اقتصاد

تركيا القوية …. أصبحت اليوم الأقوى …. سياسيا واقتصاديا وسياحيا

اسطنبول-بسام أديب:

لن ينسى الأتراك أبدا ليلة 15 تموز ( يوليو ) المشؤومة وسوف تظل علامة فارقة في تاريخ تركيا الحديث ، فتركيا قبلها كانت قوية بإردتها ، وتركيا اليوم أصبحت الأقوى في شعبها الصادق بكل أعرقاه العديدة وبكل ملايينه الـ  8Erdogan 1-10 ، والأكثر توحدا والتفافا سياسيا واقتصاديا وسياحيا .. هذا الشعب الأكثر بهجة وايمانا بالمستقبل لم يبرحوا ميادينهم وشوارعهم رافعين علم بلادهم حيث ولائهم الصادق له ولقيادتهم التي اعطتهم المحبة والكرامة وفرص العمل ، فاردوا ان يردوا لها الجميل ويفدوها بأرواحهم وفي الوقت نفسه يكرسون جهدهم لعملهم وأعينهم وقلوبهم متيقظة من الغدر والذل والخيانة  .

في الواقع  لم تكن المشاعر مفتعلة أو مصطنعة وأنا أزور تركيا للمرة الأولى في حياتي . فقد قدر لي وأن زرت العديد من الدول الأمريكية والأوروبية والاسيوية والعربية والإسلامية ، ولكنني وقفت مذهولاً مما رأيت في سحر تركيا عموماً وفي مدينتها إسطنبول الكبيرة التي لا تنام ، وفي ولاية طرابزون على وجه الخصوص التي زرتها والمناطق المحيطة بها من جمال الطبيعة الساحرة التي حباها الله بها والأجواء التي تبعث على الهدوء النفسي والنشاط البدني والارتياح الفكري.

ما رأيته بنفسي ، فقد وجدت أمامي تركيا الجميلة فلقد غابت عني تلك المناطق وأنا احسب نفسي من هواة السفر والسياحة ، وقد يكون القصور مني في تنويع وجهات السفر. وللحق لم يبهرني فقط المناظر الساحرة، وجمال الطبيعة فحسب، وانما مما رأيته من تقدم وتطور ونهضة تنموية في كل المجالات ، والنقلة النوعية في الخدمات والصناعة والتجارة والتعليم والتقنية والنقل وغيرها.Airline 1-1

لقد زاد فضولي لمعرفة المزيد عن تركيا ، وبدأت أهتم بالأرقام والإحصاءات فزاد انبهاري وإعجابي بهذا البلد المسلم الذي أخذ بأسباب التطور والنهضة في زمن قياسي وفي وقت تعاني معظم بلدان العالم من مشاكل إقتصادية طاحنة أثرت على تقدمها ونموها وتطورها ، بينما تواصل تركيا عزفها على أوتار التنمية بكل جوانبها ومكوناتها ، فهي لم تغفل جانباً دون آخر وبشكل متسارع أنعكس ذلك على مكانة تركيا بين دول العالم ، وعلى مكانه الفرد التركي ودخله السنوي ، الذي ارتفع من 2300 $ في السنة إلى 11000 $  في الفترة من 2002 م إلى 2012 ، وإرتفع أجر الموظف المبتدئ من 340 ليرة إلى957 ليرة تركية، وانخفضت نسبة الباحثين عن العمل من 38% إلى 2 % . وفي نفس الفترة أيضاً قفز حجم التبادل التجاري إلى 840 مليار دولار في 2012 م بينما كان 250 مليار دولار في 2002 م ، وكانت صادراتها قبل عشر سنوات 23 مليار أصبحت اليوم 153 مليار لتصل إلى 190 دولة في العالم .. وتحتل السيارات المركز الأول، تليها الإلكترونيات، حيث أن كل ثلاثة أجهزة إلكترونية تباع في أوروبا هناك جهاز صناعة تركية ..14054815_10208232796476639_379800250_n

