدها وتسببت بحروق غطّت ما بين 80 إلى 100%، لم تتراجع، وهرعت وسط الدخان والركام لإنقاذ الأطفال.
شهود عيان أكدوا أن المعلمة الشجاعة كانت تركض بين ألسنة اللهب، تُمسك بالأطفال وتدفعهم بعيدًا عن موقع الحادث، محاولة تأمين ممرات للخروج قبل أن تسقط متأثرة بجراحها.
تم نقلها على وجه السرعة إلى المعهد الوطني للحروق وجراحة التجميل، حيث خضعت للعلاج في العناية المركزة، وتم وضعها لاحقًا على أجهزة دعم الحياة. لكن قبل ذلك، تمكّنت من الحديث لثوانٍ مع زوجها، منصور حلال، وقالت له:
“كنت أحاول إنقاذ الأطفال… لم أستطع تركهم.”
قال منصور وهو يغالب دموعه: “زوجتي احترقت من الرأس حتى القدم، لكنها لم تفكر بنفسها، كل ما كان يشغلها هو إنقاذ الأطفال.”
منذ لحظة الحادث، تحولت ماهيرين إلى رمز إنساني لدى طلابها وأهاليهم، وزملائها في المدرسة، الذين لم يتوقفوا عن الدعاء لشفائها. واليوم، تحوّل ذلك الدعاء إلى دموع ومراثٍ، بعد إعلان وفاتها.
رحيل ماهيرين شودري ترك جرحًا عميقًا في قلوب من عرفوها، لكنها ستُذكر طويلًا كبطلة حقيقية، اختارت أن تواجه الموت بكرامة وشجاعة لحماية أطفالها، وتُخلَّد اليوم كرمز للتفاني الإنساني والتضحية في أنبل صورها.