وفي نفس الفترة أصبحت تركيا من الدول العشرين الأغنى في العالم حيث تقدمت من المرتبة 111 إلى المرتبة 16 عالمياً ، وكان يحق لها أن تستضيف قمة مجموعة عشرين 20G  لمكانتها الاقتصادية ، ونموها السريع الذي يمثل إعجازاً حقيقياً يصعب تحقيقه في فترة زمنية لا تزيد عن 10 سنوات ، لكن الإرادة والعزيمة الصادقة وحسن التخطيط ساهم بشكل كبير في إبهار العالم بما وصلت اليه تركيا في صناعة النهضة الشاملة .. أيُ إرادة هذه !!!؟

شهد القطاع السياحي في تركيا نمواً ملحوظاً في الآونة الأخيرة فأصبحت مقصد  سياحي هام يجذب ملايين السياح من كافة أنحاء العالم سنوياً، وقد احتلت تركيا المرتبة السادسة في قائمة الدول السياحية الأشهر في العالم والمركز الرابع في أوروبا، ووفقاً للإحصائيات نرى أن أعداد السياح تضاعفت ما بين عامي 2001 ، حين استقبلت 10.400.000 سائح، وعام 2005 أصبح العدد 21.200.000 سائح، ومع ازدهار السياحة في تركيا بهذا الشكل ازدادت أعداد شركات الطيران التركية بشكل ملحوظ وتفاوتت فيما تقدمه من خدمات لمسارات داخلية وخارجية، وفئات أسعار ومزايا وهو ما ز14101768_10208233476053628_504544514_nاد من أجواء المنافسة التي تصب في النهاية لصالح السائح الذي يبحث عن أفضل الخدمات بأفضل الأسعار.

الخطوط التركية هي شركة طيران وطنية تركية ، فقد تم إنشاء “الإدارة الحكومية للخطوط الجوية” في تركيا منذ عام 1933، يقع مقرها الرئيسي في إسطنبول أكبر المدن التركية، وتتخذ من مطار أتاتورك الدولي مركزاً لعملياتها، وتقدم الخطوط التركية خدماتها لأكثر من 282 وجهة في أوروبا، آسيا، أفريقيا وأمريكا الشمالية ، وتربط رحلاتها بين أكثر من 30 مطار داخلي برحلات منتظمة ، وتعد الخطوط التركية عضواً في تحالف ستار العالمي       ، فمن خلال زيارتي لمقر الخطوط التركية الرئيسي ومراكز التدريب التابعة لها في مدينة اسطنبول ولقائلنا برئيس مجلس الإدارة السيد ( إلكر ايجي ) الذي أوضح لنا في لقائه الصحفي لأكثر من 100 صحفي جاؤوا من مختلف الدول العربية بان مطار إسطنبول الدولي الثالث سيكون اكبر مطار في العالم وسيتم افتتاحه في عام 2018 ، وان هناك خطط للوصول الى 100 مليون مسافر سنويا ، ثم الى 150 مليونا بعد ذلك ، مع وجود مطار أتاتورك الدولي الذي يعد أكبر مطار في أوروبا ويستقبل في اليوم الواحد 1260 طائرة فضلاً عن مطار صبيحة – الذي يستقبل 630 طائرة يومياَ .

واستعرض السيد إيجي في كلمة مطولة أجواء تركيا ليلة المحاولة الفاشلة ، وكيف ان الكيان الموازي تغلغل في مختلف مؤسسات الدولة، خصوصا الجيش والقضاء والتعليم، وامتدح انتفاضة الشعب في نصرة الديموقراطية وإفشال المحاولة. وانتقد مواقف دول غربية من إجراءات الحكومة التركية التالية لإفشال الانقلاب، لكنه في الوقت نفسه ركز علىAtaturk Airport 10 جهود الخطوط التركية في عدم الإخلال بحركة الطيران وخططها السريعة في التعامل مع الحدث وإعادة الحجز للمسافرين وضمان استمرار صلاحية تذاكر السفر حتى عودة المطار للعمل، وذكر ان الشركة تخطت المشاكل التي خلّفها الانقلاب الفاشل وأعمال الارهاب التي استهدفت المطارات وعددا من المدن التركية ، وأنه لدينا 50 ألف موظف في الخطوط التركية يعملون ليلاَ ونهاراَ لإظهار الروح العالية في القضاء على آثار الإرهاب والحركة الانقلابية الفاشلة ، وسوف تشارك الخطوط التركية في هذه الحوافز لطرح اسعار خاصة على تذاكر السفر لتشجيع الناس على العودة إلى تركيا. مواصلة النمو لكي تحافظ على مركزها في صدارة الناقلات الجوية.14081486_10208232796196632_1811146889_n

وكشف عن خطة شاملة تتضمن المزيد من الحوافز لحث الخليجيين والعرب على السفر وقضاء العطلات في تركيا، وانه لا تغيير في برامج رحلات الحج ، كما ان موسم الصيف ما زال في تحسن مستمر نظرا لعودة الاستقرار الى ربوع تركيا بالكامل وعودة السياح الروس مرة جديدة بعد الانفراج الكبير في العلاقات التركية ـ الروسية.

 

كما قمنا بعدها بزيارة أكاديمية الطيران وكيفية الإهتمام الكامل بالمسافر ، وتعرفنا على الخدمات والعناية الفائقة التي توليها الخطوط التركية لمنسوبيها سواء العاملين لديها أوعملائها معتمدة على الجودة النوعية في الخدمة المقدمة والتدريب المستمر لمقدمي الخدمات الأرضية والجوية ، ومن خلال منظومة التواصل المختلفة وبرنامج أميال المسافر وغيرها.

كما كنا من ضمن الفئة المختارة للدخول إلى قمرة القيادة والتعرف على أساسيات الطيران، ومعايشة تجربة حية للصعود فوق إسطنبول ورؤية معالمها من الطائرة على ارتفاع منخفض، استغرقت الجولة 15 دقيقة.

يصعب في هذه العجالة من الزيارة تناول كل مجالات التنمية التي تعيشها تركيا الإسلامية ، ولكني سأكتفي بما يغرسه الإنطباع الأولي للمسافر وهي الخطوط التركية المبهرة أيضاً ضمن منظومة النهضة الشاملة والنمو السريع كباقي القطاعات .وتستطيع الحكم على تطور وتقدم البلاد من خلال خطوطها من حيث الالتزام بالمواعيد وخدمات الحجز، والخدمات الجوية والأرضية، ووجهات السفر ونوعية الطائرات ، والتسهيلات التي تقدم للمسافر في المطارات التي تصل إليها رحلاتها .

فقد حطّمت الخطوط الجوية التركية رقمها القياسي السابق بوصول عدد الذين نقلتهم من14101848_10208232687793922_1438171029_n الركاب خلال عام 2015 إلى 61,2 مليون راكب، بزيادة %11,8 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2014  ، لقد سررت بما وصلت إليه الخطوط التركية من تطور ونمو متسارع ومكانة عالية حينما حصلت على المراكز الاولى في مجالات مختلفة من الخدمات حيث فازت بجائزة أفضل طيران في أوروبا للمرة السادسة ، وجائزة أفضل طيران جنوب أوروبا للمرة السابعة على التوالي، كما فازت الخطوط التركية بجائزة أفضل طعام في ردهة رجال الأعمال، وذلك بناء على استبيان” ستار العالمي ” كما فازت بأفضل مقاعد في الدرجة السياحية والمميزة .

ورغبة في التفوق في مجال الطيران وبحكم موقعها الاستراتيجي الذي يصل الشرق بالغرب بين أقصى شرق آسيا ، وآسيا الوسطى ، والشرق الأوسط ، وأفريقيا ، وأمريكا الشمالية و الجنوبية . تعتبر الخطوط التركية أن رفاهية وراحة وسلامة المسافر هي من اولويات اهتماماتها، ولذلك فهي تواجه على الساحة بقوة ، ولديها شبكة خطوط تصل لكل جزء من أصقاع الدنيا بأسطول ضخم من الطائرات الحديثة يزيد عن 301 طائرة ، وتعتبر من أكثر شركات الطيران نمواً في العالم .

فمن الصعب القدرة على السيطرة وبانسيابية ومهنية عالية لولا التنسيق والترتيب والتدريب والانفاق و14081079_10208232686473889_1050741947_nالدراسات من أجل تيسير وجدولة أكثر من 300 طائرة لأكثر من 48 محطة داخلية وأكثر من 231 دولية ، ناهيك عن الاستمرار في انشاء محطات جديدة تغطي الأدغال والمدن الداخلية في معظم بلدان العالم  ، وسيشهد نمو شبكة خطوط الناقلة تعزيزا آخر بإطلاق وجهات أميركية جديدة، مثل اطلانطا، ووجهات افريقية جديدة، وكذلك في انحاء أوروبا. والانطباع الذي لازال عالقاً في الذهن كان من خلال مقدم الخدمة ( الخطوط التركية ) فقد توقفت كثيرا أمام تلك القدرات ، وكيفية أدارة هذا الكم الهائل من العاملين والمسافرين ، والرحلات ، وجدولتها وتيسرها في مواعيدها  !!!.

إسطنبول

إسطنبول هي ثاني أكبر مدينة في العالم من حيث عدد السكان التي تتجاوز الثماني عشرة مليون ، ويُنظر إليها على أنها مركز تركيا الثقافي والاقتصادي والمالي. تغطي مساحة المدينة 39 مقاطعة تُشكل محافظة إسطنبول، تقع على مضيق البوسفور وتطوق المرفأ الطبيعي المعروف باسم “القرن الذهبي” الواقع في شمال غرب البلاد. تمتد المدينة على طول الجانب الأوروبي من مضيق البوسفور، المعروف باسم “تراقيا”، والجانب الآسيوي أو “الأناضول”، وبالتالي فإنها المدينة الوحيدة التي تقع بين قارتين في العالم .. وهي تفتح ذراعيها للسياح من كل بلد ، أولئك الباحثين عن الطبيعة والمناخ في أمن وأمان . تتميز إسطنبول بمناخها المعتدل ، غالبًا ما يكون الصيف بإسطنبول حارًا ومستويات الرطوبة مرتفعة، وتصل درجات الحرارة في شهريّ يوليو وأغسطس إلى حوالي 28 °مئوية. أما الشتاء فبارد ورطب وغالبًا ما تتساقط خلاله الثلوج، ويصل معدل درجات الحرارة في هذا الفصل إلى 5 °مئوية. وفي الربيع الخريف يعتدل الطقس وتتساقط بعض الأمطار المتفرقة، إلا أن المناخ في هذه الفترة يبقى غير مستقر بعض الشيئ نهاراَ، إذ من الممكن أن يتحول من بارد إلى دافئ بين يوم وآخر، أما الليالي فتكون باردة على الدوام إجمالاً.

لذا نود اليوم مرافقتكم في مسار سياحي كامل نسافر من خلاله إلى مدينة إسطنبول، ونجول في أروع الفنادق والمطاعم والفعاليات ونستكشف أجمل الخدمات والمعالم المتوفرة للسائح في إسطنبول. هيّا بنا نبدأ رحلتنا الساحرة…

طوال الطريق الى الفندق الواقع بالقسم الأوروبي بمنطقة تقسيم على ضفاف البسفور سجلت كاميراتنا، وأقلامنا جوانب المشهد في ساعات الصباح الأولى ليوم عمل جديد، عانينا فيه قليلا من «زحمة إسطنبول»، لكننا اندهشنا لهذا النشاط اللافت للأتراك وهم يسرعون الخطى إلى محطات المترو الضخم، ومحطات الحافلات المتعددة في مختلف شوارع المدينة فضلا عن آلاف السيارات الصغيرة التي تنساب الى الطرق الرئيسية.

لا نلاحظ أي متسكعا، ولا نلمح متثاقلا، الحركة الدؤوبة تأخذ بالعينين هنا وهناك، تلاحق التفاصيل فلا تقدر على الإحاطة بها وسط الأبنية الضخمة والفخمة ، والكاميرات الموضوعة على الشوراع لزيادة الأمن والأمان والشوارع المزينة النظيفة، والخضرة التي تغطي المدينة، وكأنها “هضبة” وسط أشجار باسقة مترامية الأغصان.

لا شَكّ بأن إسطنبول هي إحدى أكثر الوجهات السياحية المحبوبة لدى معظم سياح العالم كونها موقع مثالي للسفر. تحصر هذه المدينة نسيج خاص وفريد من نوعه يدمج بين تاريخ الحضارة العثمانية القديمة والكلاسيكية وبين واقع الشعب التركي الحديث ولا ننسى تأثير موقعها الفريد بين القارة الأوروبية والقارة الآسيوية، وأيضاً تأثرها من ثقافات البحر الأسود وبحر مرمرة الذاخرة بحضارة الشعوب المميزة … تم اختيار إسطنبول كعاصمة مشتركة للثقافة الأوروبية لعام 2010، وكانت معالمها التاريخية قد أضيفت قبل ذلك ، في عام 1985، إلى قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو ..

وخلال زيارتنا لإسطنبول مررنا ببعض المعالم المهمة هناك ، مثل شارع الاستقلال في منطقة تقسيم حيث ميدانها المشهور، وهو اشهر شارع في اسطنبول وربما تركيا ، يزوره يوميا قرابة ثلاثة ملايين شخص، ويضم مبان اثرية وبعض القنصليات الغربية ومحلات للملابس ومعارض ومكتبات وسينمات وملاهي ، ويخترقه مترو قديم منذ العهد العثماني ..

وقطعت الشوارع في سلاسة قبل أن تصل الى جسر البوسفور، حيث تلمسنا مواضع القصة على الجسر، ذلك الجسر الذي شهد جانبا مثيرا من قصة فشل الانقلاب، والذي تم تغيير اسمه الى جسر شهداء 15 يوليو حيث أقفله الانقلابيون ومنعوا المرور فيه، وتجسدت عليه أكبر مظاهر الانقلاب، لكن الأتراك واجهوا بصدورهم وسياراتهم الدبابات والمدرعات وكانت ملحمة مشهودة سجلتها الفضائيات والفيديوهات، وتضحيات أبناء تركيا.

مررنا ببقايا سور ( قلعة اسطنبول) الذي يقدر طولها بـ 22 كم ، وكان قد بنى في عام 1412م ايام الامبراطورية البيزنطية ويشهد حاليا أعمال ترميم .. ثم رأينا في ذلك اليوم حي اتاتورك وهي منطقة راقية ، بها فنادق ومولات لكن اسعار الشقق بها مرتفعة وتصل الى 2 مليون دولار ومع ذلك فليست الأغلى، لان الاغلى ما كان يطل على البسفور ، ثم كان لنا مرور بجوار المتحف الحربي حيث رأينا طائرات مقاتلة جاثمة تعرض في الهواء الطلق .. إلى إن انتهينا إلى البحر .

ثم إنطلقنا الى زيارة تلة العرائس ” تشامليجا ” أو ملتقى الأحبة حيث الطبيعة الساحرة والمناظر الخلابة في القسم الأسيوي من اسطنبول ، وهي مكان مرتفع ترى منه معظم المدينة ذات الاطلالات الجميلة على الممرات المائية في اسطنبول مثل جسر البوسفور وجسر الفاتح وجزر الأميرات وجزيرة امينونو وجبل أولوواغ ، ويغص بالزوار وسط أشجار الصنوبر والمقاهي والمطاعم ، ويمكن ان ترى في ذلك المكان العرائس بملابس الزفاف لأخذ الصور التذكارية لهن مع أزواجهن، فضلا عن إحتواء التلة على حدائق رائعة وغابات جميلة ومسارات للمشي وسط مهرجانات التوليب.

ثم كانت لنا جولة بحرية بين الجسرين الفاتح والبسفور في مياه مضيق البسفور زهاء الساعتين ، على متن يخت كبير شاهدنا معالم المدينة العريقة ، وعلى رأسها قصور السلاطين في الواجهة البحرية وقصر دولما بهجه، وقصر سيراجان، وقلعة روملي وصولا الى البحر الأسود، ثم العودة الى بحر مرمرة، هذا الجمال الساحر يتجسد بالفعل على شواطئ المدينة وجانبيها الآسيوي والأوروبي، وعبر الجسور التي تربطهما، ولا تتوقف الحركة في الليل أو النهار ويعج المضيق بالسفن الناقلة والشاحنة، والمراكب واليخوت وسط مياهه الزرقاء المبهجة.

ومضت ساعتا الرحلة سريعتين، ليحط الوفد رحاله في الجانب الآسيوي والمنطقة الأثرية العريقة،   لنقوم بجولة في ميدان السلطان أحمد والذي كان ميداناً لسباق الخيل ، وفيه جامع السلطان أحمد او الجامع الأزرق ، ويعد أشهر مساجد إسطنبول ويقابله متحف مسجد آيا صوفيا ، ويتميز الجامع بعمارته القديمة المميزة ، ولعله من أضخم المساجد في العالم الاسلامي،والمسلة المصرية والإيطالية والسوق المصري ، مع تناول الكفتة التركية الشهيرة في أحد المطاعم الشهيرة أيضا.

في اسطنبول يعز النوم ويحلو السهر حتى ساعات الصباح الأولى لمعاينة تلك المدينة التي لا تغفو فهي في صخب دائم، لكنه صخب ممزوج بالجمال والإثارة .

ثلاثة أيام في إسطنبول ربما لا تكفي للإحاطة بهذا الجزء من الحضارة، هنا اختلطت الحضارات التي تعاقبت على إسطنبول أو القسطنطينية قديما، فكل شبر وراءه حكاية وله دلالة ، هنا أرخى التاريخ سدوله فلا يمكن التحلص منه حتى في ظل المظاهر الحديثة التي تغلف المكان.

طرابزون

وبعدها انطلقنا عبر الخطوط التركية بالطائرة الى مدينة طرابزون لساعة ونصف ، وهي واحدة من أجمل مدن الشمال الشرقي لتركيا على ساحل البحر الاسود، وتشكل مركز محافظة طرابزون، وتقع على طريق الحرير التاريخي، وهي بوابة تجارية لإيران في جنوب شرق البلاد والقوقاز في الشمال الشرقي. يبلغ تعداد سكانها حوالي الربع مليون نسمة ، وفي سنة 1461 أو بعدها بقليل دخلت طرابزون على يد السلطان العثماني بايزيد الثاني ونصب ابنه سليماً  (السلطان سليم الأول) حاكماً (سنجق بك) على طرابزون، وهناك رزق سليم سنة 1495 بابنه سليمان الذي سيكون (السلطان سليمان القانوني) .وهي مدينة جميلة بأسواقها ومقاهيها ومطاعمها وميادينها ، والأكل المفضل في المناطق التي على البحر الأسود للمحافظة يكثر فيها الأسماك ومنها مطبخ طرابزون الذي يكثر فيها الملفوف والذرة . وكان لنا لقاء صحفي مع محافظ طرابزون ، الذي أكد لنا على ترحيبه الكبير بنا وبالسياح العرب وخصوصا من الخليج العربي ، موضحاً ان طرابزون تحظى بقوافل كثيرة من السياح ، وتعيش الأمن والامان .. وان بنيتها التحية مكنتها من ان تكون بيئة سياحية جاذبة وهناك تطور كبير وإهتمام من الحكومة لجذب المستثمر العربي وتقديم التسهيلات له للبناء والاستثمار الصحيح ليعود بالفائدة له وللمنطقة ، وكذلك هناك مشروع بناء مطار جديد في طرابزون  .

ومن بعدها انطلقنا لزيارة أوزنجول وهي قرية تركية تقع جنوب شرقي مدينة طرابزون شمال تركيا بنحو 100 كم على البحر الأسود يتخلله طريق رائع ومذهل من جمال المنظر على الجانبين  ، وقد اشتهرت خلال السنوات الأخيرة بجذبها السياحي ، حيث تتوفر فيها المطاعم والفنادق ومحلات بيع الهدايا ، كما وتشتهر القرية ببحيرة الصنوبر المحاطة بالجبال والمروج الخضراء، حيث تعتبر ذات جذب سياحي بامتياز ، حيث تشكل البحيرة وجوارها مكانًا مثاليًا للتخييم والسير على الأقدام والتجوال في الطبيعة النادرة. وعلى أطرافها توجد الموتيلات على شكل مبانى خشبية مميزة وبسيطة ونظيفة ، كما يؤجر أهالي القرية منازلهم أو غرفًا في المنازل بأسعار منخفضة، والكثيرون يوصون بالنزول لديهم حيث يتميز أهالي قرية أوزنجول بالطيبة والقرب من الناس ، حيث رأينا مئات من العائلات الخليجية هناك، وتتمتع أوزنجول بجبالها وأوديتها المحاطة بالجبال والمروج الخضراء ، إلى جانب ذلك هناك ساكن جميل آخر في هذه المنطقة الا وهو سمك السلمون النهري الذي يعيش في المياه الباردة الموجودة في المنطقة ، ويمكن مشاهدة مزارع وتربية الأسماك واختيار ما تريده منها ، والذي يجعل منه الطبق المفضل لدى السياح في أوقات الغداء والعشاء ، والذي يستمتعون به حيث يتحول إلى صحون شهية إلى جانب الأسماك الأخرى المنتشرة في المنطقة والمطاعم هناك تجعل منه أفضل مكان للأكل السمك ، كما أن المطاعم هناك تجعل من القرية من أشهر الأماكن المتخصصة في طهيه .

وكانت لنا ايضا زيارة الى بلدة سوميلا وهي من اهم المناطق الجذب السياحي بطرابزون ، التي تقع على ارتفاع 1200 متر عن سطح البحر في منطقة جبلية شديدة الارتفاع ، وبها شلالات ومقاهي ومطاعم وسط غابات تدعى غابات التاندير ، مما يجعلها من الأماكن السياحية المهمة في طرابزون وتركيا. يوجد فيها دير سوميلا الشهيرعلى سفح منحدر حاد مطل على وادي التاندير ، تم تأسيسه في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الاول سنة 386 م ، من طرف الراهبان اليونانيان برنابا وصفرنيوس المنحدران من منطقة كولشيد (جورجيا) ، حيث يحتوي على العديد من المصليات والمطابخ وغرف للدراسة وكنيسة روك ومأوى للزوار ومكتبة وعين مقدسة من طرف الروم الأرثوذكس وتوجد بالدير أيضاً قناة للمياه توفر المياه للري والتي تمتاز بأقواسها الرائعة التي تمت تهيئتها من جديد ، كما تمتاز منطقة الدير بمناظرها الطبيعية الخلابة والتي تشبه المناظر المتواجدة بجبال الألب ، والمنطقة استفادت من تواجدها بالحديقة الوطنية لتاندير لتستفيد من المناظر الطبيعية الخلابة والفريدة لجلب السياح العرب والأجانب من مختلف الجهات ، وجهة فريدة للاستمتاع بسحر الطبيعة وعراقة التاريخ  .

وأخيراَ وليس أخراَ …. ستة أيام ليست كافية لكن كانت ممتعة بحق في زيارتنا لإسطنبول وطرابزون حيث محدثنا التركي باللغة العربية يسهب في الحديث عن جمال طرابزون وقراها وما فيها من سحر يعجز اللسان عن وصفه وجوانب الإبداع الذي نشاهده ، مؤكدا من التجربة ولو لمرة واحدة أنها سوف تغير كثيرا من مفاهيمك ، وتتحول بقدرة قادر إلى صداقة ووجهة دائمة إلى هذا البلد الطيب…

للحديث بقية …

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى